Author

الأحساء محافظة الاقتصاد الزراعي

|
كتبت في هذه الصفحة قبل أربع سنوات مقالاً عن الأحساء وضرورة الاهتمام بها لتكون مركزاً اقتصادياً ومورداً من موارد البلاد، وجاء ذلك المقال على خلفية زيارة خاطفة قمت بها لمحافظة الأحساء. واسترعى انتباهي في تلك الزيارة كثرة وجود الإخوة القطريين في الأسواق وفي الفندق الذي أقيم فيه، كما استرعت انتباهي كثرة البضائع التي يحملونها معهم في سياراتهم.. وحينها اقترحت أن تقام مدينة اقتصادية، ويتم الاهتمام بالمحافظة من حيث التخطيط، والنظافة، وإقامة مراكز تجارية كبيرة تساعد على جذب السياح والمتسوقين من داخل المملكة وخارجها. الأحساء منذ زمن بعيد -وأنا لست بصدد رصد تاريخي- اشتهرت بنخيلها وعيونها وبأهلها المحبين للعمل والإنتاج وبصناعاتها المرتبطة بموارد المحافظة حتى إن تمورها كانت تسوق في مدن ومناطق المملكة المختلفة ولا تزال، كما اشتهرت بصناعات النسيج وبالذات صناعة البشوت الحساوية. رأيت العودة للكتابة عن المحافظة مرة أخرى لسببين الأول إيماني بأهمية العناية بهذه المحافظة، أما السبب الآخر فهو ما قرأته أخيرا بشأن تطوير ميناء العقير، حيث ذكر الخبر أنه تم رصد مليار و200 مليون ريال للبنية الأساسية لهذا الميناء، ولذا شعرت بسعادة غامرة. المحافظة مؤهلة لتكون رائدة في الإنتاج الزراعي والصناعات المرتبطة بالزراعة كصناعات الحلوى والآيس كريم والدبس، وكل ما يمكن استخلاصه من التمور، كما أن الصناعات ذات العلاقة بالنخلة كالسعف والليف والكرب ليست بالجديدة على المحافظة وأهلها كالفرش والزبلان والمراحل، وأدوات المنزل، ولا سيما ونحن نرى أسواقنا مملوءة بالمستورد من هذه الصناعات التي تغزونا من أماكن عدة في العالم. الخبرة المتراكمة لدى أهل المحافظة فيما له علاقة بالنخلة وبالنسيج، وحبهم للعمل والإنتاج وإخلاصهم، تؤكد ضرورة إقامة مدينة اقتصادية تكون مركزاً جاذباً تعرض فيه منتجات المحافظة، ومنتجات المحافظات والمناطق الأخرى في المملكة، وهذا من شأنه المساعدة على توفير فرص عمل للمواطنين، وجذب أموال من خارج المملكة تزيد من مستوى النشاط الاقتصادي. الأستاذ مهنا الحبيل وبعض أبناء المحافظة بدأوا يكتبون عن المحافظة، وآخر ما قرأت دعوتهم شركة أرامكو لعمل شيء تعوض به المحافظة عن الخلل الناتج من استنزاف آبار النفط، الذي أدى بدوره إلى نضوب الماء بسرعة فائقة بسبب ما حدث من خلل جيولوجي، وهم محقون في هذه الدعوة وعلى "أرامكو" العمل على معالجة الخلل حتى تستعيد المحافظة شيئاً مما فقدته. الجامعات ومراكز البحث العلمي لها دور منتظر في هذا التوجه الذي تأخذ به الحكومة بشأن المحافظة، لذا أعتقد أن جامعة الملك فيصل يفترض أن تلعب دوراً بارزاً في رسم التوجهات الاقتصادية والتنموية في المحافظة من خلال زيادة البحوث ذات العلاقة بمنتجاتها الزراعية وعقد المؤتمرات والندوات، واستضافة أساتذة وخبراء زراعة وتصنيع واقتصاد زراعي، كما أن الغرفة التجارية والصناعية في المنطقة الشرقية ومجلس الغرف التجارية والصناعية في المملكة تقع عليهما مسؤولية كبيرة في رسم التوجهات التنموية وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في المحافظة، وذلك من خلال الدراسات التي تكشف الفرص الاستثمارية المتوافرة. بمناسبة اليوم الوطني الثاني والثمانين رأيت الكتابة بشأن هذه المحافظة وأهميتها للوطن بشكل عام وأهميتها الاقتصادية بشكل خاص، لأننا نتطلع كمواطنين إلى أن نرى وطننا في كل عام أفضل من العام الذي قبله، وهذا لا يتحقق ما لم نلتمس حاجات المناطق والمحافظات ونسعى إلى توفيرها، لأن في قوة كل محافظة ومنطقة قوة للوطن بشكل عام.
إنشرها