الشيء المسكوت عنه حتى الآن في قضية شاحنة الغاز، هو المرور. تم الكلام عن كل شيء. دراسة توصيل الغاز عن طريق الأنابيب بعد عمر طويل. وتبرع البعض بتقديم إحصائيات عن الناس الذين استغنوا عن الغاز، والذين قرروا الاستغناء عنه بعد الحادثة. شركة الغاز بدورها لم تنس أن تبرئ نفسها، وتلقي الكرة في ملعب جهات أخرى، هي التي تعطي التصريح بصلاحية شاحناتها.
لكن واقع الحال، يقول إن بطل هذه القصة وكل قصة هو المرور. إذ لو خاف سائق الشاحنة من عين المرور لما تعامل بمثل هذا الاستخفاف مع شاحنته الخطرة.
وهذا الأمر الذي كتبت عنه وكتب عنه من هو أقدر مني مرات عدة، ولكن لا أحد يستجيب، إن لم يكن بالاعتراف بالمشكلة وحلها، على الأقل بتنبيهنا أننا مخطئون.
آليات المرور في بلادنا لا تزال تعاني من البطء. ساهر كان المفروض أن يقدم حلا للمشكلات، لو تم تعميمه في كل مكان. لكن تمددت الفترة التجريبية وبقي محصورا في أماكن محدودة، وتحول إلى استثمار أكثر منه علاجا للتجاوزات المرورية. ويواكب ذلك باعتراف المرور، عدم كفاية الدوريات السيارة والراجلة في ضبط كل أرعن ومتهور ومخالف.
بل إن رجل المرور، لو بادرت بتنبيهه وهو في دوريته إلى وقوف خاطئ أو تصرف مروري غير سوي، لن يبادر بممارسة عمله، بل سيعطيك من المبررات ما يجعلك تعتب على نفسك وتشعر أنك أنت المخطئ.
أرقام وإحصائيات الحوادث المرورية وضحاياها تؤكد أننا والمرور نردد: كأننا والماء من حولنا جلوس ومن حولنا ماء. باختصار: المرور هو البطل الصامت في حكاية الشاحنة وغيرها من شاحنات وسيارات الموت السابقة واللاحقة. وهو المسؤول الأول عن كل حادثة ينتج عنها وفيات وإصابات حتى يبدأ في ردع المتجاوزين بشكل جاد.
