أكدت مديرية الدفاع المدني في الرياض أن الضرورة باتت ملحة لإنشاء شركات متخصصة ومعتمدة من قبل هيئة المواصفات والمقاييس السعودية، تُسند إليها مسؤولية استخراج شهادات سلامة ألعاب المدن الترفيهية سواء كانت مدنا صغيرة أو كبيرة، والتأكد من صلاحية اللعبة للاستخدام، على أن تكون تلك الشركات طرفا ثالثا مسؤولا عن صيانة تلك الألعاب. فيما وصف مختص في السلامة إجراءات السلامة في المنشآت الترفيهية بـ "الضعيفة جداً"، مشيرا إلى أن هذا الضعف يعود إلى نواح عدة منها "إهمال الصيانة الدورية للمنشأة ولو كل شهر على أقل تقدير، من أجل شدّ الألعاب وتزييتها والتأكد من سلامتها"، مطالبا بوضع ملصق (استيكر) يدون فيه تاريخ الصيانة والملاحظات وتلافيها.
كما طالبت مديرية الدفاع المدني بالتأمين الإلزامي على المدن الترفيهية، معتبرة ذلك أحد الحلول، مشيرة إلى أن دخول شركات التأمين طرفا في الموضوع سيلزم ملاك تلك المدن بتطبيق إجراءات الصيانة ذات الجودة العالية، لافتة إلى أن هذا الحل ليس الوحيد.
ورصدت "الاقتصادية" خلال جولة ميدانية لها في عدد من المدن الترفيهية ومجمعات الألعاب الكهربائية والمائية والمطاطية في الرياض، غياب القرارات الصارمة والموحدة في الأمن والسلامة، إضافة إلى سوء التنظيم الإداري والتشغيلي وغياب الكوادر المؤهلة للتعامل مع الآلات المشغلة للألعاب، وكذلك غياب إخصائيين في الإسعافات الأولية يجيدون التعامل مع الإصابات بشكل سريع قبل وصول الإسعاف في حالة الطوارئ.
وتبين خلال الجولة عدم وجود أي من أدوات الأمن والسلامة، وكذلك واقيات الارتطام، وسترات النجاة للألعاب المائية خاصة التي تستهدف فئة الأطفال، إضافة إلى عدم وجود جدول إلزامي للصيانة من الجهات المسؤولة، حيث تتم الصيانة باجتهادات فردية – حسبما ذكره بعض المشرفين على تلك المواقع الترفيهية.
وبيّن بعض مشرفي المواقع أنه لا توجد مراقبة من أي جهة على جودة الألعاب وكذلك على قطع الغيار الأصلية، ولفتوا إلى أن هناك ألعابا يتم تجديد ألوانها فقط، وتعاد للعمل مرة أخرى رغم تهالكها أو مرور فترة طويلة في الاستخدام، مشيرين إلى أن معظم الألعاب المنتشرة على الطرق وأماكن التنزه تعمل دون تصاريح، مما يعد مخالفة لأنظمة مزاولة النشاط في ظل عدم وجود مراقبة من الجهات المختصة واتخاذ الإجراءات الجزائية والعقوبات بحق مشغليها.
فيما أكد أحد مشرفي المدن الترفيهية في الرياض - فضل عدم ذكر اسمه - أن عناصر الدفاع المدني غير مؤهلة للكشف على مدى سلامة أجزاء الألعاب وجودتها، عازيا ذلك "لعدم الاختصاص"، مشيراً إلى أنهم لدى زيارتهم التفقدية ينصب اهتمامهم وتركيزهم على مخارج الطوارئ ورشاشات الماء، وطفايات الحريق بعيداً عن فحص قطع الألعاب وسلامة الاستخدام والتدقيق على الجودة.
#2#
#3#
#4#
#5#
وأضاف أنه ليست هناك ضوابط محددة لمشغلي الألعاب كأن يكون سبق له العمل في هذا المجال، أو يكون حاصلا على دورة في الإسعافات الأولية، مشيراً إلى أن غالبية العمالة المشغلة لا تجيد التعامل مع الأجهزة والألعاب بشكل عام بل إن معظمهم كانوا يشغلون وظائف لا علاقة لها بالألعاب الكهربائية.
وحول طريقة الحصول على الألعاب وتشغيلها، ذكر المشرف أن بعض المستثمرين يقومون بجلبها من إحدى الدول المجاورة بعد انتهاء صلاحيتها ويقومون بتجديد ألوانها ومظهرها الخارجي، وعمل صيانة لها في ورش خاصة بهم غير متخصصة، ومن ثم يعيدونها للعمل مرة أخرى رغم انتهاء عمرها الافتراضي، مما يجعلها عرضة للعطل في أي وقت، مضيفاً أن هناك مستثمرين آخرين يقومون بنقل الألعاب المتهالكة والقديمة إلى المناطق النائية حيث تكاد تنعدم الرقابة هناك.
من جهته، أكد لـ "الاقتصادية" النقيب محمد الحمادي الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني في منطقة الرياض، أن التأمين يأتي من ضمن الحلول، من خلال دخول شركات التأمين طرفا في الموضوع مما يلزم ملاك الملاهي بتطبيق أعلى إجراءات الصيانة، لكنه ليس الحل الوحيد حتى تتوافر هناك شركات متخصصة ومعتمدة من هيئة المواصفات والمقاييس والجودة تكون مسؤولة عن استخراج شهادات تثبت سلامة اللعبة وصلاحيتها للاستخدام وتكون طرفا ثالثا ومسؤولة عن صيانة مدن الألعاب.
ونفى ما نقله عدد من مشرفي المواقع من أن زيارة منسوبي الدفاع المدني للمدن الترفيهية لا تتم إلا في الفترة النهارية حيث تكون الألعاب متوقفة عن العمل، وكذلك تباعد الزيارات التي تصل إلى بضعة أشهر، وأن متطلبات الدفاع المدني لا تتعدى "طفاية حريق، وحاجزا حول الألعاب، ومخارج طوارئ، وآلة يدوية لتنزيل الألعاب في حال توقفها عن العمل أو انقطاع التيار الكهربائي"، وقال: "ما تم نقله غير صحيح، وهناك متابعة وزيارات من مفتشي السلامة لمدن الألعاب الترفيهية تكون وفق خطط مدروسة ومعدة وتطبق زيارات نهارية ومسائية، إضافة إلى الزيارات المفاجئة".
وأضاف النقيب الحمادي: "هناك حملات موسمية تشكل، إضافة إلى الزيارات المجدولة المعتادة، وتكون مكثفة في مواسم الإجازة والأعياد وحسب ما تستدعيه الحاجة والضرورة إلى عمل حملات السلامة التفتيشية لمدن الملاهي والألعاب"، لافتاً إلى أن كل ما ذكره موضح حسبما نصت عليه اللائحة المعتمدة لتلك المدن التي من اختصاص الدفاع المدني تطبيقها ومتابعتها.
وأبان أن الدفاع المدني، متمثلا في شعبة السلامة يطبق لوائح واشتراطات وسبل الوقاية والحماية في مدن الملاهي، والمعتمدة من مجلس الدفاع المدني الذي يترأسه وزير الداخلية، لافتاً إلى أن أمير الرياض أمر بتشكيل فريق عمل متخصص من الجهات ذات العلاقة لحصر مدن الملاهي في منطقة الرياض، وتطبيق جميع اشتراطات السلامة، كل بحسب اختصاصه، والرفع بتقرير مفصل عن كل مدينة على حدة وبشكل عاجل.
وعن طريقة فحص الألعاب في المدن الترفيهية من قبل منسوبي الدفاع المدني، ذكر النقيب محمد الحمادي أن عملية فحص الألعاب تتم من قبل منسوبي السلامة في الدفاع المدني حسبما نصت عليه اللائحة واشتراطاتها، وذلك بمتابعة سجل السلامة لكل لعبة والمعتمد من الشركة المختصة بها، ومتابعة وتنفيذ ما نصت عليه اللائحة من التزام بالصيانة الدورية لكل لعبة ومدى تطبيق تلك الاشتراطات من قبل المشغلين لتلك الألعاب.
وأضاف الحمادي: "فيما يخص الجانب الفني فهو مسؤولية الشركة، وهناك جانب نظري خلال الفحص من قبل المفتش وتوافر وسائل السلامة من علامات ولوحات إرشادية على اللعبة ووضع سياج مناسب على اللعبة، والتأكد من وجود أحزمة الأمان والمتابعة الدقيقة لما تدونه الشركة المختصة للعبة في سجل سلامة كل لعبة".
وعن الاشتراطات التي يطلبها الدفاع المدني للحصول على ترخيص أو شهادة مزاولة مهنة الترفيه، بيّن أن الاشتراطات تتمثل فيما جاء في لائحة اشتراطات السلامة وسبل الحماية الواجب توافرها في مدن ملاهي وألعاب الأطفال وتطبيقها والعمل بها.
وعن وجود فرق متخصصة لفحص الألعاب الكهربائية، وكذلك مقياس الجودة المتبع من قبل الدفاع المدني في عملية فحص الألعاب، وأوضح النقيب الحمادي أن هناك مفتشين مختصين بالسلامة على قدر كبير من التأهيل والخبرة، وهم ملمون بجميع المتطلبات الخاصة حسبما تطرقت إليه اللائحة، ولفت إلى أن فنية اللعبة من اختصاص الشركة المتخصصة للعبة والمشغل للألعاب.
ونفى الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني ما يشاع حول غياب عوامل السلامة، وكذلك ضمانات التشغيل والسلامة في الألعاب، وقال: "عوامل واشتراطات السلامة متوافرة في مدن الألعاب ولم تحصل أي منشأة ترفيهية على ترخيص إلا بعد تطبيقها إجراءات السلامة ومتطلباتها حسبما نصت عليه اللائحة"، مضيفا: "المدن الترفيهية التي تخضع للإشراف الوقائي في الدفاع المدني لابد أن تتوافر لديها المقومات اللازمة لضمان سلامة مرتادي تلك الألعاب، ويجب أن تكون لديها كوادر فنية مدربة ومتخصصة تحت إشراف الشركة المتخصصة في سلامة اللعبة، والمعتمدة من هيئة المواصفات والمقاييس والجودة".
وعن وجود توجه لمنع الزيارات المدرسية للمدن الترفيهية، بين الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني أنه سيتم العمل على التعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وذلك لضمان سلامة مرتادي تلك الألعاب.
وعن العقوبات المترتبة حول مخالفة أصحاب المدن الترفيهية لعوامل الأمن والسلامة، بين النقيب الحمادي أن العقوبات مطبقة من خلال عمليات ضبط المخالفات التي تترتب عليها غرامات مالية للمنشآت والمدن الترفيهية المخالفة حسبما أقرته اللائحة في لجنة المخالفات والغرامات المالية، ولفت إلى أن نوعية المخالفات تختلف بحجم وخطورة المخالفة والملاحظات المدونة من مفتشي السلامة الذين يقومون بإحالتها إلى لجنة النظر في المخالفات.
وعما تم عمله بشأن المدينة الترفيهية التي شهدت الحادث الأخير شمال الرياض، والمستجدات حول الموضوع، بين الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني، أن الحادثة شكلت لها لجنة من عدة جهات حكومية ذات العلاقة بالأمر ومتابعة من أمير منطقة الرياض، ولفت إلى أن اللجنة قائمة حالياً بعملها وبانتظار نتائج التحقيقات.





