القمة الاقتصادية.. ومستقبل العمل العربي

حينما أعلن عن أول قمة عربية اقتصادية قبل ثلاث سنوات.. قال البعض إنها ستكون كالقمم السياسية كلام مكرر وبيانات وقرارات تعد مسبقاً.. لكن نهج القمم الاقتصادية ظهر مختلفاً بعض الشيء.. وجاءت قمة الرياض التي عقدت الأسبوع الماضي، لتؤكد أن هناك خطوات عملية ستتخذ لدعم العمل العربي الاقتصادي المشترك، ومن ذلك زيادة رؤوس أموال الشركات العربية المشتركة بنسبة 50 في المائة.. وقبل الحديث عن أثر هذا القرار يجدر بنا أن نستعرض لمحة موجزة عن مسيرة هذه الشركات التي تأسس معظمها بعد عام 1974 عند تحسن أسعار النفط نسبياً ووجود فوائض مالية اعتبرت كبيرة بمقاييس ذلك الوقت.. وقد تبنى إنشاء هذه الشركات محمد أبا الخيل وزير المالية والاقتصاد الوطني السعودي السابق وعبد الرحمن العتيقي وزير المالية الكويتي آنذاك، وعلى الرغم من كثرة عدد تلك الشركات بين جماعية وثنائية وفي مجالات مختلفة، فإن أشهرها وأكثرها نجاحاً تعد على الأصابع ومنها الشركة العربية للاستثمار ومقرها مدينة الرياض والشركة العربية للاستثمارات البترولية ومقرها مدينة الخبر والشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية التي كان مقرها الرئيس في دمشق ثم تحول نشاطها إلى مكتبها الإقليمي في مدينة الرياض.. وهناك أيضاً المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ومقرها في الكويت والصندوق العربي للنقد ومقره في الإمارات.. ولعل القاسم المشترك بين هذه الشركات والمؤسسات التي ذكرت والذي كان سبباً رئيساً في نجاحها وجودها في دول لا تتدخل في إدارتها، وبالذات ما يتعلق باختيار الموظفين.. وعند بداية هذه الشركات وجدت دعماً معنوياً كبيراً وشكلت مجالس إداراتها من مستويات عالية في الجهات الحكومية ذات العلاقة بنشاط كل شركة.. لكن مع مرور الوقت تراجع مستوى التمثيل في بعضها وأصبحت مجالس الإدارات أقل فاعلية، مما أثر كثيراً في آلية اتخاذ القرار ومدى الإقدام على المخاطرة المحسوبة والمعروفة في مجال الاستثمار.. ولذا فقد تركت بعض الشركات الهدف الذي تأسست من أجله والذي مارسته في بداية تأسيسها وهو تشجيع القطاع الخاص للدخول في المشروعات الكبيرة التي يكون لها مردود إنمائي في مختلف الدول العربية وسلكت الطريق الأسهل إلى الربح واكتفت بذلك وأصبحت توزع عوائدها كأرباح على الدول التي لم تكن تقبل في بداية عمل الشركات أن تتسلم أرباحاً دعماً لهذه الشركات لكي تتمكن من المساهمة في المشروعات الكبرى كما فعلت في مشروع سكر كنانة في السودان الذي يعد مدينة متكاملة لزراعة قصب السكر وتكريره وفق أحدث المستويات، وقد تمكن من تشغيل أكثر من 30 ألف عامل.. وهذا هو العلاج الناجح للبطالة في العالم العربي عن طريق خلق فرص عمل في مشروعات متكاملة.
وأخيراً: لن يتحقق الهدف المنشود بزيادة رؤوس أموال الشركات والمؤسسات العربية المشتركة بنسبة 50 في المائة ولا حتى 100 في المائة، وإنما لا بد من إدخال القطاع الخاص كشريك لكي يسهم في تطوير أسلوب العمل في هذه الشركات.. كما أن إدارات هذه الشركات لا بد أن يستقطب لها المتخصصون وأصحاب الخبرة وأن يختار الموظف المناسب للوظيفة وليس تفصيل الوظيفة لتناسب الموظف وعندها يمكن الاطمئنان على مستقبل العمل العربي الاقتصادي المشترك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي