إلى لحظة كتابة هذا المقال والمواطن والمقيم في حيرة من أمرهم، فما زالت وزارتا الداخلية والعمل لم تعلنا عن إجراءات التصحيح وقواعدها ولا نعلم إن كانت هذه القواعد تلبي احتياجات المواطن في تصحيح وضعه. خرج وزير العمل ووضح بعض السياسات، ولكن لم يجتمع برجال الأعمال في مؤتمر عاجل نحتاج إليه جميعا والمثل ينطبق على وزارة الداخلية. كل ما يسمعه الناس من الجوازات لم تصلنا أي تعليمات وأخاف أن التعليمات التي ستصلهم ستكون بعيدة عن متطلبات المواطن والوافد.
أسئلة كثيرة يتداولها الناس وكلٌ يدلي بدلوه. كيف ينعكس دور المكرمة الملكية إذا حُسبت من تاريخ إعلانها والوزارتان لم توضحا لنا التفاصيل؟
على الدولة أن تستفيد من فترة التصحيح لتساعد المواطن والمقيم المخالف في أن يصحح وضعه خصوصا أن مخالفتهم للأنظمة إنما هي نتيجة سنوات عديدة من إصدار التأشيرات لمن لا يستحقها ومنعها ممن يستحقها حسب رغبة موظف الاستقدام، حتى إن بعض المصانع المنتجة المعروفة كانت تأتي بموافقة وزارة الصناعة أو هيئة الاستثمار على عدد التأشيرات اللازمة لسير أعمالها أو توسعتها وموظف الاستقدام يساومك ويحدد لك نصفها أو أقل وكأن الجهات الحكومية المختصة لا رأي لها. ما يؤدي إلى الفساد واللف والدوران ثم إلى اضطرار الوافد لشراء تأشيرة عمل تحت أي مسمى وصاحب العمل إلى توظيف من ليس تحت كفالته لحاجته إليه. فهل الجهات المسؤولة اليوم تطالب الجميع بتصحيح أوضاعهم فورا؟
كم من بيت أو شركة لديها عمالة على كفالة الغير، فهل يمكنهم تصحيح أوضاعهم، خصوصا أن الجوازات ومهما صرحت، لا تستطيع إنجاز مئات الآلاف من المعاملات، ولا ألومها لأن هذه أيضا فترة ما قبل الإجازة وبعض موظفيها مشغولون بإصدار الجوازات والخروج والعودة للملايين وبعدها سيأتيهم معتمرو شهر رمضان، وفترة الحج والحجاج.
هل أخطأت الجوازات أو العمل في تقدير الملايين من المخالفين لنظام العمل والإقامة من وافدين ومواطنين؟ هل تريد الجهات الحكومية المعنية حل جميع المشاكل المتراكمة في ضربة واحدة؟
لا يمكن تجاهل صوت المواطن والمقيم في هذا التصحيح الذي كلنا كمسؤولين ومواطنين ووافدين نرغب فيه.
هذا مواطن أنعم الله عليه ويرغب في تصحيح وضع إقامة بعض العمالة المنزلية التي تعمل لديه وتحت كفالة غيره، اشتراها لحاجته لها ولعدم حصوله على التأشيرات التي طلبها ولديه عدة بيوت في مدن مختلفة في المملكة، فلماذا لا توضع لهم رسوم لمعاقبتهم، ولكن لا يمنعون من تصحيح أوضاعهم، فقد أوضحت الجوازات للمخالف أن لديه ما يكفي حسب النظام، لهذا لا يمكن الإضافة إليه! هل عليه البحث عن وسيط أم يبقى مخالفا؟ عسى أن ينجو من غرامة الـ 100 ألف ريـال؟
إن قرار الجوازات والعمل بجعل تجديد الإقامة سنويا وضع الوافدين في مأزق، خصوصا لمن لديهم أبناء يدرسون خارج المملكة. إنهم اضطروا لدفع الغالي والنفيس لإحضارهم لتجديد الإقامة مع فوات بعض الفترات الدراسية عليهم وتحمل تكلفة السفر. ألا يسمح لأبناء الوافدين من الطلبة بجعل إقامتهم سنتين أو حتى ثلاث سنوات ما داموا على مقاعد الدراسة سواء كانوا خارج المملكة أو داخلها؟
إننا لن نستغني عن الوافدين مثلنا مثل بقية دول العالم. المهم ألا نسمح لهم بالعمل في التجارة أو غيرها أو نفرض عليهم ضريبة ونسمح لهم بالعمل فقط في المجالات التي يحتاج إليها البلد كالعمل المهني مثل السباكة والميكانيكا وغيرهما من المهن وتكون كفالتهم على منشأة عامة أو الوزارة.
وزير العمل أعلن أكثر من مرة أن تغيير المهن مسموح به ولكن الجوازات تشترط التصديق على الشهادات وغيرها، مع أن شهادة الكفيل الذي يُشغل أو سيشغل العامل في منشأته يجب أن تكون كافية في هذه الفترة ولا دخل للجوازات بها، وعلى وزارة العمل القيام بما تراه عند تجديد رخصة العمل لاحقا، وهذا من اختصاصها فقط. لا تضيعوا على الوطن فرصة التصحيح فنحن في حاجة إلى هذا التصحيح.
هل مَن تخلف عن الزيارة أو الحج أو العمرة يمكنه أن يصحح وضعه أم لا؟ وإن كان لا، فلماذا؟ هل من هرب من كفيله وعمل مخالفا لدى الغير يمكنه أن يصحح وضعه أم لا؟ وإن كان لا، فمن سيقوم بأداء عمله لدى صاحب العمل سواء في المنزل أو المنشآت؟ أم نشل حياتنا؟! ماذا لو لم تستطع محطات البنزين تصحيح أوضاعها، هل سنشل حركة السير أم نقف طوابير بالساعات لتعبئة السيارة كما نقف بالساعات أحيانا للحصول على وايت ماء؟ أين مجلس الغرف والغرف التجارية، ألا يعلمون أن بعض المصانع والشركات الوطنية خسرت أكثر من 25 في المائة من مبيعاتها في نيسان (أبريل)، وذلك لأسباب عدة منها عدم وجود عمالة نظامية كافية لتفريغ البضائع لدى تجار الجملة أو الشركات أو السوبر ماركت حتى إن بعض الشاحنات وقفت أكثر من عشرة أيام تنتظر التفريغ. ألا يعلمون أن كثيرا من تجار الجملة توقفوا عن الشراء لأن زبائنهم هم من المحال الصغيرة في كل شارع التي يشتري منها المواطن والمقيم على الحساب ويسددهم آخر الشهر؟!
إن شهر رمضان الكريم قادم وكثير من البضائع الخاصة برمضان تباع في شهري رجب وشعبان فمن سيغطي هذا النقص أم سترتفع الأسعار لقلة الموجود ونلوم التاجر والصانع ووزارة التجارة والصناعة؟
إننا في حاجة إلى حوار مفتوح مع وزارتي الداخلية والعمل حتى لا نقع في أزمة تكدر على المواطن حياته، وأنا متأكد أن وزيري الداخلية والعمل يستشعران رغبة المواطن والمقيم وسيجدان الحلول اللازمة لهما.
م. حسين حسن أبو داود
رجل أعمال
