علّموا أولادكم السباحة والرماية .. و"الكورة"!
كلما قرأت أو سمعت عن أسعار لاعبي كرة القدم المحليين أو العالميين ترحّمت على أيامنا.. أيام كنا نلعب ببلاش، وأحياناً ندفع ثمن الكرة.. وإيجار الملعب.. ومع ذلك لا ألوم نفسي على مغادرتي المستطيل الأخضر.. فقد اخترت من مراكز اللاعبين جميعاً مركز حارس المرمى.. ومن مباراة إلى مباراة كانت الأهداف تزيد داخل مرمانا.. وأخيراً رأيت من الأفضل أن أعتزل، ولكن كرة القدم لا تزال تشدني بإثارتها.. ونتائجها الفورية، فلا بد من فائز ومهزوم.. وأحيانا تعادل.. والتعادل لا طعم له، خاصةً إذا كان تعادلاً سلبياً.. أي بلا أهداف.
عل كل حال.. أصبحت موهبة لعب الكرة من أكثر المواهب التي تدرّ ذهباً.. إن الجري أو المراوغة وتسجيل الأهداف أغلى من أي مهنة أخرى.. أغلى من الطب والهندسة وبيع اللحمة.. وأفضل من الحصول على أرقى الشهادات، ثم البحث عن وظيفة. يكفي أن تعلم أن اللاعب ليونيل ميسي في فريق برشلونة الإسباني يتقاضى 24 مليون يورو سنوياً.. واحسبها أنت بالريال أو الجنيه.. ويتقاضى كريستيانو رونالدو لاعب ريال مدريد 20 مليون يورو، وصامويل إيتو 12 مليوناً.. وقسّ على هذا بقية اللاعبين وأسعار لاعبي الكرة في السعودية وبقية البلاد العربية قد لا تصل إلى هذه الأرقام التي يحصل عليها اللاعبون الدوليون أو العالميون، ولكنهم يكسبون الكثير.
على كل حال لم تعد لعبة كرة القدم لعبة، وإنما جدّ الجدّ، فالدول تنفق الملايين، بل مئات الملايين على تطوير لعبة كرة القدم، ودعم المنتخبات لكل بلد بكل السبل المادية، وهذه على رأس الأولويات، ثم المعنوية، واللوجستية، مثل الملاعب، وأماكن التدريب، ثم التعاقد مع أشهر المدربين العالميين، ومع هذا يا تصيب يا تخيب، كما حدث للمنتخب السعودي الذي تعاقد مع المدرب العالمي فرانك ريكارد براتب سنوي قدره 90 مليون ريال، نعم 90 مليون ريال حسب الأخبار التي تسرّبت في الصحافة المحلية، ولم تقم الجهات المعنية في الاتحاد السعودي بتكذيب هذا الرقم، حتى وصل تراجع المنتخب السعودي حسب تصنيف ''فيفا'' للمنتخبات في هذا العام 2013 إلى المرتبة 118، ولقد تعاقب عديد من المدربين العالميين على تدريب المنتخب السعودي، والوضع محلّك سر؛ ما يعني أن العلة أو الخلل ليس في المدربين وحدهم، وإنما في الإدارة المسؤولة عن شؤون الرياضة، فهي التي أوصلت المنتخب إلى هذه الهاوية.. ثم اللاعبين الذين يفتقدون الحماس وهم يلعبون للمنتخب بعكس لعبهم مع أنديتهم.
-: قول مأثور للخليفة الثاني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل.. وكانت هذه هي رياضة ذلك الزمان، أما الآن فعلّموا أولادكم ''الكورة''.
وأخيراً حصل أفراد منتخب الإمارات بعد فوزهم بكأس الخليج على ربع مليار درهم، إضافة إلى هدايا عينية ثمينة.. سيارات.. ومجوهرات.. يا بخته!