«الطوافة».. خدمة يتشرف بها 20 ألف مطوف
انتهجت السعودية على يد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود، طريقة فريدة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وذلك بتمكين كل شخص ينتمي إلى طائفة الحجيج القادمة من دولة معينة بطوافتهم والوقوف على أمورهم لكي يؤدون مناسك حجهم ويعودوا إلى ديارهم.
ومنذ ذلك العهد أصبحت مهنة الطوافة من أهم الأعمال التي تقدم في الحج، حيث يتم من خلال هؤلاء المطوفين خدمة أكثر من مليوني ونصف حاج قادمين من دول إسلامية ناطقة بالعربية وغيرها، وأضحت هذه المهنة معهدا لتعليم اللغات الأجنبية للمطوفين الذين يحتكون مباشرة بحجاج الدول الآسيوية والإفريقية وحتى الأوروبية.
وحول مراحل الطوافة وما مرت بها من متغيرات يقول المطوف عمر سراج محمد حسين أحد مطوفي مؤسسة جنوب آسيا: ''الطوافة التي شرفنا الله بها، وطوق بها أعناقنا، وحملنا في المسؤولية الكبرى في خدمة حجاج بيته الحرام، هي مهنة توارثها الأجداد منذ زمن بعيد وهم من ورثوها الأبناء الذين يحملون رايتها اليوم، بكل اقتدار وهمه، الذي يقدر عددهم بأكثر من 20 ألف مطوف''.
#2#
يتابع المطوف عمر سراج حديثه قائلا: ''بالنسبة لي، فكنت منذ صغري أنا وأخي نرافق أبانا وجدنا قبل وفاتهما، وكانت توكل إلينا مهام صغرى في بادئ الأمر، مما منحنا جرعات تعليمية في كيفية إدارة الحج وخدمة الحجاج، خصوصا أنه في تلك الأيام كانت أعداد ضيوف الرحمن قليلة مقارنة باليوم، حيث العدد يصل إلى خمسة آلاف حاج، ومن ثم كلما كانت خدمة حجاج أقل كانت الجرعات التدريبية مكثفة ومفهومة من جهة أخرى''.
وأشار إلى أن خدمة الحجاج أكسبته هو وعدد من المطوفين العاملين في مهنة الطوافة الكثير المهارات خصوصا اللغوية، مبينا أنه اكتسب عدة لغات حية إضافة إلى اللغة العربية، فهو يتحدث اللغة الباكستانية، والهندية، والبنجلاديشية، بحكم اختلاطه بهذه الفئات من الحجاج طوال عمله في مهنة الطواف لأكثر من أربعة عقود.
وبين الأمس واليوم، مرت مهنة الطوافة بالكثير من المتغيرات والتطورات في تقديم الخدمة للحجاج يقول المطوف عمر سراج: ''بكل تأكيد أن لكل زمن رجالا، فالطوافة قبل نحو 40 عاما ليست هي الطوافة في هذه الأيام، وهنا أتحدث عن الاختلافات في المنهجية وتقديم الخدمات، ولكن الركائز الأساسية فهي لم تتغير، فكما هو معلوم أن الطوافة ''شرف وخدمة وأمانة''. وهذا الشعار يضعه كل مطوف نصب عينه، ولا يمكن أن يحيد أي مطوف عن هذه المرتكزات، ولكن ما تغير هو النمطية التي تقدم فيها الخدمات، فقديما كان أكثر ما يشغلنا نحن المطوفين هو كيف نهيئ للحاج المسكن والمأكل فقط، وهذا ما كان يريده الحاج، وطبعا المواصلات لم تكن تهم الحاج، بحكم أن المشاعر المقدسة كانت قريبة جدا من بعضها البعض، ولم يطرأ عليها علامات التوسع، وكان الحاج يؤدي مناسك حجه مشيا على الأقدام، حتى إن بعضهم كان يفضل المشي على الصعود إلى المركبة التي كنا نوفرها له''.
ويضيف المطوف عمر سراج: ''وفي كل عام كان يدخل شيء جديد في عمل مهنة الطوافة، وبالطبع الجديد يسخر لخدمة الحاج، حتى أضحينا نقدم الخدمات المتطورة، من شرائح وأجهزة جوال ليتواصل الحاج مع أهله في بلده، وتقديم الهدايا في قدومه وترحاله إلى بلده، إضافة إلى أننا نهيئ له المساكن الفاخرة والقريبة من المسجد الحرام، والمأكولات والمشروبات تقدم له على حسب طلبه وبنفس المأكل الذي يأكله في بلده''.