أفاد مختصون ومستثمرون في قطاع الإيواء بمكة المكرمة، بأن عدد الشقق المفروشة الدائمة أو الموسمية التي كانت تجهز وتؤجر خلال موسم الحج في تقلص دائم خلال السنوات الأخيرة لصالح الفنادق التي أصبحت الجهة الأولى لإسكان الحجاج في الوقت الحالي.
وقال خليل عبد الرحمن بهادر نائب رئيس لجنة السياحة والفنادق في غرفة مكة المكرمة، إن عدد منشآت الشقق المفروشة المرخصة في مكة هو 73 مبنى، بينما بلغ عدد المصنف منها من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار التي تشرف على قطاع الفنادق والشقق المفروشة ودور الإيواء 12 فقط.
وأشار إلى أن عدد الشقق المفروشة المرخصة أصبحت لا تمثل سوى 5 في المائة، من الحجم الإجمالي لسكن الحجاج في مكة المكرمة بعد أن كانت حصتها تصل إلى 90 في المائة في السابق، مشيرا إلى أن معظم تلك الشقق تتركز الآن في مناطق العزيزية والمنصور والمناطق البعيدة نسبيا عن الحرم.
ولفت إلى أنه في المقابل زاد عدد الفنادق خلال العقدين الأخيرين في مكة المكرمة، حيث فاق عددها 700 فندق، ما حصل منها على رخص بمزاولة الخدمة بلغ 538 فندقا منها 230 فندقا مصنفا من قبل الهيئة العليا للسياحة والآثار شملت الخمسة والأربعة نجوم، إضافة إلى فنادق من فئة الثلاثة نجوم والنجمتين والنجمة الواحدة، والأُخر في انتظار تصنيفها.
وبين أن كثيرا من الفنادق المصنفة أصبحت تشغلها وتديرها شركات فنادق عالمية دخلت سوق الإسكان بمكة خلال العقدين الأخيرين، مشيرا إلى أن إسناد إدارة فندق شركة مكة للإنشاء والتعمير لشركة هيلتون العالمية لإدارة الفنادق منذ 20 عاما كانت البداية لهذا الحضور الكبير لشركات الفنادق العالمية في سوق الإسكان بمكة المكرمة.
وقال بهادر الذي يعمل في قطاع إسكان الحجاج منذ أكثر من 30 عاما، ويعد من أوائل من طور دور الإيواء بمكة المكرمة، إن التغيير في طبيعة وخريطة سكن الحجاج والمعتمرين في مكة أسهم فيه أسباب عديدة من بينها التوسعات المتتالية التي تم فيها نزع عديد من المباني القديمة التي كانت تضم غرفا وشققا مفروشة لإسكان الحجاج في السابق، كما كان عليه الحالي في مناطق جبل عمر والغزة والشبيكة والشامية والسليمانية والهجلة وغيرها.
وأوضح أن التطوير الذي شهده قطاع الإيواء في مكة المكرمة كان ضروريا لمقابلة الزيادة الكبيرة في عدد الحجاج والمعتمرين، مشيرا إلى أن جميع مناطق مكة المكرمة شهدت تطورا نوعيا كبيرا فيما يخص دور الإيواء ولا سيما المنطقة المركزية التي تحولت إلى ورشة عمل وبناء متصل على مدار الـ30 عاما الماضية.
وأشار إلى أنه قبل 20 عاما كان يتم تسكين النسبة الأعظم من الحجاج في عمائر يتم استئجارها خلال فترة الحج أو في دور سكنية يقوم أصحابها بإخلائها وتأجيرها خلال مواسم الحج أو العمرة، حيث كانوا يجمعون أغراضهم في غرفة من الشقة ويقومون بتأجير بقية غرفها للحجاج أو المعتمرين، وفي حالات أخرى يسكن صاحب الشقة في غرفة مع الحجاج فيما يقوم بتأجير بقية الغرف.
وبين أن هناك شريحة بسيطة من علية القوم كانت تقصد الفنادق القائمة وهي قليلة مثل فندق الشهداء وفندق أجياد وفندق القصر الأبيض بالشبيكة التابع لمجموعته، والذي قام بتأسيسه آنذاك من ألمانيا بأنها كانت تدار بشكل لا علاقة له بشركات الفنادق العالمية المعروفة، وإن كانت تعتمد على كفاءات عملت في تلك الفنادق العالمية.
وأوضح أن منطقة غزة على سبيل المثال وهي من المناطق القريبة من الحرم كان بها عمارتان كبيرتان هما عمارة الجفالي وعمارة إبراهيم سليم، حيث كان يقوم أصحاب الشقق بإخلائها وتأجيرها للحجاج خلال المواسم.
من جانبه أوضح عبد الله سليمان المشاط مستثمر في قطاع الإيواء في مكة المكرمة منذ أكثر من 30 عاما في مناطق قريبة من الحرم الشريف إن التطورات التي تمت خلال العقدين الأخيرين في هذا القطاع أعادت هيكلة قطاع الإسكان برمته في مكة المكرمة.
وأكد أن دخول شركات الفنادق العالمية في إدارة وتشغيل العديد من الفنادق التي أقيمت خلال نفس الفترة أوجدت مستويات سكن متميزة وحديثة ليس فقط في الشكل، بل في الخدمات أيضا، مشيرا إلى أنه أصبح بمقدور الحاج أو المعتمر اختيار المستوى الذي يريده في الإقامة والخدمات.
وأضاف أن الكثير من أصحاب العمائر الذين كانوا يقومون بتأجيرها كشقق مفروشة تحولوا إلى هدمها وأقاموا فنادق حديثة بدلا منها، موضحا أن هذه الخطوات شملت العديد من أحياء ومناطق مكة المكرمة، ولا سيما المناطق القريبة من الحرم وتشهد إقبالا على السكن فيها
وأرجع إقبال العديد على هذا التحول للتمشي مع التطوير واحتياجات الحجاج مشيرا إلى أن دراسات الجدوى أثبتت أن الفنادق أعلى دخلا، كونها تمتلك القدرة على التسويق والجاهزية على مدار العام
وأوضح أن النمو المتزايد على الإسكان في مكة المكرمة جعل العديد من المستثمرين يقومون بإعادة استثمار عوائدهم في مشاريع للإسكان أخرى، مضيفا أن الأمر نفسه شجع الكيانات والمجموعات الاقتصادية المختلفة من جميع أنحاء المملكة للاستثمار في هذا القطاع، الأمر الذي ترجم في إقامة مشاريع عقارية وفنادق ضخمة في مكة المكرمة، ولا سيما في المناطق القريبة من الحرم الشريف
وأشار إلى أن الحاج أصبح يفضل الإقامة في الفنادق على الشقق المفروشة لأنها توفر له الإعاشة والخدمات الأمر الذي يجعله يتفرغ للعبادة، فيما ما زال البعض خصوصا من الجنسيات الخليجية يفضل النزول في الشقق المفروشة وإن كانت أعدادهم في تناقص شأن التناقص في أعداد الشقق المفروشة لصالح الفنادق.

