Author

الجمهور ينتظر التشهير بمجلس الإدارة

|
على الرغم مما شهده مستوى الإفصاح والشفافية في الشركات المساهمة من تحسن ملحوظ خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أن إتاحة المعلومات الواجب الإفصاح عنها للجمهور عبر القنوات العامة ما زال دون المستوى المأمول. وهذا المستوى المأمول ليس مصدره الأماني الشخصية ولا التطلعات المجتمعية، إنما مصدره لوائح الإفصاح والشفافية المعمول بها في الأجهزة الرقابية والنظامية المشرفة على نشاط الشركات المساهمة، التي تأتي في مقدمتها وزارة التجارة والصناعة وهيئة السوق المالية السعودية. هذه خلاصة دراسة صدرت العام الماضي عن معهد مجلس الإدارة الخليجي هدفت إلى تقييم أداء مجالس إدارات الشركات المساهمة الخليجية. شملت عينة الدراسة 200 شركة مساهمة مدرجة في الأسواق المالية الخليجية، معظمها شركات سعودية بنسبة 47 في المائة، وإماراتية بنسبة 21 في المائة، وكويتية بنسبة 13 في المائة، وقطرية بنسبة 9.5 في المائة، وعمانية بنسبة 6 في المائة، وأخيراً 3.5 في المائة شركات بحرينية. اعتمدت الدراسة للوصول إلى خلاصتها على تقييم مستويات الإفصاح والشفافية في التقارير السنوية والمواقع الإلكترونية لهذه الشركات الـ200. اتبعت عملية التقييم بتوزيع استبانة على 200 عضو من أعضاء مجالس إدارات شركات مساهمة خليجية، مثّل معظمهم السعودية بنسبة 67 في المائة، فالبحرين بنسبة 15 في المائة، فالإمارات بنسبة 9 في المائة، فعمان بنسبة 7 في المائة، وأخيراً نسبة 2 في المائة في الكويت. وكذلك اعتمد التقرير على لقاءات مطولة مع 20 عضوا ورئيس مجلس إدارة شركات مساهمة خليجية. سعت الدراسة إلى تقييم أداء مجالس إدارات الشركات المساهمة الخليجية من خلال النظر إلى مجموعة من محاور تقييم أداء مجلس الإدارة المتداولة في أدبيات العلوم الإدارية. من هذه المحاور مستوى الإفصاح والشفافية، ومستوى المعرفة والخبرة العملية لأعضاء مجلس الإدارة، ومدى التزام أعضاء مجلس الإدارة بمسؤولياتهم، وطبيعة الفصل في المسؤوليات والواجبات بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، ودرجة وضوح الاستراتيجية العامة للشركة على طاولة مجلس الإدارة، وآلية صناعة القرار الاستراتيجي. من أهم نتائج الدراسة، أنه رغم ما شهده مستوى الإفصاح والشفافية في الشركات المساهمة الخليجية من تحسن ملحوظ خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أن إتاحة المعلومات الواجب الإفصاح عنها للجمهور عبر القنوات العامة ما زال دون المستوى المأمول، حيث أوضحت الدراسة أن 43 في المائة فقط من هذه الشركات تتيح تقاريرها السنوية عبر مواقعها الإلكترونية على الإنترنت، وتكتفي البقية الباقية بتوزيع تقاريرها السنوية في حدود علاقاتها التجارية والحكومية فقط. ومن أهم نتائج هذه المحاور كذلك أن مستوى الإفصاح عن مكافآت أعضاء مجلس الإدارة شهد تراجعا حاداً مقارنة بالمستوى ذاته قبل ثلاثة أعوام، في الوقت الذي شهد مستوى الإفصاح عن السيرة الذاتية للعضو المستقل في مجلس الإدارة تحسناً ملحوظاً مقارنة بالمستوى ذاته قبل ثلاثة أعوام. من أهم نتائج الدراسة كذلك، أن مجالس إدارات الشركات المساهمة الخليجية ما زال يعاني تواضع المعرفة المهنية بكيفية إدارة أداء الشركة وتقييمه، وتواضع المعرفة الفنية بطبيعة مزاولة الأعمال التجارية في قطاع النشاط الاقتصادي الذي تعمل فيه الشركة، وتواضع مستوى المعرفة النظامية بضوابط ومتطلبات الحوكمة والالتزام الصادرة من الجهات الرقابية والإشرافية. من نتائج الدراسة كذلك، أنه رغم ما شهده حجم الوقت الزمني ومستوى التركيز اللذان يخصصهما عضو مجلس الإدارة للقيام بمسؤولياته من تحسن ملحوظ مقارنة بالحجم والمستوى نفسيهما قبل ثلاثة أعوام، إلا أن الواقع ما زال دون المأمول. حيث أوضحت الدراسة أن 9 في المائة من أعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة يتواجدون في خمسة مجالس إدارات في وقت واحد مقارنة بـ33 في المائة في 2009. كما أن 22 في المائة من أعضاء مجلس مجالس إدارات الشركات المساهمة لا يخصصون الوقت الزمني الكافي للقيام بمسؤولياتهم مقارنة بـ34 في المائة في 2009. كما توصلت الدراسة أيضاً إلى أن معدل عدد أعضاء مجلس الإدارة بلغ 8.7 عضو في الشركات الخليجية المساهمة مقارنةً بـ 8.5 عضو في مثيلاتها البريطانية، و14.6 عضو في مثيلاتها الفرنسية، و17.7 عضو في مثيلاتها الألمانية. ومن النتائج الجديرة بالذكر النمو في معدل مكافأة عضو مجلس الإدارة في الشركات الخليجية المساهمة من 152.8 ألف دولار سنوياً في 2009 إلى 228.4 ألف دولار سنوياً في 2011. تشكل هذه المكافأة ضعف معدل ما يتقاضاه أقرانهم أعضاء مجالس إدارات الشركات الأوروبية المساهمة من مكافآت بالغة 152.8 ألف دولار سنوياً. عديدة هي الفوائد عندما ننظر من منظور هذه الدراسة إلى ما جاء في تقرير مجلس إدارة هيئة السوق المالية المقدم أخيرا لمجلس الشورى، حيث أوضح التقرير أن الهيئة رصدت 186 مخالفة في ممارسة أعمال الأوراق المالية قام بها أشخاص وشركات مختلفة تعمل في السوق المالية السعودية. تضاف إلى هذه المخالفات الحالات التي جرى عليها تعليق تداول أسهم شركات مدرجة عطفاً على تجاوزات وممارسات مخالفة لنظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية قامت بها هذه الشركات. وعلى الرغم من إعلانات تعليق تداول الأسهم التي حصلت في السابق، إلا أن إعلانات الهيئة عملت على استحياء نحو الشركات المخالفة دون الإفصاح الكافي لجمهور المستثمرين عن حيثيات هذه الحالات في الوقت الذي قامت فيه بالتشهير بمخالفات الأفراد دون غيرهم من مجالس إدارات الشركات المساهمة. رسالة مباشرة توجه إلى هيئة السوق المالية مفادها أهمية تكثيف الجهود نحو تطوير أداء عمل مجالس إدارات الشركات المساهمة مع المبادرة بالتشهير بمخالفات مجالس إدارات هذه الشركات انطلاقاً من دور الهيئة في حماية المساهمين والمناخ الاستثماري في المملكة.
إنشرها