دعا اقتصاديان ومختصان في التقنية، إلى ضرورة تعويض عملاء المصارف الذين يتعذر عليهم الاستفادة من الأموال المودعة في حساباتهم في المصارف نتيجة لأخطاء في تنفيذ العمليات تتسبب فيها مكائن الصرف الآلي ونقاط البيع.
ولفت المختصان إلى أن في الموسم تشهد عمليات التعثر في السحوبات النقدية ارتفاعا ملحوظاً في بقية أيام السنة الأخرى التي لا تخلو هي أيضاً من تلك المشكلات.
ولفتوا إلى أن مدة عمليات استرداد المبلغ إلى حساب العميل التي تستغرق بين 5 ـ 15 يوم عمل دون احتساب الإجازة الأسبوعية، هي مدة عمل طويلة ليس للعميل سبب فيها أو علاقة بها.
مواقف تعثر العمليات تسببت في فقدان عملاء للمصارف ونقاط البيع تحدثوا لـ «الاقتصادية» للثقة تجاه تلك المصارف التي يتعاملون معها، والتي تجبرهم على مراجعة فروعهم للمطالبة باسترداد حقوقهم دون أن يكون لهم أي شأن في الخطأ الذي تسبب فيه المصرف الذي لا ينظر حتى إلى تعويضهم عن المبلغ المقطوع من حسابهم والتصرف هو بطريقته مع تلك العملية وأيجاد الحل لاستردادها.
وأشار المختصان، إلى أنه ليس من المستبعد أن يكون هناك تعمد من بعض المصارف في تعليق بعض العمليات الحسابية للاستفادة من الأموال المعلقة وتشغيلها خاصة في أوقات الأعياد التي تشهد فيها المصارف في السعودية فترة إجازة، داعين إلى ضرورة إنشاء هيئة أو لجنة مختصة في مؤسسات النقد تعنى برقابة مكائن الصراف الآلي وتوزيعها على المناطق حسب الاحتياج ورفع كفاءتها لتستوعب جميع العمليات الحسابية دون مشكلات.
#2#
وقال الدكتور مازن تونسي، نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة: «مع الأسف الشديد نحن لا نلاحظ أن المصارف تعمل بشكل دوري على تحديث مكائن الصراف الآلي الخاصة بها، وأنها إذا فعلت ذلك فإنها لا تتحرك إلا بعد توقف الماكينة الحالية بشكل تام عن العمل واستبدالها بماكينة أخرى لا تتواكب مع ذلك التطور التقني»، لافتاً إلى أن أحدث ماكينة صراف آلي موجودة في السعودية سبق وأن استخدمتها بلدان أمريكية منذ أكثر من ستة أعوام مضت.
ويرى تونسي، أن المصارف تتحفظ تجاه الإنفاق على استخدام تقنيات متقدمة وقادرة على أداء الدور المناط بها بكفاءة أكبر، وأنها تتجه إلى استخدام النظام الموجود من السابق لشبكة الاتصالات المشغلة لها دون النظر إلى استخدام شبكات من الألياف البصرية المتميزة في الأداء والقادرة على استيعاب حجم العمليات التي تنفذ من خلال مكائن الصراف الآلي ونقاط البيع.
وأشار تونسي، إلى أن المصارف أيضاً تتجنب استخدام تقنيات جديدة حتى لا تتكبد الدخول في بنود مصروفات تشغيلية أخرى متعلقة بتدريب الموظفين وخلافة، مردفاً: «التساؤل الذي يدور في ذهني الآن، هو لماذا عند إيداع أي مبلغ مالي عن طريق مكائن الصرف الآلي يعود المبلغ مرة أخرى كمسترد، ومن ثم يتم تكرار العملية أكثر من مرة حتى يتم قبول كامل ذلك المبلغ؟ أليس هذا يدل على خطأ تقني في مكائن الصرف الآلي المستخدمة في الوقت الحالي».
ولم يستبعد تونسي الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة الدكتور مازن تونسي للحلول التقنية، أن تكون مكائن الصرف الآلي المستخدمة في السوق المحلية في الوقت الحالي قد اعتذرت الأسواق العالمية عن استخدامها نظراً لقدمها وعدم قدرتها على حجم التوسع في العمليات المصرفية التي يجب أن تصل إلى مستوى تكون قادرة فيه على تحقيق رضا العميل. ودعا تونسي إلى ضرورة تعويض العميل نتيجة لتلك الأخطاء في تنفيذ العمليات التي تتسبب فيها المصارف.
وقال تونسي: «لماذا العميل هو الوحيد الذي يتكبد عناء الانتظار لمدة للمطالبة باسترداد العملية تصل إلى نحو خمسة أيام إذا كانت من المصرف نفسه الذي يتبع له العميل، ونحو 15 يوما إذا كانت عملية السحب المتعثرة حدثت بسبب تنفيذ العميل لتلك العملية من بنك محلي آخر».
وتابع تونسي: «إذا كان عميل المصرف ليس متسبباً في تعثر العملية أو خطأ ماكينة الصراف الآلي التي تسببت في حجز مبلغ من حسابه، فلماذا المصرف لا يرد ذلك المبلغ إلى حساب العميل فوراً بعد تأكده من صحة مطالبة العميل، ومن ثم يأخذ المصرف إجراءاته لاسترداد المبلغ الخاص به».
وعد رئيس مجلس إدارة مجموعة الدكتور مازن تونسي للحلول التقنية، تأخر المصارف في إرجاع مستحقات العمليات المتعثرة إلى حسابات العملاء تسويفا غير مبرر خاصة في ظل مطالبة المصرف بمراجعة الفرع وعدم إتمام العملية عبر البوابة الإلكترونية له أو عبر الهاتف المصرفي، وكذلك مدة العمل الطويلة التي يتخذها الإجراء، لافتاً إلى أن بعض المصارف تتجه إلى التسويف في استرداد مستحقات عملائها إلى تشغيلها لتلك المبالغ لفترة أطول.
#3#
من جهته، أوضح الدكتور علي التواتي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز والمحلل الاستراتيجي، أن العمليات البنكية الخاطئة من المفترض أن تصحح آلياً وتعود المبالغة المدينة إلى حساب العميل خلال مدة لا تتجاوز 24 ساعة ودون الحاجة لمراجعته المصرف وتقديم أي نوع من المطالبات، وخاصة أن بطاقات الصراف الآلي الجديدة مزودة بالشريحة الذكية التي تمكن المصرف من كشف معلومات الحساب ومعرفة ما إذا تم تنفيذ العملية أو رفضها.
وقال التواتي: «أنا أرى أن أسباب تعثر العمليات المصرفية التي يتم إجراؤها عبر مكائن الصرف الآلي أو نقاط البيع تعود إلى شركة الاتصالات المزودة الخدمة وعدم دقة ذلك النظام الذي تعمل عليه، حيث إن هذه الشركات لا يعتمد عليها كثيراً، وخاصة أن هناك الكثير من العمليات المصرفية تستغرق عملية تنفيذها أكثر من خمس دقائق، وهو ما يعتبر في العرف العالمي إهدارا للوقت بشكل كبير».
وأضاف التواتي: «كيف يمكن لنا أن نصدق تلك العبارة التي تظهر على مكائن الصرف الآلي أو نقاط البيع، والتي تفيد بأن الشبكة مشغولة أو فشلت الشبكة في تنفيذ العملية»، مردفاً « هذا الأمر بكل تأكيد يتعلق بمزود الخدمة الذي عجز فعلياً عن استيعاب حجم العمليات المصرفية التي نمت بشكل كبير مقارنة بما هو عليه الحال في الماضي، وكذلك بسبب عدم استخدام المصارف لتقنية الألياف البصرية التي كان يجب عليها أن تكون من أول المتزودين بها نظراً لقدرتها على نقل كم كبير من المعلومات في وقت واحد».
ويرى التواتي، أن آلية توزيع مكائن الصرف الآلي لا تتناسب مع مواقع تواجد الكثافة السكانية وخاصة أن الصرف الآلي يقوم بعمليات تدوير للمبالغ تصل إلى مليار ريال في اليوم الواحد وتصل في المواسم إلى نحو ستة مليارات ريال لليوم، وأن عملية توزيع شبكاتها تتم عند الأخذ في الحسبان تلك المواقع التي تحقق لها الربحية في ظل عدم تدخل مؤسسة النقد أو مصلحة الإحصاءات العامة أو أمانات المدن في الأمر، والتي يجب أن يكون لها دور في ذلك الأمر لتوفير الخدمة لجميع عملاء المصارف بالشكل الأمثل وبما يتناسب مع مستوى الدخل في كل منطقة وفي المواقع القريبة من مقار سكنهم أو عملهم.
واستدرك التواتي، أن مما قد يجعل بعض المصارف تتبع أساليب التسويف في رد مستحقات العملاء إلى أرصدتهم خاصة في فترات الإجازات التي تعد الأطول في المملكة مقارنة ببقية بلدان العالم، هو تلك الرغبة القائمة لديها في تشغيل السيولة التي لديها في فترات الإجازات في عمليات إقراض دولية وغيرها، وهو الأمر الذي يجعل من رغبتها في تزويد مكائن الصرف الآلي بالمبالغ الكافية متدنية.
وزاد التواتي: «نلاحظ أن المصارف لا تقوم بتزويد مكائن الصراف الآلي بالمبالغ الكافية خلال فترات الإجازات، حيث إن كل مصرف يعتمد على المصرف الآخر في أن يوفر السيولة في فترة الإجازة، وهو ما يجعلنا نلمس أن الكثير من مكائن الصرف الآلي يصيبها الشح في النقدية»، مردفاً: «يجب على مؤسسة النقد أن تسيطر على هذا الأمر وتضع الحلول له، حتى وإن كان ذلك من خلال إنشاء إدارة متخصصة فيها لمتابعة العمليات في تلك المكائن والتي يجب أن تكون لها أيضاً مواصفات خاصة تتلاءم مع أجواء المملكة الحارة».
ومن المعلوم أن شركة الاتصالات السعودية فصّلت في تجاوبها مع «الاقتصادية» في تحقيقات صحافية سابقة، مكونات أنظمة المدفوعات SPAN، وقالت: «هناك أربعة عناصر تكوّن هذه الأنظمة وهي: جهاز نقطة البيع، التجهيزات الداخلية للاتصالات لدى العملاء، شبكة الاتصالات السعودية (الوسيط وشبكة آي سبانISPAN)، منظومة المدفوعات السعودية والتي تتكون من خوادم الشبكة لدى مؤسسة النقد والبنوك المحلية».
يشار إلى أنه على الرغم من إصدار مؤسسة النقد العربي السعودي، قواعد خدمات الدفع المسبق في المملكة أخيرا في خطوة تهدف للتقليل من حجم التعاملات النقدية، إلا أن عدد بطاقات الصرف الآلي تراجع إلى 13.7 مليون بطاقة خلال الربع الأول من 2012، مقارنة بنحو 14.2 مليون بطاقة بنهاية الربع الرابع من عام 2011م، وكذلك التراجع في عدد أجهزة نقاط البيع التي توفرها البنوك والمصارف السعودية إلى83.3 ألف جهاز بنهاية الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بنحو 88.7 ألف جهاز بنهاية الربع الرابع من العام الماضي، وهو المؤشر الحقيقي لوجود الخلل في التعاملات الإلكترونية المرتبطة بالقطاع المصرفي السعودي.



