Author

عالمية العاصمة تميّز الرياض

|
ثقافة قديمة في سمرقند مفادها أنه حين تصادف المرأة الحامل رجلاً غريباً تروق لها سماته أو خصائصه، فإنها تتجرأ على مشاطرته طعامه بهدف أن يحمل جنينها هذه السمات أو الخصائص. والعهدة على أمين معلوف في روايته سمرقند، فالثقافة الأوزبكية تحمل مخزونا من التقاليد الجديرة بالتأمل. سمرقند هي ثاني أكبر مدينة أوزبكية يبلغ سكانها قرابة 400 ألف نسمة. وصفها ابن بطوطة بقوله: ''إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالاً، مبنية على شاطئ وادٍ يعرف بوادي القصَّارين، وكانت تضم قصورا عظيمة، وعمارة تُنْبِئ عن هِمَم أهلها''. تحمل سمرقند ثقافات عريقة عطفاً على تعدد الثقافات التي حكمتها، بدءا من جبال ألطاي في آسيا الوسطى، والأتراك، والفتح الإسلامي، والغزو المغولي، والاحتلال الروسي، وأخيرا جمهورية أوزبكستان الإسلامية. وعلى الرغم من غرابة هذه الثقافة الأوزبكية، إلا أنني حاكيت بها مستقبل العاصمة الحبيبة الرياض، وإمكانية أن تحاكي الرياض أجمل السمات والخصائص في مدن العالم المختلفة لتصبح في المستقبل أنموذجاً يحوي جميع السمات والخصائص الجميلة في مدن العالم, Hخذ في الاعتبار الرؤية المستقبلية الطموحة للعاصمة الحبيبة الرياض خلال الفترة 2025-2050، التي تنص على ''تحقيق مبدأ الاستدامة في تنمية وبناء مدينة المستقبل في ظل مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وتجسيد مفهوم علاقة الإنسان بخالقه ـــ عز وجل ـــ (الخلافة في الأرض)، وكذلك علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقته بالطبيعة''. صدر عن معهد ماكينزي العالمي العام الماضي تقرير بعنوان ''العالم الحضري: وضع خريطة للقوى الاقتصادية للمدن''. هدف التقرير إلى استقراء أهم 600 مدينة حول العالم ستسهم في إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد العالمي بحلول 2025. روعي في التصنيف ألا يقل عدد سكان المدينة الواحدة عن 150 ألف نسمة. تشكّل بناءً على ذلك هذه المدن قرابة 20 في المائة من إجمالي عدد مدن العالم التي يزيد عدد سكانها على 150 ألف نسمة, سميت هذه القائمة بـ''قائمة أهم 600 مدينة في 2010''. أعيدت هذه العملية مرة أخرى بعد تعديلات النمو الاقتصاد المتوقعة للـ2000 مدينة بحلول 2025 للخروج بنسخة مستقبلية من القائمة، ''قائمة أهم 600 مدينة في 2025''. توقع التقرير أن ينمو إجمالي الناتج المحلي لأهم 600 مدينة حول العالم بمقدار 34 تريليون دولار أمريكي خلال 2007-2025. وتوقع التقرير كذلك أن تسهم مدن متوسطة الحجم في الوقت الراهن بقرابة 60 في المائة من هذا الناتج بحلول 2025، عطفاً على حالات النمو الاقتصادي التي تشهدها هذه المدن اليوم وما تعمل عليه من استقطاب مراكز اقتصادية إليها بهدف المساهمة في توسّع دورها في خريطة العالم الاقتصادية. من هذه المدن على سبيل المثال، مدن هيربن، وشانتو، وجوآن الصينية، وحيدر أباد، وسرات الهنديتان، وكنكون المكسيكية، وبارانكويلا الكولمبية. من الملاحظات التي نخرج بها من التقرير غياب المدن السعودية عن قائمة أهم 25 مدينة حول العالم بحلول 2025. فغياب المدن السعودية عن هذه القائمة لم يرتبط بعامل إجمالي الناتج المحلي فحسب، لكن تعداها إلى عوامل القياس الأخرى، كنصيب الفرد في المدينة من إجمالي الناتج المحلي، ومعدل نمو إجمالي الناتج المحلي للمدينة، وإجمالي عدد الأسر في المدينة، ومعدل دخل الأسرة الواحدة في المدينة. وإذا أخذنا في الاعتبار النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن المعلنة في 2011 من مصلحة الإحصاءات العامة ووجود 23 مدينة سعودية من أصل 245 مدينة سعودية يزيد عدد سكانها على 150 ألف نسمة، وبالتالي يمكن أن تدخل في قائمة الـ600 مدينة حول العالم. وإذا أخذنا في الاعتبار كذلك الرؤية المستقبلية الطموحة للعاصمة الحبيبة الرياض خلال الفترة 2025 ـــ 2050، فإنني أتساءل: ما المكانة العالمية المستهدفة للرياض ضمن العواصم العالمية الأخرى؟ فالرياض على الرغم من شدة حرارة صيفها وبرودة شتائها، وانخفاض معدل رطوبتها، وقلة كميات أمطارها طول العام، إلا أنها تشكل نقطة هجرة شديدة أسهمت في إحداث سمتين رئيستين للخصائص السكانية لمدينة الرياض. الأولى معدلات نمو سكانية عالية جداً تفوق 8 في المائة سنوياً، والأخرى معدلات تغيرات نوعية طرأت على نمط المعيشة لسكان مدينة الرياض مقارنة بمدن المملكة الأخرى. من أهم الأسباب للجذب ما تمتلكه مدينة الرياض من قاعدة عريضة من قطاعات إنتاجية مختلفة أسهمت في وصول الرياض إلى الوضع الذي نشاهده الآن. من أهم هذه القطاعات الإنتاجية قطاعات الكهرباء، والمياه، والخدمات المالية، والصناعات التحويلية، والتطوير العقاري، والزراعة، والتجارة، والتشييد والبناء، والسياحة والآثار، والخدمات التعليمية. يشير تقرير ''المناخ الاستثماري في مدينة الرياض 1430هـ'' الصادر من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إلى أهم ما تملكه قطاعاتها الإنتاجية المختلفة صناعية كانت أو مالية، أو خدمية، أو زراعية، أو سياسية، أو سياحية، أو تعلمية. تقودنا جميع هذه السمات والخصائص لمدينة الرياض إلى النظر في رؤية مدينة الرياض، حسبما ورد في المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض الصادر من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض قبل خمسة أعوام ومستهدفاتها الطموحة، وأتساءل: ما المكانة العالمية المستهدفة للرياض ضمن العواصم العالمية الأخرى، وطبيعة هذه المكانة؟
إنشرها