التوأمة بين الجامعات.. يا وزارة التعليم العالي
أن يكون لدينا 24 جامعة حكومية، فهذا مصدر فخر وسعادة لكل مواطن في هذا العهد الزاهر، ولكن أن تبقى الجامعات الجديدة ضعيفة إدارياً وعلمياً، وأن تتخلى عنها الجامعات السعودية المعروفة، فهذا سبب كتابة هذه المقالة الموجهة إلى الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي، الذي يدرك أهمية وفوائد ربط الجامعات الحديثة بجامعات عريقة تملك من المكانة العلمية والقدرة البحثية والتقاليد الأكاديمية الشيء الكثير.. وفي ظل توافر وسائل الاتصال الحديثة، فإن توأمة جامعاتنا الجديدة يمكن أن تكون أيضاً مع جامعات عالمية لديها المقومات التي أشرنا إليها.
ولعل من العجيب أن تؤمن جامعة الملك سعود "وهي أقدم جامعة سعودية" لنفسها برنامجاً أطلقت عليه "برنامج التوأمة العلمية العالمية"، حيث ترتبط مع الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية العالمية، لكنها تخلت عن الكليات التابعة لها في بعض المحافظات القريبة من الرياض وأحالتها إلى الجامعات الناشئة الجديدة التي لا تملك من الإمكانات المالية والإدارية والعلمية ما تستطيع أن تطور به كلياتها الموجودة داخل حرمها، ناهيك عن تلك البعيدة عنها، ولذا تراجعت الكليات التي ارتبطت بها بعد أن كانت قد استفادت من اسم وخبرة وإمكانات جامعة الملك سعود. هذا مجرد مثال عرفت تفاصيله وأسبابه ونتائج تطبيقه من قرب.. وهناك جامعات أخرى لم تحتضن الكليات والجامعات القريبة منها التي تحتاج إلى ما لدى هذه الجامعة من خبرات وتجارب وارتباط بالجامعات العالمية كي تحقق جامعاتنا الناشئة الريادة العلمية، مما ينعكس إيجاباً على مخرجات التعليم العالي التي يشتكي سوق العمل من ضعفها وعدم قدرتها على المنافسة في سوق مفتوحة لا مكان فيها لمن يحمل درجة مقبول ولا حتى جيد من جامعات غير معروفة.
وعودة إلى موضوع التوأمة مع الجامعات العالمية أقول إن وزارة التعليم هي التي يجب أن تضع برنامجاً متكاملاً لتحقيق التوأمة بين جامعاتنا الجديدة والجامعات السعودية العريقة أولاً، ثم الجامعات العالمية، وألا يترك ذلك لكل جامعة بشكل منفرد، فالجامعات السعودية الكبرى تريد التخلص من أعباء الارتباط مع الكيانات الناشئة، أما الجامعات العالمية فلن ترد على جامعة غير معروفة لترحب بالتعاون معها، وبذلك تظل تلك الجامعات الجديدة معاهد عادية جداً على الرغم من تسميتها "جامعة" ولن يتحقق لها - إذا ظلت على هذه الحال - الوصول إلى أهدافها في تطوير البرامج الأكاديمية والبحث العلمي وتبادل زيارات أعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا مع الجامعات المعروفة محلياً وعالمياً.
وأخيراً، وزير التعليم العالي هو من يستطيع بقرار منه إعادة ربط الكليات الموجودة في أماكن قريبة من الرياض بجامعة الملك سعود، لتعود لها قوتها الإدارية والعلمية، وربط الجامعات السعودية الناشئة عبر برنامج موحد للتوأمة مع جامعات عالمية، تديره وتشرف عليه مباشرة وزارة التعليم العالي التي تملك المعرفة التامة بالجامعات العالمية العريقة، من خلال تنفيذها بنجاح مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي لن يستمر إلى الأبد، ولذا نحتاج إلى تهيئة جامعاتنا وليس بعضها لتكون قادرة علمياً وأكاديمياً على إعطائنا المخرجات نفسها التي نحصل عليها من برنامج الابتعاث الخارجي.