على غير العادة تغير السكون الذي كان يلف وسائل الاتصال صباح وظهيرة كل يوم جمعة، إلى رسائل عديدة ومكثفة أمس، استحضر فيها المستخدمون صفات ومآثر وأخلاق الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ونددوا فيها بالفيلم المسيء له ولزوجاته رضوان الله عليهن، وبكل إساءة للنبي وآل بيته بأي شكل وأي طريقة.
وانتفضت كل وسائل الاتصال أمس منذ ساعات الصباح الأولى، وما فيها من تقنية معلوماتية، ضد الفيلم المسيء للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حيث غير مستخدمو تلك الوسائل البروفايل الخاص بكل واحد منهم، ووضع صورا وعبارات تعبر عن حبهم العميق اللامنتهي لنبيهم الكريم.
كما رافق تغيير تلك الصور، عبارات تنديد وغضب عارم، إضافة إلى قصائد مكتوبة، ومسموعة، أوصلوا من خلالها رسائل تضمنت الحب الكبير الذي يكنونه لرسول الأمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك شهدت تلك الرسائل مطالبات مُكثفة بالمقاطعات الاقتصادية والنهائية لكل من أساء للنبي محمد.
#2#
ورصدت "الاقتصادية" أمس مشاعر المتواصلين عبر وسائل التقنية، حيث تدفقت آلاف الرسائل عبر تقنية الواتس أب، وتويتر، والفيس بوك، وكل المواقع على الشبكة العنكبوتية، لتندد بالفيلم المسيء للنبي الكريم، كما شهدت مواضيع المشاركين ورسائلهم استحضار صفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وواجب المسلمين اتجاه الفيلم وموقفهم الإنساني والديني منه، كما رصدت "الاقتصادية" تناقل العديد من المواقع لصفات وأخلاق النبي المصطفى، ومواضيع تتحدث عن واجب المسلمين عموماً اتجاه نبي الأمة، والحث على إنشاء حملات تعريفية كبيرة للتعريف أكثر وأكثر بشخصية الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - كما طالب المستخدمون وبإلحاح شديد وغضب عارم بمحاكمة منتجي الفيلم العقوبة الرادعة، وعدم الاكتفاء بالتنديدات فقط.
وكانت الهيئة العالمية للعلماء المسلمين التابعة لرابطة العالم الإسلامي قد استنكرت الإساءة المشينة إلى خاتم الأنبياء محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، جاء ذلك في بيان أصدره الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام للرابطة رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين، حيث استنكر قيام جهات غير مسؤولة في الولايات المتحدة بإنتاج فيلم مسيء إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ووصفت الهيئة هذا العمل بالمشين, وعدّته جريمة نكراء لا يجوز السكوت عليها، وقالت إن حرية التعبير تكون فيما لا يمس الأديان والقيم والمقدسات وفق ما نصت عليه القوانين الدولية، وما اتُفق عليه في مؤتمرات الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وما تضمنته مبادرة الحوار التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ورحب بها قادة العالم ومؤسساته.
وقال البيان: إن المسلمين اليوم هم خُمس سكان العالم، ودولهم ترتبط بعلاقات متميزة مع دول العالم، وليس من المصلحة إثارتهم بالإساءة إليهم وإلى عقيدتهم ودينهم ونبيهم من قبل فئة متطرفة هدفها إثارة الفتن وتجديد الدعوة إلى الصدام بين الحضارات.
وأكدت الهيئة على المكانة العظيمة للنبي محمد - صلوات الله وسلامه عليه - وطالبت بمحاكمة منتجي الفيلم وفق ما تقتضيه القوانين والاتفاقات الدولية، وعدم الاكتفاء بالشجب والتنديد، لمخالفتهم الصريحة للقرار الذي أصدرته الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بتاريخ 20/3/2008 بشأن احترام الأديان، وعدم الإساءة إلى الدين الإسلامي، ورفض أي إساءة إلى النبي محمد أو تشويه صورته، ودعت الحكومات والمنظمات الإسلامية في العالم لوضع استراتجية واضحة لمواجهة هذه الإساءات إلى الإسلام ورسوله، عليه السلام، كما دعت المسلمين في أنحاء المعمورة للتعمق في دراسة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه لأبنائهم، والاقتداء به عليه الصلاة و السلام، وأخذ الأسوة منه باتباعه والتخلق بخلقه العظيم, والبعد عن المواقف المرتجلة أو الانسياق وراء ردود الأفعال، والتعامل مع حالات الاستفزاز والإساءة وفق نهج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرد الحكيم الذي لا يجيز للمسلمين الانفعال الذي يتجاوز الحق، أو الاعتداء على الأنفس والممتلكات والسفارات بغير حق وأكدت الهيئة أن الإسلام يحرم على المسلمين قتل الأنفس بغير حق، وهو ما يوجب عليهم عدم الاعتداء على الأنفس وأهابت بكل مسلم أن يطبق نهج الإسلام ومنهاج خاتم الأنبياء في حياته، وأن ينأى بنفسه عن العدوان على رعايا الدول الأخرى وسفرائها، حتى لا يستغل أعداء الإسلام ردود الأفعال المرتجلة في تشويه الإسلام.


