شباب أعمال لـ"الاقتصادية" : صغار مستثمري الاستيراد والتصدير يتعثرون بسبب مزاحمة الوافدين
تعد سوق الاستيراد والتصدير من أهم وأكثر القطاعات حيوية في القطاع التجاري في المملكة، التي تعد سوقا مهمة للشركات الموردة والمصدرة للخدمات أو المواد باعتبارها أكثر استهلاكا ونموا، كما تعد من أكثر الأنشطة حيوية وربحية، إلا أن شباب الأعمال على الرغم من امتلاكهم للأدوات المتطورة للتعامل مع هذا القطاع، إلا أن مستثمريه محدودون أو يتعرضون لمشكلات شائكة؛ كونهم أصحاب منشآت صغيرة ومتوسطة تواجه جملة من الأنظمة المحبطة التي تجعلهم يتعثرون خلال تطويرهم منشآتهم في هذه السوق التي ينافسهم فيها الوافدون.
وذكر لـ''الاقتصادية'' عدد من شباب أعمال وصغار مستثمري هذا القطاع، أن هذه السوق يسيطر عليها الوافدون بنسبة تتجاوز 97 في المائة في صور متعددة تتركز في التستر التجاري، في حين ما زالت الجهات الرسمية المعنية ذات تجاوب ضعيف أمام مشكلات المنشآت الصغيرة المستثمرة في قطاع كان يحقق لصغار مستثمريه قبل 10 أعوام أرباحا تصل إلى 70 في المائة.
#2#
#3#
الكثير من المشكلات التي حدت من نمو منشآت صغار مستثمري تجارة ''الاستيراد والتصدير''، تعثر بسببها البعض، وآخرون ما زالوا يتكبدون بعض الخسائر، بينما البعض يعمل بحذر، وفريق رابع يفكر في أن يجعل من دول خليجية أخرى منصة لنشاطها.
حيث بين لـ''الاقتصادية'' عبد الله الصوري مستثمر في قطاع الاستيراد والتصدير وعضو في لجنة مواد البناء بغرفة جدة التجارية، أنه بدأ منذ فترة طويلة تصل لأكثر من سبع سنوات، كانت بدايته صعوبات وتم تجاوزها إلا الفترة الأخيرة أفرزت مشكلات جديدة تواكبت مع القرارات الصعبة التي ظهرت بها أو شرعتها بعض الوزارات، من خلال قوانين وضعت يجبر بها المستثمر ويتورط التاجر في هذا النشاط، وبرزت صعوبات كثيرة أعطت بعض المستثمرين الشباب في هذا المجال النية إلى التوجه إلى الإمارات للتوريد من خلال منافذ الإمارات.
وأوضح أن البدايات كانت أسهل بسبب وجود مكاتب داخل السعودية تساعد الأشخاص الذين لا يملكون خبرة في المجال وتؤسسهم من خلال بيانات ومعلومات لمعرفة العمل، كما كانوا كحلقة وصل بين المستثمر والمورد، وتحول إلى مساعد كمركز للبيانات، إلا أن المشكلات التي أفرزتها القوانين المفاجئة أربكت السوق حاليا.
ولفت إلى أن وصول المعلومات من قبل الجمارك أو الغرف التجارية تأتي متأخرة للتجار، ما يعرضهم لخسائر كبيرة؛ لأن المدة الزمنية التي يصل فيها التعميم متأخرة جدا.
كما أشار إلى أن نسبة الأرباح في هذا النشاط أول ما بدأ نشاطها في الظروف السابقة كانت تراوح بين 35 و70 في المائة، بينما المشكلات الأخيرة تسببت في تراجع نسب الأرباح وارتفاع المصاريف التي تسببت فيها بعض القرارات، لتصل نسبة الأرباح إلى أقل من 20 في المائة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الإيجارات للمستودعات.
وأكد الصوري أن اللجان والجهات المعنية لم تقدم أي حلول للمستثمرين في هذا القطاع، مبينا أن البعض تضرر من هذا الاستثمار، على الرغم من أن هذه المشاريع لها جدوى اقتصادية كبيرة كنوع من أنواع التنوع التجاري والاستثماري، ويخلق منشآت جديدة وقاعدة جديدة من المستثمرين في قطاع حيوي، إلا أنه لا يوجد اهتمام بأصحاب هذه المنشآت، ولم تتقدم أي جهة بتقديم الحلول.
كما نوه إلى أن أكثر من 97 في المائة من المنافسين وافدون، وجميعهم يعملون تحت التستر التجاري، ما يؤدي إلى ضرب استثمار الشباب المستثمرين في قطاع ينافسه فيه وافدون تحت مظلة التستر التجاري، ويضرب المنشآت المحلية بسبب ضعف الرقابة من قبل وزارة التجارة والجوازات ومكتب العمل والعمال.
وأشار الصوري إلى أنه تم رفع عدد من الخطابات الرسمية للجهات المعنية كالجمارك، من أبرزها وأبسطها تبليغ عن الأنظمة الجديدة، التي تتأخر حتى تصل إلى الغرف التجارية يكون المستثمر قد استورد بضاعته وتعرض لمشكلات.
وبين أن المشكلات التي برزت أصبحت تحد من نمو المنشآت الصغيرة بهذا المجال لتكون إحدى المنشآت المتوسطة وتشكل قاعدة إضافية لشركات الكبرى، إلا أن ضعف معالجة المشكلات تجعل المستثمرة في حدود معينة تحد من نموه.
في حين أوضح حسان عسيري عضو لجنة شباب الأعمال في غرفة الشرقية، هذا القطاع يحتاج إلى لجنة متخصصة أو متفرعة للوقوف على مشكلاته، مبينا أن هذا القطاع كبير جدا ومهم، إلا أن مشكلاته مختلفة نوعا ما؛ كونها مرتبطة بالميناء والتخليص والجمارك، لذلك يحتاج إلى لجنة متخصصة، لافتا إلى أنه يغير شباب الأعمال للاستثمار فيه، إلا أن هنالك مشكلات كثيرة مرتبطة بهذا القطاع، إحداها مشكلة تطرق إليها كثيرا تتمثل في التمويل؛ لأن قطاع الاستيراد والتصدير يحتاج لخطابات اعتماد، ولذلك البنوك مشكلتها صعبة فيما يخص المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهنالك مشكلات أخرى كتكدس البضائع في الميناء، وكبار تجار هذا القطاع يستطيعون تجاوز هذه المشكلات العرضية ويتحملونها، إلا أن شباب الأعمال أي مشكلة من هذا النوع لا يمكن أن تعوض خسائرها بسرعة كون منشآته صغيرة وقد لا يصمد.
وبين أن تأثير سهولة الاستيراد وتأخير البضائع أو رفع الرسوم بشكل طفيف تأثير كبير جدا في شباب الأعمال من مستثمريه، موضحا أنه لا توجد إحصائية لحجم دخول الشباب فيه، إلا أن مشاكلهم تكون أكبر من بقية كبار التجار، على الرغم من أنها ذات المشكلات إلا أن صغر منشآتهم أصغر.
ولفت إلى أن قطاع الاسيتراد اليوم الذي يعتمد على استيراد الخدمات والمواد من الخارج وتقديمها كما هي أصبح هامش الربح فيه محدودا نظرا لتغيير الظروف التي تتمثل في سهولة التواصل بين العالم وسهولة وصول المنتج من المصنع نفسه، إضافة إلى أن توافر المعلومة بات سهلا جدا، إلا إذا كانت هنالك قيمة مضافة داخليا، لافتا إلى أن بعض شباب الأعمال من المستثمرين عمدوا إلى إضافة تحسينات على هذه المنتجات ليحصلوا على نوع من التميز، وبالتالي يستطيع أن يضيف هامشا ربحيا أفضل.
وقال عسيري ''إن لجان الشباب مقصرون جدا في طرح ومواجهة قضايا ومشكلات هذا القطاع، وقد يكون السبب أن قليلا من الشباب الذي يتوسع في هذا المجال ليتوسع بحجم المؤسسة؛ لذلك قليل منهم يشارك به همومه مع الآخرين، وأغلب المشكلات التي تطرح أو يهتم فيه هو بالإجراءات الأولية لافتتاح أو البدء في تسجيل وفتح الاعتمادات للمستثمرين كبدايات فقط، لكن لم ندخل في صلب مشاكل هذا القطاع بالشكل المطلوب''.
كما أشار إلى أن الاستيراد يعتمد على الكم، وتجارة الكم تعوض الهامش الربحي القليل، لكن قلة الخبرة في التعامل مع بعض الأنظمة وتوثيق العملية التجارية والاعتمادات البنكية وقلة الخبرة في هذا النظام، قد تورطه، إضافة إلى مشكلة تعامل بعض الشباب مع منشآت غير موثوقة في الخارج لقلة خبرته أو التوثيق مع المنشأة التي يتعامل معها، وقد تكون منشآت مشبوهة أو وهمية، ولا توجد له طرق التاكد، أو اندفاعه لذلك قد يتعرض لخسائر كبيرة.
ونوه إلى أن معظم دول الخليج قد لا يواجه شباب الأعمال فيها مشكلات مماثلة كما لدى السعوديين بسبب نضج المؤسسات والبرامج التي تساعد الشباب، وبالتالي هذه البرامج تقدم دعما استشاريا يخفض نوعا ما من المخاطر، مضيفا ''أن مجتمع السوق المحلي السعودي بالذات يعتمد كثيرا على اقتناص الفرص، وبالتالي تكثر الإشاعات عن فرص وهمية ويندفع الشباب سعيا وراء فرصة قد لا تكون موجودة، بينما في الخليج لديهم وعي أكثر في هذا المجال لوجود منظمات من الجهات المعنية تساندهم والانفتاح لديهم ساندهم، مشيرا إلى أن العامل الأساسي يتمثل في وجود منشآت فعلا تقدم دعما استشاريا، وأداؤها حقيقي، بينما ما يتوافر لدينا صوري، لافتا إلى أن هذا الدور تتبناه ضمن خدماتها، إلا أنها لا تتعامل بسرعة مع المتطلبات، وبالتالي كثير من الشباب تجاوز خطوة التأكد من الغرف التجارية، في حين أن هنالك منشآت كثيرة في الخليج لديها منتجات دعم شباب الأعمال تقدم خدمات داعمة، بجانب وجود شركات أجنبية كبيرة يساعد على وصول معلومة أفضل لتجار أو المستورد المحلي عن الشركات في الخارج.
من جانبه، قال ياسر التويم عضو اللجنة الوطنية لشباب الأعمال في مجلس الغرف السعودية، إنه لا يوجد إقبال لشباب الأعمال للاستثمار في قطاع الاستيراد لعدة أسباب أبرزها مخاطر المجال التي تتمثل في كونه أكثر الأنشطة تأثرا بنشاط الآخرين كالهيئة العامة للمواصفات والمقاييس والجمارك، ومشكلات تأخر الحاويات في الموانئ الجمركية، وخلافها من المشكلات، خاصة أن هنالك منافسين من العمالة الوافدة تزاحم صغار المستثمرين من الشباب وقد تضرب نشاطهم، في ظل غياب الرقابة.
ولفت إلى أن ضعف السيولة لدى البعض يمنعهم من التوجه أو يجعلهم يحجمون عن الاستثمار في هذا القطاع، إلى جانب قلة خبرتهم والمعلومات، مشيرة إلى أنه ليس لديهم الإلمام بالتعاميم الجديدة، مما يسبب إرباكا لدى المستثمر الشاب في هذا القطاع.
ونوه إلى أن الفرص الاستثمارية في هذا المجال متوافرة وتعد فرصا كبيرة لدخول شباب الأعمال في قطاع الاستيراد والتصدير والأنشطة التي تقدم الدعم اللوجستي للنشاط، إلا أن المشكلات إذا لم يلتفت إليها وتعالج فستجعلهم يخسرون الانخراط فيه، لافتا إلى أنه توجد لجان للمخلصين يمكن أن تمثل قطاع الاستيراد، إلا أن شباب الأعمال غير ممثلين في عضويتها، وهنالك نوع من الإقصاء أو إبعاد الشباب عن بعض اللجان. كما وجه التويم شباب الأعمال بأهمية التوجه ودخول شباب الأعمال قطاع الاستيراد والتصدير؛ لأنها قطاع حيوي ومربح، إذا ما تم القضاء على التستر في المجال وتوفير المعلومات اللازمة بالقطاع وتقديم الخبرات لهم وتسهيل الإجراءات.