Author

60 عاما على تأسيس مجلس الوزراء الموقر

|
يصادف هذا العام مرور 60 عاما على تأسيس مجلس الوزراء السعودي الموقر، ففي عام ١٩٥٣ أصدر الملك عبد العزيز - طهر الله ثراه - أمرا ملكيا برقم ٥/١٩/٤٢٨٨ وتاريخ غرة ربيع الأول ١٣٧٣هـ بتأسيس مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد يومذاك الملك سعود بن عبد العزيز - رحمه الله - ومع الأسف، فإن مجلس الوزراء لم يجتمع في حياة الملك عبد العزيز، فقد عاجلته المنية وانتقل إلى الرفيق الأعلى قبل أن يفتتح أول جلسة لمجلس الوزراء الذي تنص أولى مواده على ما يلي: يؤلف مجلس وزراء تحت رئاسة ولدنا سعود ولي عهد المملكة القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويتألف من جميع وزراء الدولة المكلفين بإرادة ملكية لإدارة شؤون الوزارات المعهودة إليهم للنظر في جميع شؤون الدولة خارجية كانت أو داخلية، فتقرر بشأنها ما يراه موافقا لمصلحة البلاد لأجل عرضها علينا. وبانعقاد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء في عهد الملك سعود.. يعتبر مجلس الوكلاء الذي كان يدير شؤون البلاد والعباد قد انتهت صلاحياته، ليس هذا فحسب، فقد امتدت صلاحيات مجلس الوزراء إلى قيامه بوضع الأنظمة والتشريعات التي كان يقوم بها مجلس الشورى. وإذا كانت السلطات في جميع الدول تنقسم إلى ثلاث سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، فإن مجلس الوزراء السعودي هو السلطة التنفيذية والتنظيمية التي اضطلعت برسم سياسة الدولة وبناء قطاعاتها وتصميم وتنفيذ برامجها ومشاريعها التنموية التي انتقلت بالمملكة من دولة تقتات على مساعدات الدول الشقيقة والصديقة إلى دولة عفية وغنية تحتل مكانة مهمة بين الدول في الساحتين الإقليمية والدولية. وفي مثل هذه المناسبة الوطنية كان يجب أن تحتفل وسائل الإعلام وجميع المواطنين بهذه المناسبة الوطنية الخالدة وتذكر الشعب السعودي بميلاد وإنجازات هذه المؤسسة الدستورية العريقة التي لعبت دوراً كبيراً في بناء الوطن والمواطن. وإذا كان مجلس الشورى قد نشأ في عام 1927 قبل مجلس الوزراء وكلف بسن الأنظمة ووضع التشريعات، فإن مجلس الوزراء قام بتحديث الأنظمة والتشريعات وأسهم في وضع الكثير منها، وقام بالبحث عن الموارد وتصميم خطط التنمية ووفر للمواطن السعودي المسكن والمأكل والأمن والتعليم والصحة والنقل والمواصلات والاتصالات والماء والكهرباء وبناء المستقبل الوارف الظلال. لذلك إذا وضعنا مجلس الوزراء في التقييم الموضوعي بعد مرور 60 عاما، فإننا نجد أن مجلس الوزراء هو الذي اضطلع بتحقيق التحولات التنموية والتاريخية التي يتفيأ ظلالها الشعب السعودي من أقصاه إلى أقصاه. ومنذ البواكير الأولى لاكتشاف البترول وضع مجلس الوزراء سياسة بترولية تتسم بالموضوعية، وتحافظ على المصالح العليا للوطن، وتهدف إلى توفير المال اللازم للارتفاع بمستوى معيشة المواطن وتنفيذ برامج ومشاريع التنمية المستدامة مع المحافظة على استقرار الاقتصاد العالمي دون التفريط في الحقوق المشروعة للمملكة، فضلا عن ذلك فإن مجلس الوزراء وفر للمفاوض السعودي موقفا قويا للتفاوض من أجل التوصل إلى تسوية عادلة انتهت بالتوقيع على اتفاقيات عادلة للحدود الدولية والتوقيع على اتفاقيات حسن الجوار مع جميع الدول التي تربطها حدود دولية مع المملكة، وكذلك التوقيع على كثير من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية. واتسمت قرارات مجلس الوزراء بالحكمة حينما تعرضت المنطقتان الخليجية والعربية للأزمات العاتية والحروب الإقليمية، ويأتي في مقدمتها موقف المملكة إزاء الحروب العربية - الإسرائيلية، ثم بعد ذلك موقف المملكة إزاء الحربين الخليجيتين اللتين أشعلهما صدام حسين في موقعتين، الأولى ضد إيران والثانية ضد الكويت، ثم سلسلة القرارات الحكيمة التي اتخذتها المملكة إبان الغزو الأمريكي للعراق، والموقف من المشروع النووي الإيراني الذي استهدف حماية المنطقة من مأزق التورط في حرب جديدة مدمرة، وأخيرا الموقف من الثورة الشعبية في سورية الشقيقة. ومن المشاريع اللافتة التي أقرها مجلس الوزراء وظل يتابع مراحلها المهمة طوال ما يقرب من 60 عاماً مشاريع توسعة الحرمين الشريفين وتوابعهما في المشاعر المقدسة، التي تعتبر علامة مضيئة في جبين إنجازات الحكومة، كما أن من أهم المشاريع التي أقرها مجلس الوزراء في الألفية الثالثة مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع بناء المدن الاقتصادية العصرية، إضافة إلى بناء المدن الجامعية والمدن الرياضية. بمعنى أن مجلس الوزراء تحمّل الجزء الأكبر من مسؤولية بناء الدولة الحديثة وتنفيذ مشاريعها وتحقيق الاستقرار لها، وحماية حدودها الدولية، وتحقيق إنجازاتها التنموية وتحويلها من دولة متخلفة إلى دولة تنافس في احتلال المقاعد الأولى بين الدول التي تشك أن تدخل مع الدول المتقدمة في بهو ما يسمى مجتمع المعرفة والاقتصاد الرقمي. إن قصة تأسيس مجلس الوزراء وإنجازاته المبهرة من أجمل القصص في تاريخنا الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لأن مجلس الوزراء موجود في يوميات كل مواطن، وموجود في التفاصيل الدقيقة لكل أسرة سعودية، وكل مواطن سعودي يدين بالفضل لمجلس الوزراء فيما وصل إليه من مستوى معيشة متقدم، بل نستطيع القول إن مجلس الوزراء دخل - منذ تأسيسه - في تشكيل الشخصية السعودية، وما زالت بصماته واضحة في بناء الإنسان السعودي منذ الولادة حتى الوفاة، وربما منذ ما قبل الولادة وما بعد الوفاة. إن الأمل كبير في أن هذا المجلس الموقر والمحترم سوف يواصل تنفيذ العديد من برامج التنمية المستدامة حتى يرتقي بالمواطن والوطن ليبلغ أعلى مستويات التقدم والرفاهية.
إنشرها