Author

هل «سابك» في خطر؟

|
مستشار اقتصادي
هناك ثورة هادئة في اكتشاف وإنتاج الغاز الحجري في أمريكا وغيرها، ولعل أبلغ إيضاح هو انخفاض الأسعار التي وصلت إلى 2.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وفي تفاوت كبير عن الأسعار في شرق آسيا وأوروبا، حيث الأسعار تصل إلى 6 و8 أضعاف على التوالي مقارنة بأمريكا، و75 سنتا كتسعير للقيم لـ ''سابك'' وغيرها من الشركات السعودية. ليس أفضل من تعبير عن توافر الغاز في أمريكا من الإعلان عن 14 مشروعاً للصناعة البتروكيماوية في أمريكا، ومنها شركة إكسون موبيل في بداية شهر 6/2012. لا تزال هناك ميزة نسبية لتسعير الغاز بين أمريكا والمملكة، ولكن هذه الميزة انخفضت بحدة على مدى السنوات القليلة الماضية. هذا بعد أن تقلصت الصناعة البتروكيماوية في أمريكا على مدى نحو 30 عاماً الأخيرة، حيث لم ينشأ أي مصنع للبتروكيماويات الأساسية. تتجه المنتجات في غالبها إلى أسواق شرق آسيا، وخاصة الصين، حيث تذهب أغلب منتجات ''سابك'' وشركات الخليج الأخرى، ولذلك هناك ناقوس خطر. لا أحد يعرف كم ينفذ من هذه المشاريع ولكن تجارياً سيكون هناك ضغط على ''سابك'' وغيرها، فهناك من سيحارب على حصة من السوق، وبالتالي قد تنخفض الحصة من السوق أو هوامش الربح، خاصة في ظل تباطؤ الاقتصاد الصيني. في عالم التنافس التجاري ليس هناك ثوابت كثيرة، ولذلك هناك نقاط ضعف ونقاط قوة، ولذلك فان القدرة على التنافس ستكون في الخيارات الاستراتيجية والكفاءة الإدارية والمعرفة الفنية، وليس فقط من خلال توافر لقيم رخيص غير قابل للاستدامة لأسباب جيولوجية أو اقتصادية، ولكن بمدى قدرة الإدارة على تغليب عناصر القوة على مكامن الضعف. لدى ''سابك'' مصادر قوة أخرى خاصة امتدادها الدولي استثمارياً وما زال البعض يتذكر اللوم على سعر وحتى توقيت شراء شركات في أوروبا وشراء جي أي كيميكال (سابك المبتكرة)، ومن ثم الاستثمارات في الصين، هذه أصبحت الآن خط دفاع من ناحية احتواء التكاليف في هذه الأسواق وسلم الابتعاد عن المنتجات السلعية، كذلك كان للتصنيع خطوة مماثلة بشراء كريستال لاستثمارات معتبرة في أمريكا في صناعات تأخذها أيضاً بعيداً عن السلع. كان هناك حديث خلف الكواليس في المملكة لإعادة النظر في تسعير الغاز، ولكن يبدو أن هذا الحديث توقف في ظل المنافسة القادمة. استشرافاً للمستقبل وفي قلب محاولة المملكة للتصنيع هو مدى حاجة وقدرة ''سابك'' وغيرها الاعتماد على البحث والتطوير الداخلي والخارجي للارتقاء بسلم التقنية وإيجاد منتجات جديدة أكثر تعقيداً وأقل اعتماداً على اللقيم الرخيص. أخذت ''سابك'' بهذه الخطوات، إضافة إلى تطوير نظام المنح الدراسية، ولكن تبقى ترجمة نقاط القوة وتخفيض نقاط الضعف إلى ميزة تنافسية قابلة للاستدامة. انتهى عصر المراهقة الاقتصادية واستهلاك دعم غير اقتصادي وبدأ عصر التحدي الحقيقي، وقد ندخل موجة اتحاد وتحالفات واندماجات في الصناعة البتروكيماوية السعودية والخليجية، خاصة ذات الاعتماد السلعي.
إنشرها