Author

الاتزان النفسي والتعامل مع المشوهين نفسيا

|
إن الاتزان النفسي من المصطلحات النفسية التي تشمل تحتها عشرات المتغيرات التي لو تحققت لتحقق معها المفهوم الحقيقي لهذا المصطلح، وهذا يعني أن الفرد يحتاج إلى الكثير كي يصل إلى تحقيق هذا الهدف النفسي المهم والذي من دونه سيقع الإنسان في أشكال من الصراعات والاضطرابات، بل والأمراض النفسية، وليت الضرر يكون مقتصرا على الفرد نفسه فحسب، بل سنجد أن المحيطين يعانون معاناة كبيرة عندما يكون بينهم شخص لم يحقق ذلك النوع من الاتزان الذي لا يمكن أن يصنعه المحيط بصورة مفاجأة، بل ينشأ بالتدريج مع شخصية الإنسان منذ الطفولة، وبذلك فإنه سيحمل اتزانا نفسيا جيدا عندما يحظى بأسرة قليلة الصراعات ولها قائد يحمل المهارة العالية في اتخاذ القرارات، كما يجب أن يدرك فيها الآباء الوقت المناسب لإصدار السلوك والدرجة المناسبة للانفعال والخطوة الثابتة للتفكير، وهذا ما يفتقد في بعض الأسر التي لا تعيش سوى على الحروب بين أفرادها، وقد ذكرت ذلك إحدى الحالات، وهي أم لخمس أبناء أصغرهم يدرس في المرحلة المتوسطة أتت لتشكي زوجها الذي طلقها بعد حياة زوجية دامت 30 عاما، وعند البحث عن الأسباب وجد أن الأبناء نشأوا وهم لا يحترمون والدهمن ويوجهون إليه ألفاظا تحمل السلبية والشتائم، لكن هذا الأب الذي صبر طويلا وصل إلى حد لم يستطع أن يكمل تلك الرحلة المريرة، وقد كان السبب الرئيس هو أن والدتهم تحمل شهادة البكالوريوس، بينما والدهم لا يحمل سوى الشهادة المتوسطة وهو يعمل في وظيفة متواضعة، وبذلك مثلت أوضاع الزوج نقطة ضعف له، لكنها في المقابل كانت نقطة قوة للزوجة التي افتقدت معنى الاتزان النفسي، وبالتالي أقامت حربا أسرية هلك فيها الجميع، أما الحالة الثانية فقد جاءت لتشكو من زوجها الذي يحرق يديها بأعقاب السجائر كلما وبّخه رئيسه في العمل، مع أن الزوجة ليس لها ذنب في ذلك. وكثير هي الحالات المشابهة والملفات النفسية تحوي عديدا من النماذج السلبية التي تجعل الفرد يقف ويتأمل، لعله يتعلم كيف يستطيع فعلا أن يطور الجانب النفسي الإيجابي في داخله. ولعل العقلانية والاتزان النفسي هما وجهان لعملة واحدة؛ فالإشارات التي ترسل من الدماغ هي التي تحرك استجابات الفرد المختلفة من خلال المنطق الذي يتعامل به مع المتغيرات المتنوعة من حوله، ولكي تسير الحياة بصورة أفضل فإننا نحتاج إلى التعامل مع أفراد يحملون شهادة المحيطين بالاتزان النفسي، ومن المهم أن نعرف أن الأسرة تحديدا هي العامل الأساسي في ظهور أو اختفاء مختلف ''التشوهات'' النفسية، كما أن آثار التربية الأسرية تعتبر البصمة الواضحة التي يتعامل بها الفرد مع مختلف المجالات التي يتفاعل معها الفرد فيما بعد من خلال حياته مستقبلا، وهذا يعني أنك ستعاني من بعض الأفراد من حولك.. فهم لن يدركوا معنى الاتزان النفسي.
إنشرها