«صندوق النقد»: العمالة الوافدة لا تنافس السعوديين في الوظائف

«صندوق النقد»: العمالة الوافدة لا تنافس السعوديين في الوظائف
«صندوق النقد»: العمالة الوافدة لا تنافس السعوديين في الوظائف
«صندوق النقد»: العمالة الوافدة لا تنافس السعوديين في الوظائف

أكد لـ "الاقتصادية" ديفيد روبنسون مدير إدارة الأبحاث في صندوق النقد الدولي، أن العمالة الوافدة التي تكتظ بها الأسواق وأماكن العمل في السعودية لا تعد منافساً مباشراً للمواطنين على الوظائف، وقال: "إن سوق العمل في السعودية - كما هي الحال في البلدان الأخرى في مجلس التعاون الخليجي - ذات طابع فريد إلى حد ما، من حيث الأعداد الكبيرة للعمالة الوافدة، وتعمل معظم الأيدي العاملة الوافدة في وظائف تعاني نقص العمالة السعودية في الأصل، وبالتالي لا تعد منافساً مباشراً للمواطنين السعوديين".

وأوضح روبنسون الذي قاد وفداً من صندوق النقد إلى الرياض خلال الفترة الماضية في مهمة تتعلق بتشاور جهات الصندوق مع الدول الأعضاء لتبادل وجهات النظر حول التطورات الاقتصادية الأخيرة والتحديات التي تواجه السياسة الاقتصادية، أن زيادة فرص التوظيف أمام المواطنين السعوديين تدعو إلى أن يكون التركيز على إيجاد وظائف مستقرة طويلة الأجل في القطاع الخاص.

وأوضح أن هناك ثلاثة عوامل تسهم في حركة التضخم - أي الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية – في السعودية، وهي المواد الغذائية والإسكان والخدمات المحلية المختلفة.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

أكد ديفيد روبنسون نائب مدير إدارة الأبحاث في صندوق النقد الدولي، أن هناك ثلاثة عوامل تسهم في معدل التضخم – أي الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية – في المملكة، وهي المواد الغذائية والإسكان والخدمات المحلية المختلفة.

وفي حوار مع جريدة ''الاقتصادية'' بمناسبة ترؤسه بعثة رسمية لصندوق الدول التي زارت الرياض خلال أيار (مايو) الماضي، في مهمة تتعلق بتشاور جهات الصندوق مع الدول الأعضاء، لتبادل وجهات النظر حول التطورات الاقتصادية الأخيرة والتحديات التي تواجه السياسة الاقتصادية والفرص المتاحة في الفترة المقبلة، أشار روبنسون إلى أن معظم المواد الغذائية تأتي عن طريق الاستيراد، وبالتالي فإن التضخم في أسعار المواد الغذائية هو إلى حد كبير علامة على التطورات في أسعار السلع العالمية.

أما العوامل الأخرى التي تسهم في مؤشر التضخم فإنها تتأثر بمستوى الطلب المحلي.

إلا أن أسواق رأس المال وأسواق العمل السعودية، التي تتسم بانفتاح نسبي، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، تساعد في تقليص نقاط الاختناق الهيكلية، والتي أسهمت في تضخم البلدان الأخرى ذات النمو الاقتصادي السريع.

وتطرق روبنسون في هذا الحوار إلى نقاط متعددة تهم حركة الاقتصاد العالمي، إضافة إلى قضايا مالية أخرى.. إلى محصلة الحوار:

ما الهدف من زيارتكم خلال شهر أيار (مايو) الماضي إلى الرياض التي استغرقت نحو أسبوعين، وما أهم الموضوعات التي طرحتموها وما أهم مؤشراتها؟

زار فريق صندوق النقد الدولي السعودية في الفترة من 14 إلى 26 أيار (مايو). وأجرى الفريق المشاورات السنوية حول المادة الرابعة. وتحدث هذه الزيارات بصورة اعتيادية إلى البلدان الأعضاء في الصندوق، وتتيح إمكانية تبادل وجهات النظر حول التطورات الاقتصادية الأخيرة والتحديات التي تواجه السياسة الاقتصادية والفرص المتاحة في الفترة المقبلة. والتقى الفريق مع إبراهيم العساف وزير المالية ومحمد الجاسر وزير الاقتصاد والتخطيط وفهد المبارك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، إضافة إلى عدد من كبار المسؤولين الحكوميين، وممثلين عن القطاع الخاص، بما في ذلك الغرفة التجارية، وعدد من البنوك التجارية. كذلك قمنا بزيارة إلى جامعة الملك سعود وجامعة الأميرة نورة.

كيف توسعت المملكة في المساعدة المالية بالنسبة لدول العالم أو المنظمات المالية الدولية الأخرى؟

بالنسبة لوضع المنطقة فإن المساعدات المالية تسير عبر قناة الصندوق السعودي للتنمية. وقد شهدت الالتزامات خلال هذا الصندوق زيادات كبيرة لا يستهان بها – من الأول من كانون الثاني (يناير) 2011 إلى الأول من حزيران (يونيو) 2012، حيث قام الصندوق بالتزامات جديدة تقارب 18 مليار دولار لمساندة عدد من البلدان في الشرق الأوسط. كذلك تستفيد اقتصادات المنطقة بصورة كبيرة من النمو المتسارع للمملكة ومن زيادة الإنفاق من المالية العامة، عن طريق زيادة الصادرات إلى المملكة وارتفاع تحويلات العمال الأجانب نظراً لاستخدام مزيد من العمالة الأجنبية. كذلك فإن السعودية هي عضو نشط في صندوق النقد، حيث إنها تشغل مقعداً من أصل 24 مقعداً في المجلس التنفيذي للصندوق. كما أن المملكة هي جزء من الجهود الدولية الرامية إلى ضمان أن تتوافر لدى الصندوق موارد كافية لكي يكون قادراً على الاستجابة للاحتياجات المالية للبلدان أثناء أزمة منطقة اليورو، حيث إن السعودية تعهدت، في نيسان (أبريل) من العام الحالي، بمبلغ 15 مليار دولار كتمويل إضافي يستطيع الصندوق اقتراضه إذا دعت الحاجة. كذلك وفرت السعودية مساندة مالية للمساعدات التي يقدمها الصندوق إلى بلدان الدخل المنخفض إلى جانب برامج المساعدة الفنية التي يقدمها الصندوق.

#2#

لماذا يظل الفائض في المالية العامة والفائض في الحساب الجاري قويا للغاية على مستوى السعودية؟ وهل كانت لديكم أي ملاحظات سلبية أو نصائح حول السياسية المالية للسعودية طرحتموها خلال الزيارة الأخيرة؟

بطبيعة الحال يهيمن النفط على ميزان الحساب الجاري ووضع المالية العامة في المملكة، حيث يشكل النفط في الوقت الحالي ما بين 80 إلى 90 في المائة من المقبوضات المالية العامة والخارجية. وتعتبر قوة هذه الحسابات خلال عام 2011، وخلال الفترة السابقة من عام 2012 وحتى تاريخه، علامة على ارتفاع أسعار النفط وكذلك ارتفاع إنتاج النفط، على اعتبار أن السعودية، تمشياً مع سياستها الثابتة في هذا المجال، استخدمت بعضاً من طاقتها الإنتاجية الاحتياطية في مسعى منها لتثبيت الاستقرار في أسواق النفط.

وفي المرحلة المقبلة نتوقع أن نرى تراجعاً في هذه الحسابات في الوقت الذي تعود فيه أسواق النفط إلى وضع قريب من الوضع الطبيعي، وفي الوقت الذي يستمر فيه الارتفاع في الإنفاق من المالية العامة، وذلك بسبب تنفيذ الخطط القائمة الرامية إلى معالجة المواضيع المهمة على المستوى الاجتماعي، من قبيل الإسكان.

فيما يتعلق بمباحثاتنا بخصوص سياسة المالية العامة، فهذه المباحثات ملخصة في تقرير اللجنة حول المادة الرابعة، والذي يمكن الاطلاع عليه من موقع صندوق النقد على العنوان (www.imf.org). ومن الأمور المهمة التي تناولتها المباحثات نذكر البحث حول كيفية تعزيز مؤسسات الميزانية من أجل فصل العلاقة التي تربط بين مستوى الميزانية العامة وبين العوائد النفطية، والعمل على تعزيز كفاءة الإنفاق من الميزانية، بما في ذلك تعزيز كفاءة عمليات إعداد الميزانية، والخيارات الرامية إلى توسيع صافي الإيرادات من أجل تعزيز الإيرادات غير النفطية.

لماذا تظل نسبة التضخم في المملكة خلال عام 2012 متواضعة عند نحو 5 في المائة؟ وما الدلائل التي تؤكد على حدوث تسارع في الاقتصاد السعودي؟

هناك ثلاثة عوامل تسهم في حركة التضخم – أي الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية – في المملكة، وهي المواد الغذائية والإسكان والخدمات المحلية المختلفة. معظم المواد الغذائية تأتي عن طريق الاستيراد، وبالتالي فإن التضخم في أسعار المواد الغذائية هو إلى حد كبير علامة على التطورات في أسعار السلع العالمية. أما الضغوط التضخمية في قطاع الإسكان فإنها مدفوعة بالمبادرات الحالية التي ترمي إلى توسيع قاعدة العرض في المساكن من أجل تحسين القدرة على الحصول على تمويل للإسكان. أما العوامل الأخرى التي تسهم في مؤشر التضخم فإنها تتأثر بمستوى الطلب المحلي. وفي حين أن الطلب المحلي يشهد منذ فترة زيادة سريعة، إلا أن أسواق رأس المال وأسواق العمل السعودية، التي تتسم بانفتاح نسبي، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، تساعد في تقليص نقاط الاختناق الهيكلية (والتي ساهمت في تضخم البلدان الأخرى ذات النمو الاقتصادي السريع). وهناك عدد من المؤشرات المبكرة على الضغوط المؤدية إلى حركة توسعية سريعة في الاقتصاد، نذكر منها معدل الإنفاق من المالية العامة، ومعدل توسع الائتمان، ونمو الواردات، وعدد من المؤشرات المختلفة الواردة في استبيانات ومؤشرات مديري الشراء.

#3#

هل تتوقعون أي تأثيرات مالية بسبب أزمة أوروبا المالية على منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج خاصة؟

لا يوجد لدى منطقة الشرق الأوسط ككل إلا عدد محدود من الروابط المالية المباشرة مع منطقة اليورو. وتعتبر الإمارات استثناء لذلك، لكن إعادة هيكلة الديون وعمليات التخلص من الرفع المالي (أي الإنفاق المباشر على المشاريع) تسير على نحو منظم على الرغم من المشكلات الصعبة والرياح الآتية من أوروبا. ومن الأمور المثيرة للقلق هناك الروابط التجارية والاستثمارية المهمة مع بلدان شمال إفريقيا، وهو ما يجعل المنطقة معرضة للتأثر بالفترة الطويلة من النمو البطيء في أوروبا.

كيف يمكن زيادة دور القطاع الخاص السعودي وتفاعله في اقتصاد البلاد؟ وكيف يمكنه المساهمة في صنع فرصة وظيفية للسعوديين لحل مشكلة البطالة؟ وهل ترى أن السعودية من أكثر دول العالم التي توجد بها عمالة أجنبية وافدة؟

شهد القطاع الخاص نمواً بمعدلات سريعة (حيث قدر معدل النمو في عام 2011 بأنه 8.5 في المائة، أي بمعدل أسرع من النمو في القطاع الحكومي)، حيث كان محرك النمو هو قطاع التصنيع وقطاع الإنشاءات. ومن الواضح أن قسماً من هذا النمو مرتبط بالاستثمارات العامة الإضافية في البنية التحتية والإسكان. ويستلزم تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد – بحيث أن يستطيع القطاع الخاص بدلاً من الحكومة أن يصبح هو المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي – يستلزم جهوداً مستمرة على مدى سنوات كثيرة. وفي حين أن المملكة تسجل معدلات عالية في مسوحات بيئة الأعمال، إلا أنه كان يغلب على النمو أن يكون مدفوعاً بتراكم العوامل (أي المزيد من مدخلات رأس المال واليد العاملة) مع دور أقل للإنتاجية. ومن هذا الباب فإن التركيز على تنمية وتعزيز الإنتاجية سيكون من الأمور المهمة في المرحلة المقبلة.

ونلاحظ أن أسواق العمل وبرامج صنع الوظائف هي من القضايا المهمة عبر الاقتصاد العالمي.

ونرى أن سوق العمل في المملكة – كما هي الحال في البلدان الأخرى في مجلس التعاون الخليجي – ذات طابع فريد إلى حد ما، من حيث الأعداد الكبيرة للعمالة الوافدة.

وتعمل معظم اليد العاملة الوافدة في وظائف تعاني من نقص العمالة السعودية في الأصل، وبالتالي لا تعتبر منافساً مباشراً للمواطنين السعوديين.

ومن حيث زيادة فرص التوظيف أمام المواطنين السعوديين فإن الحاجة تدعو إلى أن يكون التركيز على خلق وظائف مستقرة طويلة الأجل في القطاع الخاص.

ويمكن تحقيق ذلك بعدد من الطرق، منها تقديم المساندة (الفنية والمالية على حد سواء) لظهور شركات صغيرة ومتوسطة الحجم، وتوسيع برامج التدريب والأشكال الأخرى من اكتساب المهارات.

وكثير من هذه البرامج هي في طور التنفيذ في المملكة في الوقت الحاضر، رغم أنه لا يزال من السابق لأوانه إعطاء تقييم للأثر المترتب على هذه البرامج والمبادرات.

الأكثر قراءة