Author

العلاقة بين وزارة المالية و«أرامكو»

|
تناول الدكتور عبد الله الفوزان، بأسلوبه الساخر، العلاقة بين وزارة المالية وشركة أرامكو السعودية، في مقاله المنشور في صحيفة ''الشرق'' بتاريخ 16/1/2013، فقال ما نصه حرفياً: (... ومن جهة أخرى، فلأن وزارة المالية تعتبر نفسها مسؤولة عن تحصيل إيرادات الحكومة فإنها ''أي المالية'' تفتح فمها على الآخر، وتطلق للسانها العنان، وتكشر عن أنيابها كأنها الأسود وهي تواجه أي جهة حكومية تقوم بتحصيل إيرادات حتى لو كانت بعشرات الريالات، وتحاسبها حساباً عسيراً على الريال والهللة .. إلا مع ''أرامكو'' المسؤولة عن إيرادات بآلاف الملايين، فإنها تقفل فمها معها، بل تضع عليه شريطاً لاصقاً، فتقيد ما يدخل في حسابها من العوائد النفطية دون سؤال أو نقاش، وهذا ما يبدو لي. فإذا كان الأمر بخلاف ذلك فأتطلع من الوزارة إلى نفيه وتنويرنا بما تفعل). وتعليقاً على ما تقدم أقول ما يلي: 1 - إن المقارنة بين شركة أرامكو وأي جهة حكومية في مجال تحصيل الإيرادات، غير جائزة، لاختلاف طبيعة نشاط ومهام الطرفين، واختلاف الأنظمة التي تحكم وتنظم كلا منهما. ولقد سبق أن أوضحنا في مقالنا المنشور في صحيفة ''الاقتصادية'' بتاريخ 27/1/2013، أن نظام شركة أرامكو السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/8 وتاريخ 4/4/1409هـ، جعل وزارة البترول والثروة المعدنية هي المختصة بالإشراف على جميع أوجه نشاط الشركة، ومراقبة جميع إيراداتها ومصروفاتها، وأن للشركة مراقب حسابات خارجي يعينه المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، يتولى مراجعة حسابات الشركة وتدقيقها، وفقاً للقواعد المحاسبية المعتمدة مهنياً، كما أن الشركة تخضع للرقابة اللاحقة لديوان المراقبة العامة، وأن ميزانية الشركة وحسابات أرباحها وخسائرها، يجب اعتمادها من مجلس إدارة الشركة، الذي يرأسه وزير البترول والثروة المعدنية، ثم من المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، الذي يرأسه الملك رئيس مجلس الوزراء. 2 - إن وزير المالية، بحكم عضويته في المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، يطلع على جميع الوثائق المتعلقة بميزانية الشركة وحساباتها السنوية، وله بلا ريب الحق في إبداء ما قد يكون له من ملاحظات أو مقترحات، عند مناقشة المجلس الأعلى ميزانية الشركة وحساباتها السنوية. 3 - ترتيباً على جميع ما سبق، فإنه ليس ثمة مجال لوزارة المالية لممارسة أي دور رقابي على ميزانية الشركة، وحساباتها السنوية، وتحصيل إيراداتها. 4 - تعامل الدولة ''أرامكو'' على أنها شركة تجارية، ورغم أن الحكومة تملكها ملكية كاملة، إلا أنها بحكم نظامها ملزمة بأن تدفع للدولة رسوم الريع، وضريبة الدخل المفروضة على الشركات التي تعمل في مجال استخراج وإنتاج النفط في السعودية، بينما مهام وأنشطة الجهات الحكومية تجعلها غير قابلة للخضوع للضريبة. فالمادة (11) من نظام الشركة، نصت على ما يلي: تلتزم الشركة أن تؤدي الريع وضريبة الدخل المفروضة على الشركات التي تعمل في إنتاج المواد الهيدروكربونية في السعودية، وذلك طبقاً للمراسيم الملكية والقرارات والاتفاقيات المذكورة أدناه، وأية تعديلات قد تطرأ عليها من وقت إلى آخر. أ‌ - الريع وفقاً لاتفاقية امتياز شركة الزيت العربية الأمريكية المؤرخة في الرابع من صفر 1352هـ وجميع الكتب والاتفاقيات المكملة لها. ب‌ - ضريبة الدخل وفقاً لأحكام المرسوم الملكي رقم 17، 20، 28، 7634 وتاريخ 17 ربيع الأول 1370هـ، والمرسوم الملكي رقم م/28 وتاريخ 29 شوال 1390هـ، وقرار مجلس الوزراء رقم 1028 وتاريخ 30 شوال 1390هـ، والمرسوم الملكي رقم م/65 وتاريخ 13 ذي القعدة 1394هـ، ويتم تقديم البيانات المطلوبة لربط الضريبة لمصلحة الزكاة والدخل وفقاً للمراسيم الملكية المذكورة أعلاه، وأية تعديلات قد تطرأ عليها، وذلك عن طريق وزارة البترول والثروة المعدنية''. ومن نافلة القول أن وزارة المالية ممثلة في مصلحة الزكاة والدخل، تستوفي مبالغ الضريبة المفروضة على ''أرامكو''، بعد أن يتم تحديدها من واقع الميزانية وحسابات الأرباح والخسائر السنوية المدققة والمعتمدة بموجب أحكام نظام الشركة. 5 - لقد حددت المادة (10) من نظام شركة أرامكو، كيفية توزيع دخلها، حيث جاء نصها كما يلي: ''يوزع دخل الشركة على النحو التالي: أ‌ - تحتفظ الشركة بناء على قرار مجلس الإدارة، بمبلغ لا يتجاوز في مجموعه 10 في المائة من رأسمال الشركة كاحتياطي للطوارئ، ويجوز عند الضرورة، بقرار من المجلس الأعلى تعديل هذه النسبة. ب‌ - بعد خصم جميع المصروفات العمومية والتكاليف، بما في ذلك الاستهلاك طبقاً للقواعد المحاسبية المتعارف عليها والريع وضرائب الدخل وأية التزامات مالية أخرى، يدفع الباقي من الأموال النقدية، بعد تخصيص ما يلزم للاستثمارات الرأسمالية المعتمدة، أولا بأول إلى مؤسسة النقد العربي السعودي لحساب وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ويتم الاتفاق على البنوك التي يتم إيداع هذه الأموال بواسطتها، ومواعيد الدفع بين وزارة المالية والاقتصاد الوطني ووزارة البترول والثروة المعدنية. نخلص من جميع ما سبق، إلى أن نظام شركة أرامكو نظم العلاقة المالية بين الدولة والشركة تنظيماً دقيقاً ومحكماً، وحدد الجهة التي تراقب ايراداتها ومصروفاتها وهي وزارة البترول والثروة المعدنية، وأخضعها لرقابة ديوان المراقبة العامة، وليس ثمة مجال لانتقاد وزارة المالية لالتزامها بالنظام الذي يحكم هذه العلاقة.
إنشرها