ليست هذه بخطط رئيس الشركة اليابانية في كثير من الأحيان التي تذكرك بشعارات الديكتاتور الصيني ماو تسي دونج.
اثنان من أهم الاستراتيجيات لدى المسؤول الجديد عن شركة باناسونيك كازوهيرو تسوجا تظهران في تعلقه الشديد بالشعارات التي تم صياغتها من قبل رئيس الحزب الشيوعي. يوجد أولا ''قصف مقر القيادة'' حيث كانت تلك الكلمات التي أعلن من خلالها ماو عام 1966 الحرب على الحزب لاعتباره عقبة في طريق ثورته اليسارية.
كازوهيرو تسوجا ليس على وشك إطلاق حشد من الحرس الأحمر المتعصبين ضد مقر شركة باناسونيك في مدينة أوساكا الغربية، ولكنه لن يسحب ضرباته المتوقعة, ويدعم كازوهيرو تسوجا بسهولة وجهة نظر الرئيس السابق لمجموعة ''باناسونيك'' الإلكترونية في اتهامه لموظفي المقر بجهلهم ''لقيمة الأصول المضافة'' وكونهم ''منشغلين بالمفاوضات الداخلية'', ويخطط أيضا لإعادة هيكلة وتصنيف في معظم وظائف المقر الرئيس للشركة من حيث توزيعهم على وحدات الأعمال أو الاستغناء عنهم ببساطة.
ويقول كازوهيرو تسوجا الذي أصبح رئيسا لشركة باناسونيك الشهر الماضي: ''يعمل في المقر حاليا سبعة آلاف شخص'' وأضاف: ''نحاول تقليل هذا العدد إلى عدة مئات''.
تأتي بعد ذلك تعليمات ماو للصين عام 1957 ''فلنسمح لمئات الأزهار أن تتفتح ولمئات المدارس الفكرية أن تتنافس'' حيث كان هذا سطرا من الشعر الكلاسيكي الذي حوله ماو ''الربان العظيم'' لدعوة إلى التقدم من خلال حرية التفكير من قبل المفكرين والعلماء.
يعتبر كازوهيرو تسوجا، الحاصل على شهادة في الهندسة الحيوية وعلوم الحاسب، أقل استخداما للمجازية حيث ينفي وبطريقة منطقية اعتبار الرئيس مصدر إلهام ولكنه يأمل أيضا أن يصل هذا التفكير الإبداعي والرغبة التنافسية إلى ما يقرب من 90 وحدة تجارية في ''باناسونيك''.
وبموجب خطته لإنشاء إدارة مسؤولة مستقلة بنفسها فإنه سيترك وحدات تحقيق الأرباح المعافاة بمعزل إلى حد كبير، أما هذه التي تحقق أرباحا تشغيلية أقل من 5 في المائة فستكون تحت إشراف المقر الرئيس وتضطر إلى شرح الكيفية التي يمكن أن تتعافى من خلالها.
الفكرة وراء ذلك هي إعادة تنشيط الشركة التي يشبهها كازوهيرو تسوجا نفسه بمجموعة من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم, فلكي تبقى الشركة يجب على الوحدات أن تظهر قدراتها على إيجاد طريقهم الخاص لذا: ''ينبغي على الوحدات أن تتنافس مع بعضها البعض''.
لن يؤثر عمل تلك الأساليب الجديدة على ''باناسونيك'' فقط ولكن أيضا على 330 ألف موظف في الشركة والمساهمين فيها ممن قد اطلعوا على هبوط قيمة الأسهم من أكثر من 2,800 ين عام 2005 إلى 610 ين فقط بالأمس.
سيوفر النجاح أيضا الإلهام اللازم لقطاع الإلكترونيات الذي طالما تفخر به اليابان ولكنه ضرب من قبل الولايات المتحدة, وكوريا الجنوبية, والمنافسين الصينيين.
وقد تأثر القطاع أيضا بقلة الطلبات من الخارج, وارتفاع الين والكوارث الطبيعية فامتلأ القطاع بالحبر الأحمر (التنظيمات).
وصلت خسارة ''باناسونيك'' الصافية في العام المنتهي حتى شهر آذار (مارس) إلى 772 مليار ين، وهو ما يعتبر أكبر خسارة شهدتها الشركة على مدار 94 عاما من تاريخها, وعانت أيضا شركة سوني من خسارة سنوية لسجلاتها الخاصة تقدر بـ457 مليار ين، حيث تواجه الشركة وضعا حرجا بخسارة 376 مليار ين.
ويقول كازوهيرو تسوجا إن ''باناسونيك'' في مسارها الصحيح بالفعل لتحقيق انتعاش اقتصادي يوضع على الخريطة بعد هذا التراجع، وأنه على حق تام في رفضه نهج الشركة الماضي بالسعي وراء تحقيق أرباح أعلى من خلال المبيعات الأكبر خصوصا التليفزيونات التي تعد منتجا يتزايد الطلب عليه في المنطقة، وحاولت اليابان السيطرة على تكلفته العالية ولكنها الآن تجاهد من أجله.
على الرغم من ذلك يشكك بعض المراقبين في ثقة كازوهيرو تسوجا بأن تجارة التلفاز الصغيرة يمكن أن ترجع مرة أخرى للظلام.
تحمل استراتيجيته تحديات أخرى حيث يعتمد فيها على تغيير آلية تفكير المديرين، من حيث جعلهم أكثر وعيا بالأرباح, وأكثر اعتمادا على الذات, وأكثر إدراكا للتطورات التي تحدث حولهم، حيث يمكن لماو غسل العقول عن طريق جلسات النضال الجماهيري, ولكن على كازوهيرو تسوجا أن يستخدم أساليب ألطف من ذلك كالتلاعب في الأجر على أساس الأقدمية في العمل الذي يعتبر واحدا من تلك الاختيارات ولكن تفاصيله غير كافية، حيث يقول كازوهيرو تسوجا: ''نحتاج إلى مناقشة كيف يمكننا تحقيق هذا الربح وكيف يتم الحصول على الأجر مقابل الأداء''.
تحمل عملية نقل السلطة وتنوعها المخاطر أيضا، وذلك على الرغم من إشارة كازوهيرو تسوجا إلى أن التركيز على الأشياء الخطأ مثل التليفزيونات سبب الكثير من الخسائر, وينوي كازوهيرو تسوجا بدلا من التركيز على ذلك أن يقوم بإعادة تعريف تلك الأعمال في إشارة إلى من تقوم بخدمته من زبائن مع تركيز شامل على المنتجات الخضراء.
الفشل في خطط الشركة اليابانية للإلكترونيات في الماضي يعني أن على المستثمرين أن يكونوا في حالة تشكك وأضاعت الشركة جزءا من الأحلام المثالية لمؤسس ''باناسونيك كونوسوكي''، ماتسوشيتا، الذي طالما اعتقد أن السلع المصنعة يجب أن تكون وفيرة ورخيصة شأنها شأن مياه الصنبور.
سيعمل كازوهيرو تسوجا بالتأكيد بشكل أفضل من ماو الذي تحولت حملة مئات الزهور التابعة له إلى حملة لفرض النظام اليساري وأدى ''قصف المقر'' إلى انتشار الفوضى الناتجة عن الثورة الثقافية, يحاول الرئيس الجديد لشركة باناسونيك أن يتبع المسار الصحيح على عكس الرئيس السابق للشركة.

