أحمد السليطي شخصية مثيرة للجدل منذ أن تولى إدارة المنتخبات القطرية في حقبة زمنية مضت، كان الصوت أو الشخصية التي سلط عليها الإعلام الأضواء في الصحافة الخليجية، وسواء نتفق أو نختلف معه في كثير من مناوشاته الإعلامية أو حتى زلاته. عندما ودع المجال الرياضي قيل إنه سيختفي عن الأنظار، ولكنه عاد من البوابة الأكثر اتساعا للأضواء ليرأس تحرير صحيفة "الوطن" القطرية، الكل راهن على سقوطه، ولكنه سبح عكس التيار الصحافي في قطر، دخل في صدامات مع بعض الوزارات، لم يكتف بذلك بل نقل صداماته إلى الكويت عندما تبنى قضية شاب قطري سجين بتهمة دهسه لمواطن كويتي بالسيارة. ولأنه ترك الكثير من الأسئلة والاستفهامات بعد رحيله عن "الوطن" اتصلت به عصرا وكان رده سريعا، ومن خلال حديثه، شعرت أنه في فترة استرخاء، طلبت إليه أن نخوض في تفاصيل الاستقالة أو الإقالة، والدخول في محاور تتعلق بالشأن الإعلامي، طلب مني تأجيل الحوار إلى ما بعد صلاة المغرب.
كان يفتخر بأنه سباق لطرح قضايا جوهرية في الصحافة القطرية لم تكن مطروقة قبله، وأنه ساهم في إيصال الرأي العام لأصحاب القرار، وعلى أثر ذلك تجاوبت جهات معنية بتعديل بعض الأنظمة والقوانين، والاهتمام بالجوانب الخدمية. لم ألمس عليه التأثر بالخروج من عالم الصحافة، ولكنه ألمح لي أن الخيار ما زال مفتوحا أمامه للعودة مجددا، وإن كان الجانب الإداري هو المجال الذي يميل له أكثر، فخرجنا منه بتلك الحصيلة من الحديث معه في هذا الحوار:
هل كان خروجك من "الوطن" إقالة أم استقالة؟
كان ذلك واضحا من إعلان الخبر بأنه استقالة. وما الأسباب التي دعتك لتقديم الاستقالة في هذا الوقت؟
أمور خاصة وقلت في حسابي إنها لأسباب مهنية. لكن تواترت أنباء أن الاستقالة جاءت على خلفية تصادمك مع وزراء وشخصيات لها مكانتها؟
حدد لي الشخصيات، لا أريد أن أتحدث عن عموميات أتمنى أن تذكر الأسماء.
في مقدمتها مناوشاتك مع وزير التعليم القطري ووكيله؟
هذا يتعلق بجوانب مهنية، ومنذ سنة ونصف تقريبا، وكل ما تناولته في مقالاتي عن الوزارة، لم يأخذ الطابع الشخصي حتى تربط استقالتي بذلك.
تردد أن هجومك الشخصي على الشيخ أحمد الفهد أخيرا ربما كان القشة التي قصمت ظهر البعير؟
بالعكس، وأحمد الفهد شخص صديق وعزيز، ولكنه لا يحظى بالمكانة التي تجعله يستطيع إزاحتي عن منصبي.
لكنها التراكمات التي هيأت لإقالتك .. ومنها أيضا تبني "الوطن" قضية المواطن الذي دهس مواطنا كويتيا، وهو ما أثار الإعلام والشعب الكويتي عليك.. فما تعليقك؟
هذه نقطة في بحر عما تتناوله الصحف الكويتية عن قطر، ونحن تبنينا موقفا توضيحيا لا أكثر ولا أقل، وليس دفاعا عن المواطن القطري؛ لأن هناك قضاء كويتيا نزيها ينظر في القضية، ولم يكن تبني القضية من جانبنا تحاملا على رأي عام أو شخصيات كويتية، ولكن القضية باختصار أن "مواطنا قطريا" وقع عليه ضغط إعلامي غير مبرر، وجيرت القضية لصالح تهييج الرأي العام الكويتي ضد القطريين إلى أن وصل الأمر إلى المساس بالشرف والأخلاقيات، ولذلك قمنا بدورنا كصحيفة قطرية لتوضيح الحقائق ورفع الضغط الإعلامي، ودورنا لم يكن موجها ضد أحد بقدر ما هو في إطار القضية، وبيَّنا في محاولاتنا وجهودنا لتوضيح القضية للرأي العام أن السجين القطري إذا كان مخطئا فإن القضاء سيحسم الموضوع، لكن لا تجير القضية للإساءة ضد الشعب القطري وأخلاقياته، وهذا غير مقبول.
لكن أطروحات "الوطن" هي التي استفزت الكويتيين؟
بالعكس كانت أطروحاتنا واضحة ومباشرة، وتحققنا من القضية بعد أن زرنا المواطن القطري، وزرنا مسلم البراك وتأكدنا من حقيقة الموضوع، واكتشفنا أن ما يقال في بعض وسائل الإعلام هو تزوير للحقائق، وكانت لي مداخلة في قناة "الوطن" الكويتية، وبينت تضارب الآراء والأمور فيما يتعلق بأخلاقيات المواطن، أو ما أثير هناك حول تطاوله على شرف الكويتيات أو شيء من هذا القبيل، ولم يكن هناك أي تطاول، وإنما كان ادعاء ضده، وأثبتنا أنه ادعاء، ولم نحاول إثبات براءته من عدمها؛ لأنه يخضع للقضاء الكويتي، وكان دورنا دحض الادعاءات غير الصحيحة التي كانت تتكلم في شرف وأخلاقيات مواطن قطري سجين في دولة شقيقة. ما المبرر لذهابك شخصيا إلى الكويت وأنت "رئيس التحرير" وكان الأَوْلَى تكليف محرر أو مسؤول آخر في الصحيفة؟
هناك قطري مرمي في السجن، ويقع تحت طائلة ضغط إعلامي، فوجدت أنه من باب أولى لي كرئيس تحرير أن أتبنى القضية في توضيح الحقائق، والكويت بلدي مثل ما السعودية بلدي أذهب إليها وأعود منها في أي وقت وأكثر من مرة وهذه طبيعة عملي.
فسر ذلك بأنك كنت تريد أن تلعب دور البطل في القضية؟
كلام مردود عليه؛ لأنه ليس لي فضل في هذا الأمر، وإذا ذهبت للدفاع عن مواطن لأفضل لي في هذا الموضوع وطبيعة عملي ووطنيتي تحتم علي القيام بمثل هذا الدور، لأنه ابن بلدي في نهاية الأمر.
هل الزيارة كسرت حاجز المناوشات بينك وبين الكويتيين؟
لا يوجد حاجز، وزرت الكويت بعد ذلك.
يؤخذ عليك كقيادي إعلامي قطري الحرص على الالتقاء برموز المعارضة في الكويت، مما فسر ميلك للمعارضة الكويتية وهم الذين احتفوا بك خلال الزيارة؟
زيارتي للبراك كانت معلنة في صحف قطر والكويت، وكانت للوقوف على رؤية واستشعار المواطن الكويتي، لما تعرض له المواطن القطري لا أكثر ولا أقل، وما ينقل أو نقل بعد ذلك هو تفسير الآخرين للزيارة. ولو كانت هناك زيارات خاصة أو تأييد خاص للمعارضة أو الحكومة، فلا أتصور أن الإجراء سيكون بهذه السذاجة، وفي حضور زملائي وأصدقاء من رجال الإعلام من الطرف الآخر، وكانت الصحافة الكويتية والقطرية تتصدران مجلس مسلم البراك.
هل كان هناك تدخل حكومي لوقف المهاترات بين الإعلام الكويتي والقطري وخاصة جريدة "الوطن"؟
لا أعتقد أنها كانت مهاترات بين الجانبين، بل كان هناك فعل، وفي بعض الحالات كان رد فعل من جانب الإعلام القطري، وليس كل ما يقال في الكويت يرد عليه من جانب الإعلام القطري، وما قيل أو سيقال في الإعلام الكويتي كثير، ونحن نعرف أن الحكومة الكويتية لا تتدخل في الإعلام، وهذا الوضع ينسحب على دول الخليج حسبما يعلن، ولكن في نهاية المطاف ما يكتب عن قطر في الإعلام الكويتي لن يقف في يوم من الأيام؛ لأن هذه آراء، ومن حق أي شخص أن يبدي رأيه عن قطر أو غيرها، ولكن الأفضل أن يكون هناك تقبُّل لردود الأفعال، وهذا أمر طبيعي، وقد يكون الطرف الآخر يترفع أحيانا عن أن تكون له ردة فعل على الأقل، ولكن إذا استمر الوضع فإنه في يوم من الأيام لا بد أن تحدث ردة فعل.
لماذا "الوطن" هي الصحيفة القطرية التي تكاد تكون الوحيدة التي تبنت هذه القضية؟
استشعرنا في "الوطن" أن هذا واجب علينا، والآخرون عندما وجدوا أن الوطن تبنت القضية، ومن الجانب المهني فضلوا ألا يقحموا أنفسهم في القضية، ولكن الكل تعاطف مع القضية، وأطروحات "الوطن" في هذا الشأن، وأعتقد أن التعاطف جزء من المشاركة.
واضح أنك نقلت صداماتك من الرياضة إلى الوسط الإعلامي السياسي؟ قد تكون هذه شخصيتي، سواء كنت أعمل في الرياضة أم السياسة أم أي مجال آخر. لكن صداماتك انعكست على خط "الوطن" التحريري عندما توليت رئاسة التحرير؟
هي ليست صدامات، بل أعتبرها جرأة، وعلى سبيل المثال كان في منظور الناس في السابق أن بعض الموضوعات أو القضايا غير قابلة للطرح، ولكننا طرحناها في "الوطن" وبكل جرأة، وهناك حدود تعديناها وسافرنا للخارج للبحث عن حقيقة معينة في دولة شقيقة مثل الكويت مثلا، ولربما يراها البعض أن ذلك ليس من نهج الإعلام، أو نوع من التصادم أو الجرأة أو الإثارة، ولكن أنا شخصيا أجدها أمرا طبيعيا، وهي إملاءات العمل والواجب.
بقدرة قادر انتقلت من مدير منتخبات إلى رئاسة التحرير.. ما تفاصيل وصولك لرئاسة التحرير؟
لم تكن خطوة مباشرة، وكانت الفترة الفاصلة بين منصب رئاسة التحرير وخروجي من لجنة المنتخبات القطرية نحو ثلاث سنوات ونصف، كنت خلالها أكتب عمودا أسبوعيا في صحيفة "الوطن"، وكانت الآراء التي أطرحها يصفها المتلقي بالجرأة، أو أنها مثيرة للجدل، وهو ما لفت الأنظار لي كما كنت في القطاع الرياضي، وأعتقد أن الجرأة في طرح القضايا عامل مساعد للعمل في قطاع الإعلام. ولا أخفيك أن رئاسة التحرير كانت آخر منصب عرض عليَّ، حيث تلقيت عدة عروض إعلامية قبلها، ومنها منصب مدير قسم المحليات، ومنصب نائب رئيس تحرير لصحف مختلفة، ورفضت هذه المناصب لأنني غير مقتنع بهذه المناصب، وكنت لا أتخيل نفسي أن أكون عاملا في الصحافة، بل مشاركا في طرح رأي أسبوعي، ولكن عندما رشحت لرئاسة التحرير، كانت هناك تجربة لمدة ستة أشهر، ولكنها استمرت إلى نحو ست سنوات ونصف. وما العيب الذي تراه أن تكون عاملا في الصحافة في السابق؟
في ذلك الوقت، أجد نفسي غريبًا على الصحافة، كوني أحمل مؤهلا علميا في الإدارة والاقتصاد، وكنت أعمل في إدارة المنتخبات لكرة القدم، ولست مؤهلا من الناحية الأكاديمية، ولكن بعد التجربة وجدت أن المسألة تحتاج إلى موهبة، وسافرت إلى أمريكا وخضعت لدورة تدريبية أكاديمية في الإعلام في جامعة نورث ويسترن، وبعدها عدت لممارسة عملي، واكتشفت مع الوقت أن الموهبة، إضافة إلى كوني شخصا مثيرا للجدل وجريئا من العوامل المطلوبة للنجاح في الصحافة.
هل قبلت منصب رئاسة التحرير في البداية من باب "البرستيج" دون مراعاة للجانب المهني؟
لا، إطلاقا، لا أبحث عن البرستيج؛ لأن لي حضوري الإعلامي سواء من خلال وجودي في إدارة المنتخبات، أو حتى من خلال كتابة المقال أسبوعيا، ولست في حاجة إلى "برستيج" آخر.
كيف وجدت الصحافة؟
عمل شاق ولكنه ممتع، وهو مسؤولية أيضا أن تكون مسؤولا عن تكوين الرأي العام، وتكون صاحب مبادرة، بجانب المتابعة والمراقبة اليومية. ولكن مهما كان العمل في الصحافة، فإنك لن ترضي كل الناس، ومسك العصا من الوسط صعب المنال في الصحافة، إلا إذا ارتضيت أن تكون كذلك.
ماذا قدمت للوطن والصحافة القطرية؟ قدمت ست سنوات ونصفا كانت تجربة ثرية جدا، وأتمنى أنني أضفت ما هو إيجابي، ولكن على المستوى المهني أعتقد أن بعض الأطروحات في الوطن لم تكن مسبوقة، وقد تكون علامة فارقة في يوم من الأيام في الصحافة القطرية.
مثل ماذا؟
مثل الأطروحات التي أتناولها في مقالي، وكان الكل يقول إن مستوى الطرح غير مسبوق وجريء، وليس هذا رأيي الشخصي، وقد طرحنا أكثر من قضية للنقاش مثل قضية التعليم، وقضية الاحتكار الحكومي، وبعض السلع والخدمات وقضايا الشركات والمطالبة بالتعديلات على بعض القوانين، بجانب النقد البناء لوزارات أو وزراء، ومثل هذه الأطروحات لم تكن تُمارَس بشكل واضح في الصحافة القطرية سابقا، وأتمنى أن تكون إضافة حقيقية.
هل غَيَّرتْ أطروحاتك بعض الجوانب والقوانين الحكومية التي انتقدتها؟
نعم، وجدنا التجاوب من بعض القطاعات الخاصة أو الحكومية، وتغيرت كثير من القوانين، وقرارات تم اتخاذها تأييدا لما طرحناه في "الوطن"، نحن نوصل الرأي لأصحاب القرار، ولكن لا نقول نحن ساهمنا في التغيير؛ لأن الهدف هو التغيير نفسه وليس مَنْ الذي غَيَّر.
العلاقات بين دول مجلس التعاون تحكمها خطوط حمراء فيما يتعلق بالجانب الإعلامي.. هل تعتقد أن الصحافة القطرية ملتزمة بهذه الخطوط؟ الخطوط الحمراء متغيرة من زمن إلى آخر، والسياسة لا يوجد فيها عدو دائم ولا صديق دائم، هذا الأمر ينسحب على كل القطاعات، وما هو خط أحمر لدى الآخر يعتبر بالنسبة لي أمرا طبيعيا، والعكس، وخط أحمر في السابق قد يصبح أمرا طبيعيا اليوم والعكس صحيح أيضا، وشخصيا لست مقتنعا بوضع بعض الخطوط الحمراء تلك، وبالنسبة لي فإن الدين والسياسة العامة للدولة هما الخط الأحمر.
هناك من يصف الإعلام القطري بأنه تجاوز أحيانا الخطوط الحمراء التي تمس علاقات دول الخليج.. هل هذا صحيح؟
بحكم أنني قطري ومتابع وعامل في الإعلام القطري، فهو عادة لا يكون إعلاما مهاجما، بل هو إعلام مدافع عن سمعة الدولة والشعب، ولا أذكر أن الإعلام القطري تهجم في يوم من الأيام على دولة شقيقة، أو قام بممارسة تجاوزات ضد أي دولة شقيقة أو صديقة، وإذا وجدت الإعلام القطري ركز على قضية معينة، فتأكد أن ذلك ردة فعل لا غير.
هل تقصد أن ردة الفعل أحيانا تكون لقضايا سياسية قد تكون غير معلنة بين الدول، بل لخلافات من خلف الكواليس؟ نحن كإعلام قد نقرأها من جانب تحليلي، وهو ما يعكس ما وراء الخبر أو الرأي لتصنع رأيا عاما للمجتمع، وقد يكون بعض التراشق الإعلامي الذي يأتي من الخارج مفهوما ومعروفة دوافعه، وكيف يدار أو من هو المحرك له، عندها تجد هناك ردود فعل طبيعية، وأحيانا يتم تجاوزها لاعتبارات معينة.
لكن بعض الحكومات توجه إعلامها لتبني قضايا معينة؟
لا توجد حكومة في العالم لا تملك إعلاما خاصا بها، سواء في شكل حزب أو نظام، ولها ممارسات إعلامية كما لها معارضة إعلامية، ولكن في دول الخليج بقيادتها وأنظمتها يعتقد البعض أن الشأن الإعلامي تحت سيطرتها، وعند أي ردة فعل من الإعلام أو حراك طبيعي يفسر تلقائيا أنه توجيه من الحكومة، وأرى أن هذا قصور في التحليل؛ لأنه ليس كل ما يطرح موجها، وأعني الإعلام الخليجي ككل.
وكيف ترى واقع الإعلام الخليجي بصفة عامة والقطري خاصة؟
الإعلام الخليجي في تطور ملحوظ في الطرح، ولكن في بعض الحالات يكون هناك تجاوز غير مرغوب فيه، وخصوصا فيما يتعلق بالنشاطات الخليجية، أما الإعلام القطري بصفة خاصة فهو أفضل من السابق، ويشهد مراحل تطويرية من مرحلة إلى أخرى، ولكن الإعلام الخليجي محكوم في نهاية المطاف بمدى فكر وفهم المجتمع نفسه، فهناك مجتمعات محافظة لا تقبل النقد المفتوح، ومجتمعات مفتوحة تقبل ما يكتب، والمجتمع القطري مثالا مجتمع محافظ، ولا يقبل النقد المفتوح على مصراعيه؛ لأن الالتزام الأدبي علي كمسؤول إعلامي أكثر بكثير من الالتزام القانوني في بعض الأطروحات؛ لأن حماية ثقافة المجتمع وحدوده وفكره أمر ملزم علينا في مستوى الطرح؛ لأنني جزء من هذا المجتمع وثقافته، ويجب علينا في أي حوار عام أن نراعي هذه الحدود التي صنعها المجتمع لنفسه.
وبالنسبة لي أن تتم محاكمتي على مقال فيه تجاوز لفظي أفضل من أن ينبذني المجتمع لأنني جرحت أخلاقياته أو خدشت حياءه.
الإعلام القطري غير متناغم مع نظيره في دول الخليج في كثير من قضايا دول مجلس التعاون الخليجي؟
المشكلة هي أن كثيرا من الأطروحات الخليجية تجدها تتعلق أو توصف بأن تكون شأنا داخليا للكويت أو الإمارات أو السعودية، وإذا عرضت القضية في النقاش العام يظن الطرف الآخر أنها تدخُّل في شؤونه الداخلية، وأتصور أن الابتعاد عن القضايا الخليجية الحساسة أفضل من الخوض فيها؛ لأن أهل مكة أدرى بشعابها، إلا إذا كانت القضية تخص الكل على المستوى نفسه مثل القضايا المشتركة في دول مجلس التعاون أو السيناريوهات من هذا القبيل، وفي نهاية المطاف كلنا بيت واحد، وتدخل إعلام آخر قد يكون مصدر إزعاج، وهناك آخرون في الإعلام الخليجي لا يرون في ذلك حرجا، ويتجاوزون هذه الحدود ويخوضون في شأن دول أخرى، وعندما تكون ردود أفعال قوية تظهر المناداة بأن هذا شأن داخلي. ما موقف الإعلام القطري من أحداث البحرين؟ أي موقف! لم يكن للإعلام القطري دور واضح .. بل إن قناة "الجزيرة" أنتجت فيلما اعتبره البحرينيون مسيئا لهم؟
"الجزيرة" لا تمثل الإعلام القطري، والصحافة القطرية هي التي تمثل رأي القطريين، وتصنع الرأي العام، بينما "الجزيرة" لها خطها الإقليمي والدولي، ولا تمثل الحكومة القطرية أيضا، وهذا الأمر تم البت فيه مرارا وتكرارا، ولكن المشكلة أنه عندما تطرح "الجزيرة" قضية أو رأيا معينا يكون رد الفعل على الإعلام، وهذا غير صحيح وغير مقبول، ومن يريد أن ينتقد "الجزيرة" يوجه انتقاده لها مباشرة؛ لأن ما تتناوله لا يخصنا، بل يخص سياستها الإعلامية، وما ينسحب على رأي "الجزيرة" لا ينسحب على الإعلام القطري، ومن يرى خلاف ذلك أعتقد أنه رأي جانَبَهُ الصواب.
هل تنزعجون كقطريين مما تطرحه "الجزيرة" أحيانا؟ نعم، تسبب لنا إزعاجا أحيانا؛ لأن ما تطرحه "الجزيرة" يعتبره البعض أحيانا رأيا قطريا، وهو مصدر إزعاج لنا على المستوى الشخصي أو العام، وما زال هناك رأي ناقص لدى البعض ممن يخلطون بين آراء وتوجهات "الجزيرة"، وبين رأي الإعلام القطري وخصوصا الصحافة القطرية، وعلى الرغم من توضيح ذلك فما زالت هناك قناعات ترسخت لدى البعض، وهو ما يزعجنا بالفعل.
يؤخذ على الإعلام القطري أن مسيريه غير قطريين؟
رأسى الهرم في كل الصحف قطريون، والتسيير يأتي من الهرم.
لكن هناك إقبال ضعيف من الشباب القطري على العمل في مهنة الصحافة؟
بالعكس هناك تأهيل للصحفيين القطريين، وشخصيا خضعت لتأهيل وتدريب، وهناك دورات تدريبية يقدمها مركز "الجزيرة للتدريب" مجانا للقطريين، ودورات في الخارج لعدة أشهر.
لكن الإقبال على المهنة الصحافية ضعيف؟
نحن دولة صغيرة في حجمها السكاني، والصحافة مهنة متعبة، ووجود هذا الكم من المقيمين العرب هو إضافة، كما أنه وجود حتمي للتركيبة السكانية، ولكن الفرص والدورات متوافرة، والشباب أمامهم خيارات وظيفية أكثر في القطاع الحكومي أو الخاص، ولكن الذين يعملون في الصحافة ينطلقون من عشق مهني جعلهم يتركون الفرص الوظيفية الأخرى.
كيف ترى خلفك محمد المري رئيس التحرير الحالي؟
وجودة طبيعي؛ لأنه ابن الصحافة، ومن أكفأ الصحافيين القطريين، وهو أول مدير تحرير قطري، وليس غريبا أن تسند إليه رئاسة التحرير؛ لأنه الرجل المناسب في المكان المناسب، وبوجوده ووجود مجموعة من الشباب القطري فإن الوطن في أياد أمينة.
هل أعددته أو أعددت قياديين في "الوطن" خلال فترة رئاستك؟
أنا خلقت الفرص، ومحمد كان رئيس قسم، ولكفاءته تم تعيينه مدير تحرير، ومحمد المري هو صاحب الفضل على نفسه، وكذلك عبد الرحمن القحطاني نائب مدير التحرير، وعبد الله المهندي رئيس قسم المحليات والقيادات في "الوطن"، قطريون وهم صمام الأمان.
هل لك دور في تطوير القسم الرياضي بحكم أنك رياضي؟
إن القسم الرياضي في "الوطن" كان وما زال أفضل الأقسام الرياضية في الصحافة القطرية وأفضل الأقسام العاملة، وحصل على جوائز كأفضل ملحق لخمس سنوات متواصلة وجوائز عربية وخليجية وجوائز أوسكار الإعلام الرياضي، وكان محمد المري هو من قام بالمهمة، وبعده فهد العمادي الذي حافظ على هذا الأداء.
ما اتجاهك بعد الاستقالة؟
حاليا فضلت أن أخضع لفترة راحة الآن، وأعيد ترتيبي للمهام الجديدة، وقد تكون في الإعلام أو قطاع آخر بحكم تخصصي في الإدارة، وهو تخصص "جنيه ذهب"يصرف في كل مكان.
هل ستعود للإدارة في المجال الرياضي؟ من باب الرغبة إذا وجدت الفرصة فلن أرفض، ولكن لا يوجد هناك أمر بهذا الخصوص إطلاقا، وفي الإدارة أستطيع أن أُغيِّر وأعمل في أي مجال.
عودا لما طرحته عليك في سؤال البداية.. بصراحة أن ما يتردد أنه تمت إقالتك وليست استقالة؟
أنا دخلت الوسط الإعلامي بإثارة وخرجت بإثارة، عندما دخلت، الكل استغرب دخولي، ولما خرجت، الكل استغرب خروجي. ودعهم يقولوا ما يشاؤون.
