الأثاث المستعمل .. عوائد مربحة في كواليس التستر والعمالة المخالفة

الأثاث المستعمل .. عوائد مربحة  في كواليس التستر والعمالة المخالفة

نما سوق الأثاث المستعمل وانتشر بشكل كبير في السنوات الأخيرة الأمر الذي يعزوه اقتصاديون إلى دخول شريحة كبيرة من السعوديين ذوي الدخل المحدود للشراء من السوق ممن يقف سقف دخلهم الشهري عند خمسة آلاف ريال وأقل. ونظرا للربحية السريعة في السوق وغياب الضوابط والتنظيم بشكل كبير احتكرت العمالة الوافدة المحال وأدارتها بالكامل بالاتفاق مع كفلائهم من السعوديين على نسبة معينة شهريا تحت غطاء التستر التجاري. وقال لـ''الاقتصادية'' البروفيسور حبيب الله التركستاني رئيس مجموعة أبحاث الاقتصاد والتسويق في جامعة الملك عبد العزيز، إن سوق المنتجات المستخدمة تعتبر سوقا متنامية بسبب دخول المستهلك السعودي على عكس السابق من اقتصار السوق على بعض العمالة الأجنبية. وأوضح تركستاني أن حجم السوق أصبح يحتاج إلى الضبط والتنظيم، فالمنتجات المستخدمة كالأثاث المستعمل تحتاج إلى إعادة تدوير وإصلاح، وهذا الأمر يحتاج إلى معايير من الناحية الأمنية والصحية والتقنية, مضيفا أن هذه السوق ليست سوق خردة، بل هي منتجات صالحة للاستخدام. وعن الناحية الاقتصادية لتجارة الأثاث المستعمل وإسهامها في دورة الاقتصاد يؤكد البرفيسور حبيب الله أنها مخرج لذوي الدخل المحدود في ظل ارتفاع المواد الاستهلاكية، وتعتبر إيجابية أيضا من ناحية ألا يصبح هناك فائض في المشتريات، فهي تعتبر أصولا يتم الاستفادة منها لأقصى درجة, مضيفا أن هذه التجارة والصناعة موجودة في كل أنحاء العالم المتقدم، ولكن بشكل منضبط ومنظم, مشيرا في ختام حديثه إلى أن شريحة ممن تقل رواتبهم عن خمسة آلاف ريال يمكن أن يكونوا من مرتادي هذه الأسواق لعجزهم عن مواكبة أسعار المنتجات الجديدة نسبة إلى دخلهم, ويرى أن المسؤولية تقع على وزارة التجارة في تنمية هذه السوق وتشجيعها لأن هذا الأمر يجعل منها مشروعا لمن أراد الدخول للسوق من المواطنين, مختتما حديثه بالإشارة إلى أن هذه التجارة تعتبر في جانب منها تجارة خفية تدخل في التستر التجاري، موصيا بأنها صناعة يجب أن تبرز بالمعايير اللازمة. وعن هذه المحال وطريقة الشراء والبيع وصيانة وتجديد الأثاث المستعمل التقت ''الاقتصادية'' مجموعة من البائعين والزائرين للسوق, يقول عبيد الله محمد أحد الباعة السعوديين الذي يشرف على محله بالسوق والذي يحوي ورشة عمل تضم عمالة من الجالية البنجالية الذين يقومون بالعمل على طلاء الأثاث بالبوية وتجديد التالف منه وإعادة تركيب بعض الأجزاء التالفة، إن العميل يعرف أن الأثاث تم تجديده وأنه مستعمل في الأساس، حيث يبدأ نشاطهم من خلال الإعلان عن الرغبة في الشراء عن طريق الصحف اليومية وكذا الإعلانات المبوبة والإنترنت، مضيفا أنه يعمل منذ سنوات طويلة في سوق الأثاث المستعمل ويوجد في محله جميع مقتنيات المنزل من مكيفات وثلاجات وطباخات وتلفزيونات وغرف النوم ويوجد لديه جميع الماركات وخاصة في صناعة الغرف والأجهزة الكهربائية من المنتجات الإسبانية والإيطالية والأمريكية والمصرية. من جهته، يقدر خالد صنيتان أحد أصحاب المحال قيمة غرفة النوم عند شرائها بحالة لا بأس بها ما بين 400 إلى 800 ريال وبعد أن يتم صيانتها وإعادة فكها وتركيبها إلى أربعة آلاف ريال, وفي حديث عن موسم هذه السوق يتحدث صالح النجار أحد المقيمين الذي يملك محلا باسم كفيله وقام هو على إنجاحه وتوسيعه إن فصل الصيف يعتبر موسما رائجا لشراء الأثاث المستعمل، حيث حركة الكثيرين من السفر والتنقلات والطلاب الجامعيين ممن يبيعون أثاثهم, ومن المغادرين من الجاليات الأجنبية. وفي ركن السوق جلس نايف عبد الله وهو شاب سعودي تسلم محل والده أخيرا واصفا أن هناك عائدا جيدا من مثل هذه التجارة ولا يعكر صفو السوق غير سيطرة العمالة السائبة، فهي متكتلة بشكل كبير وتستطيع الوصول وشراء الأثاث بطرق ملتوية وتعيد تجديده وبيعه بأسعار عالية. وفي حديث مع زوار السوق لـ''الاقتصادية'' يبدي ناصر مخلد استياءه من أسعار الأثاث المستعمل، ويتعجب من قرب أسعار بعض الأثاث المستعمل من الجديد رغم عدم وجود الضمانات، مضيفا أن العارف بسوق الأثاث الجديد والأسعار وما يقدم من عروض من بعض الشركات على منتجاتها من الأثاث يكتشف أن الأمر لا يستحق المجازفة بشراء أثاث مستعمل، فالفرق في السعر هنا لا ينطبق على مسمى أثاث مستعمل، ملمحا أن قيمة الشراء التي كلفت المحال للأثاث المستعمل زهيدة جدا بالنسبة إلى السعر المعروض عند البيع مع غياب الضوابط والضمانات، ويؤيده في ذلك طارق منصور الطالب الجامعي قائلا: وجدت كنبات وأطقم كراسي الفرق بينها وبين الجديد 200 ريال، مستنتجا أن هذا الأمر ينطبق عليه مسمى الغش والاستغلال. مضيفا أن المحال تستعمل الخشب المستعمل في صيانة الأثاث ولا تتحمل تكلفة كبيرة. ويرى المهتمون بالشأن الاقتصادي أن ضبط وتنظيم هذه السوق وتشجيعها سيخلق منها مشروعا جيدا وجاذبا للراغب في الاستثمار من المواطنين, مقدرين حجمها في الحركة الاقتصادية بالكبير نسبة إلى الفائض من المواد المستعملة وللثقافة السائدة من التغيير للمقتنيات والأثاث التي تباع في السوق بأسعار زهيدة, ولدخول شريحة من ذوي الدخل المحدود من السعوديين إلى الشراء منها عكس السابق. وألمحوا إلى أن مثل هذه الأسواق موجودة في الدول المتقدمة وهذا أمر طبيعي ومفيد إذا ما تم تطبيق المعايير الأمنية والصحية والتجارية من الضوابط والتنظيمات لمثل هذه الأسواق, فهي لا تعتبر سوقا للخردة إنما هي سوق للمنتجات المستعملة.
إنشرها

أضف تعليق