Author

محاور «نطاقات» الـ 4 ونتائج التطبيق

|
استمرار 20 في المائة من منشآت القطاع الخاص في النطاق الأحمر وتوظيف 500 ألف سعودي وسعودية هما أهم النتائج التي حققها برنامج تحفيز المنشآت لتوطين الوظائف ''نطاقات''، حسب تصريح وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية أمس الأول، وذلك بعد مرور عامين من تطبيق البرنامج. وعلى الرغم من أهمية هذه النتائج من منظور توطين الوظائف، إلا أن ما يفوقها أهمية النظر إلى الجانب الآخر من المعادلة المنطقية المتمثلة في التغيّر في تركيبة الموارد البشرية في منشآت القطاع الخاص وكذلك التغيّر في معدل البطالة منذ انطلاق البرنامج حتى اليوم. نظرة شمولية تتساءل: هل سترتقي النتائج إلى تطلعات العملية التنموية السعودية في تطوير الكوادر الوطنية وتهيئتها للمساهمة بفاعلية في العملية التنموية السعودية؟ من الأهمية بمكان توضيح أربعة محاور تشكل في مجملها إطار الحديث عن نتائج ''نطاقات'' بعد مرور عامين من تطبيقه. المحور الأول تعريف الفرق بين مصطلح ''السعودة'' و''توطين الوظائف'' و''توطين الخبرات'' التي تظهر دائماً عند الحديث عن تطوير الكوادر الوطنية وتهيئتها ضمن العملية التنموية السعودية. يشير دليل مجلس القوى العاملة إلى أن مصطلح ''السعودة'' يعني قصر العمل على السعوديين، بينما يعني مصطلح ''توطين الوظائف'' استبدال العمالة الوافدة بعمالة سعودية وفق مراحل تدريجية ذات جوانب كمية من حيث العدد، ونوعية من حيث المهن والقطاعات. والمقصود بمصطلح ''توطين الخبرات'' التدرج في إكساب العمالة السعودية المعرفة الفنية من العمالة الوافدة عن طريق الاحتكاك والمسؤولية. تقودنا هذه المصطلحات للانتقال إلى المحور الثاني من محاور الحديث عن نتائج ''نطاقات''. تنقسم هذه المهام بشكل عام إلى أربعة أنواع متباينة الطبيعة والتأثير في مستقبل هذه المنشأة أو تلك. الأولى مهام ''القيادة'' وتضم مهام إدارة دفة المنشأة، كالتخطيط، والسياسات والتدقيق الداخلي. والثانية مهام ''التحكم'' وتضم مهام توجيه الموارد المالية وغير المالية للمنشأة، كالموارد البشرية والمالية والمخاطر. والثالثة مهام ''المبيعات'' وتضم مهام التمثيل الخارجي للمنشأة، كالمبيعات، وخدمة العملاء، وتطوير المنتجات. والرابعة مهام ''البنية التحتية'' وتضم مهام توفير البنية التحتية للمنشأة لتمكينها من أداء عملها، كتقنية المعلومات والعمليات والشؤون الإدارية. لا يمكن الحديث عن نتائج ''نطاقات'' دون الحديث عن المحور الثالث من محاور المقال، المتمثل في رؤية ''استراتيجية التوظيف السعودية'' وأهدافها الموافق عليها بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 260 وتاريخ 5/8/1430هـ، ونصت رؤية الاستراتيجية على ''توفير فرص عمل كافية من حيث العدد، وملائمة من حيث الأجر، تؤدي إلى توظيف كامل للموارد البشرية السعودية، وتحقق ميزة تنافسية للاقتصاد الوطني''. تهدف هذه الاستراتيجية إلى تحقيق ثلاثة أهداف مرحلية. الأول ''التوظيف الكامل لقوة العمل'' بحلول منتصف 2011 من خلال عشر سياسات و43 آلية. والثاني ''زيادة مستديمة في مساهمة الموارد البشرية الوطنية'' بحلول منتصف 2014 من خلال عشر سياسات و43 آلية. والثالث ''الارتقاء بإنتاجية العامل الوطني'' بحلول منتصف 2034 من خلال ست سياسات و16 آلية. ينساب سياق المقال إلى محوره الرابع، المتمثل في النظر في أهداف ''نطاقات'' ومعاييره المختلفة. يهدف ''نطاقات'' إلى تحقيق هدفين رئيسين. الأول استخدام معدلات توطين الوظائف كميزة تنافسية بين منشآت القطاع الخاص تؤهل المنشآت الملتزمة للحصول على حزمة من التسهيلات والمحفزات. والآخر خلق قدر من التوازن بين مميزات التوظيف للعامل الوافد والعامل السعودي من خلال رفع تكلفة الاحتفاظ بالعمالة الوافدة في المنشآت ذات معدلات التوطين المتدنية. صنّف ''نطاقات'' الأنشطة الاقتصادية في منشآت القطاع الخاص إلى 41 نشاطا مقسمة إلى خمسة أحجام ليصل الإجمالي إلى 205 شرائح، ثم حسب معدل نسبة التوطين في كل شريحة على حدة. كما صنّف منشآت القطاع الخاص إلى أربعة نطاقات ملونة، الأبيض للمنشآت ذات نسبة توطين مرتفعة جداً. والأخضر للمنشآت ذات نسبة توطين مرتفعة. والأصفر للمنشآت ذات نسبة توطين متوسطة. والأحمر للمنشآت ذات نسبة توطين منخفضة. وعلى الرغم من أن وزارة العمل لم تعلن عن النسبة الفيصل في التصنيف بين هذه النطاقات الأربعة عند إطلاق البرنامج، إلا أن الشواهد أكدّت استخدام ما يعرف بمنهجية ''المنحنى'' للتصنيف بين هذه النطاقات. وهذه المنهجية وضعت أوزانا قليلة للنطاقين الأبيض والأحمر ووزعت الأوزان الباقية على النطاقين الأخضر والأصفر معتمدة على أن الفيصل بينهما هو معدل نسبة التوطين في الشريحة الاقتصادية الواحدة. يقودنا سياق المقال إلى العودة إلى السؤال أعلاه: هل سترتقي نتائج ''نطاقات'' إلى تطلعات العملية التنموية السعودية في تطوير الكوادر الوطنية وتهيئتها للمساهمة بفاعلية في العملية التنموية السعودية؟ الإجابة من الأهمية أن تكون منطلقة من رؤية ''استراتيجية التوظيف السعودية'' وأهدافها ومعايير قياس أداء تنفيذها. حيث يتوقع أن تسهم نتائج ''نطاقات'' حتى اليوم بشكل رئيس في تحقيق الهدف الأول، ''التوظيف الكامل لقوة العمل''، وبشكل كمي ثانوي في تحقيق الهدف الثاني ''زيادة مستديمة في مساهمة الموارد البشرية الوطنية''، وبشكل معدوم النوعية في تحقيق الهدف الثالث، ''الارتقاء بإنتاجية العامل الوطني''. تدعونا مناسبة مرور سنتين على إطلاق ''نطاقات'' إلى التأكيد على أن تحقيق ميزة تنافسية في مجال الموارد البشرية الوطنية للاقتصاد الوطني لا يمكن تحقيقها بالاعتماد على الكم فقط دون النوع.
إنشرها