لماذا تتعثر المشاريع؟
خلال الفترة الماضية قرأت أكثر من خبر بشأن إقدام جهات حكومية على سحب مشاريع من مقاولين، وذلك لتعثر هذه المشاريع وعدم إنجازها في الوقت المحدد في العقد، أو ربما لعدم التنفيذ حسب المواصفات المتفق عليها. وزارتا التربية والتعليم والصحة هما الجهتان اللتان قرأت إقدامهما على سحب المشاريع، واستوقفني الخبر الخاص بوزارة التربية والتعليم، إذ سحبت 451 مشروعاً، وهذا الرقم كبير جداً، لذا يجدر بنا أن نناقشه، وذلك بالسؤال: لماذا فشلت الجهات الموكل إليها التنفيذ في القيام بما أسند إليها؟!
قد تكون الشركات والمؤسسات التي فازت بالعقد أو العقود غير مؤهلة من الأساس لتنفيذ هذه المشاريع إذ ربما لا توجد لديها الخبرة، ولا الإمكانات المادية والبشرية والإدارية التي تؤهلها، لذا فالفشل أمر طبيعي في حقها، ولا يستغرب ذلك، لكن السؤال الأهم هو: لماذا تسند إليها هذه المشاريع وهي غير مؤهلة؟!
الاحتمالات كثيرة، إذ قد تكون هذه الشركات أو المؤسسات قدمت معلومات مغلوطة بشأن تاريخها وإنجازاتها وإمكاناتها، وأعطت صورة إيجابية، لكن في الوقت ذاته ليس لدى الجهة المستفيدة الآليات التي تؤهلها للتأكد من صحة هذه المعلومات، وهذا مؤشر خطير، إذ لا بد من إجراءات وأنظمة وآليات تضمن عدم دخول مثل هذه الشركات والمؤسسات سوق المقاولات. أما الاحتمال الثاني فهو أن نظام مقاولات الباطن هو السبب، إذ قد تكون الشركة التي تقدمت بالعرض أثناء المناقصة مؤهلة ولديها الإمكانات، لكنها أسندت المشروع إلى مقاول الباطن، وكم سمعنا عن مشاريع تعثرت لمثل هذا السبب، حيث يأخذ الهامور الكبير حصة الأسد من المبلغ ويترك الفتات أو ما دون الفتات لمؤسسة رديئة تقوم بهذه المهمة، ويذكر في المجالس أن مسجداً من المساجد نفذه المقاول الحادي عشر، حيث كل مقاول يسنده للآخر حتى وصل المقاول الحادي عشر الذي انتهى المشروع على يديه.. لكن بأي صورة انتهى؟
أما الاحتمال الثالث فهو أن إجراءات المناقصة ربما لم تكن سليمة من الأساس، وتم التلاعب بها وأسندت بتأثير من ذوي النفوذ إلى مؤسسات غير مؤهلة من الأساس، لذا جاءت النتيجة متفقة مع المقدمات.
الفشل في تنفيذ المشاريع ربما يعود لأسباب أخرى كأن يحدث تغير في أسعار مواد البناء كالحديد والأسمنت، وغيرها، لكن هذا لا يعفي ولا يبرر ترك مشاريعنا تتعثر بهذا الشكل، ما يحرمنا الاستفادة منها ويضيع المال العام الذي يفترض أن نحرص عليه. إذ إن الشركة المؤهلة يفترض فيها أخذ هذا الأمر في الاعتبار ولا يمكن استمرار أسعار السلع ثابتة، كما أن من الأسباب لفشل المشاريع إدخال الجهة المستفيدة تعديلات على المشروع، وهذا يربك الجهة المنفذة، ما يؤخر في التنفيذ أو يعطله من الأساس.
من أسباب تعثر المشاريع أو فشلها تأخر الجهات التي تتبعها المشاريع في دفع المستحقات أو الدفعات، وهذا يؤثر كثيراً، إذ إن الشركة المنفذة بحاجة إلى توفير مواد المشروع ودفع رواتب العمال والمهندسين.
أعتقد أن مما يساعد على تجاوز هذه المشكلة توفير قاعدة معلومات بشأن الشركات والمؤسسات تتضمن تصنيفا لمستوياتها وخبراتها، وهل لها سابق خبرات فاشلة والإمكانات المادية والبشرية المتوافرة لديها، وهذا يمكن الجهات صاحبة المشاريع من اختيار الأنسب بين هذه الشركات والمؤسسات.