رسالة للمشككين في برنامج «كفالة».. الأرقام خير شاهد
نشرت ''الاقتصادية'' في العدد 6851 تحقيقا صحافيا بعنوان: ''مختصون: برنامج ''كفالة'' ما زال يحبو.. وسعر الفائدة يحدّ من فائدته''، الذي رصد آراء عدد من المختصين وانطباعاتهم عن برنامج ''كفالة'' تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ''كفالة''.
مختصون من رواد الأعمال، وصفوا برنامج ''كفالة'' بالتقرير ذاته، على أنه لم يخطُ خطوات مهمة حتى الآن في تحقيق الأهداف المرجوة منه، مؤكدين أن الحاجة ما زالت قائمة إلى إعادة النظر في آلية عمل البرنامج، ليكون أكثر فاعلية في نشاطه ويخدم أكبر شريحة ممكنة في مختلف مناطق المملكة. وأشار أيضا أحد المختصين في التقرير نفسه إلى أن البرنامج، رغم أن عمره تجاوز ست سنوات إلا أن النتائج ما زالت متواضعة أمام الأهداف التي أنشئ من أجلها، وما زال الكثير من المعوقات تقف حاجزا واضحا أمام نجاحه رغم حرص الدولة على تقديم جميع التسهيلات اللازمة لضمان نجاح هذا الدعم ووصوله إلى المستفيدين منه من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولا سيما حين النظر إلى النسبة التراكمية التي يدفعها العميل، وهو المنشأة الصغيرة والمتوسطة، لوجدناها تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من ضعف ما تدفعه المنشآت خارج البرنامج مقابل تسهيلات ذات مخاطر مقبولة.
المهندس أسامة المبارك، رئيس برنامج ''كفالة'' المكلف، كشف في تعقيب له على التقرير المذكور، نشر بعدد ''الاقتصادية'' رقم 6872، أنه في بداية تنفيذ البرنامج كانت النتائج من جانب جهات التمويل ضعيفة (51 كفالة عام 2006)، وذلك نتيجة لحداثة فكرة البرنامج بالنسبة للمصارف المتعاونة مع البرنامج (ضمان مخاطر التمويل)، ولكن سرعان ما قامت المصارف المتعاونة مع البرنامج بإعداد الدراسات اللازمة لإعادة هيكلة الإدارات الخاصة بتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، واستخدام نظم معلوماتية جديدة تتناسب مع طبيعة وآليات عمل البرنامج، لتسهيل إجراءات حصول أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التمويل اللازم، وأسفرت هذه السياسات عن تطوير كبير في الأداء وزيادة تفاعل جهات التمويل مع البرنامج بشكل ملحوظ.
إن المتابع عن كثب لنشاط برنامج ''كفالة''، منذ بداية انطلاقته في عام 2006، يدرك تماما إنجازات البرنامج، التي تحققت خلال فترة قصيرة من الزمن لم يتجاوز عمرها ست سنوات، التي تجاوزت توقعات وفرضيات الاستراتيجية المرسومة لتلك الإنجازات في الأساس، حيث تمكن البرنامج منذ بداية التأسيس، وحتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، من إصدار 3930 كفالة، استفادت منه نحو 2440 منشأة، وبقيمة إجمالية للكفالات قدرت بنحو 1.825 مليون ريال مقابل تمويل من جهات التمويل المختلفة بلغت قيمته الإجمالية 3.951 مليون ريال.
وبمقارنة هذه الأرقام بما كان متوقعا في الدراسات المعدة قبل تأسيس البرنامج، بناء على تجارب سابقة ومتشابهة في دول أخرى، يعد هذا إنجازا رائعا للغاية، يترجم تفاعل وإقبال المصارف السعودية المشاركة في البرنامج، التي وفرت جميع الإمكانات المتاحة من الموارد البشرية الوطنية المؤهلة فنيا وإداريا، إضافة إلى تخصيص إدارات متخصصة لخدمة المتقدمين على البرنامج من فئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
كما عمد البرنامج إلى التوزيع العادل والمتكافئ للكفالات الممنوحة من قبل البرنامج لتشمل جميع مناطق المملكة، وتغطي جميع الأنشطة الاقتصادية دون استثناء شريطة أن تحدث قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وتعمل على فتح مجالات توظيف جديدة للمواطنين السعوديين.
جدير بالذكر، أن جهود البرنامج لم تقتصر فقط على إصدار الكفالات، لتوفير التمويل اللازم لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بل امتدت لتشمل جانب التدريب والتثقيف وتنمية روح العمل الحر لدى شباب الأعمال، وذلك من خلال عقد 36 فعالية تحت مسمى (يوم المنشآت الصغيرة والمتوسطة) بالتعاون مع الغرف التجارية الصناعية، والمصارف السعودية المشاركة بالبرنامج، بهدف تعريف أصحاب تلك المنشآت بالبرنامج وشروطه ومستلزمات وآليات العمل به، كما شارك البرنامج في تنفيذ 56 دورة تدريبية حول المملكة بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، والمعهد المصرفي، والغرف التجارية والصناعية السعودية تحت مسمى (أساسيات البداية في تشغيل وإدارة الأعمال التجارية)، التي استفاد منها 1215 متدربا، هذا إضافة إلى تنظيم أربع ورش عمل عن البرنامج لموظفي المصارف المشاركة بالتعاون مع المعهد المصرفي.
خلاصة القول: إن برنامج ''كفالة''، تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ''كفالة''، منذ تأسيسه في عام 2006، برأسمال مشترك قدره 200 مليون ريال مناصفة بين الحكومة السعودية ممثلة في وزارة المالية والمصارف السعودية المشاركة، بهدف توفير التمويل المطلوب للمنشآت المستهدفة، قد حقق إنجازات وقفزات تنموية رائعة، أسهمت بشكل كبير في استقرار وتطوير ذلك النوع من المنشآت، ما مكّنها من إيجاد فرص عمل جديدة وتدعيم القاعدة الإنتاجية للاقتصاد السعودي.
في ظل الإنجازات الرائعة والطموحة للبرنامج، التي تخطت جانب التمويل، لتطال جوانب أخرى لا تقل أهمية عن التمويل، مثل التدريب والتثقيف والتأهيل لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بأساليب إدارة وتطوير الأعمال، فإنه من الإجحاف جدا، التقليل والتشكيك في تلك الجهود، بوصفها أنها لا تزال تحبو، ولا سيما وأن سياسات وآليات عمل البرنامج، قد تم إخضاعها من قبل القائمين على إدارة البرنامج (صندوق التنمية الصناعية)، للتقييم وإعادة النظر، بحيث تتناسب أكثر مع مختلف شرائح قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعمل على تطوير القطاع، ليسهم بشكل أوسع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة، والله من وراء القصد.