حصول مملكتنا الغالية أخيرا على جائزتين عالميتين من الأمم المتحدة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والخدمات الإلكترونية الحكومية، التي تتمثل في حصول كل من: وزارة التربية والتعليم على جائزة تطبيقات التعليم الإلكترونية عن منظومة (نور)، وصندوق تنمية الموارد البشرية على جائزة خدمات التوظيف عن برنامج (حافز)، دليل واضح وجلي على مدى ما وصلت إليه المملكة بوجه عام من تقدم ومواكبتها سرعات التطور والنمو العالمية، كما يعكس بشكل خاص ما حققته هاتان الجهتان مدى التطور الكبير الذي وصلت إليه الخدمات الإلكترونية الحكومية في السعودية، ومنها منظومتا (نور) و(حافز) الإلكترونيتان اللتان تخدمان الملايين من المستفيدين، وذلك من بين أكثر من 170 مؤسسة وجهة دولية تمثل 50 دولة حول العالم.

ويعد نظام نور برنامجا حاسوبيا يخدم طلبة وطالبات المدارس وجميع منسوبي وزارة التربية والتعليم، ويستفيد منه أكثر من خمسة ملايين مستفيد من الطلاب والمعلمين والإداريين في الوزارة، ويعتبر نموذجا يحتذى به وإحدى تجاربنا الناجحة بين وزارات وهيئات الدولة. ونظام حافز الذي يخدم أكثر من ثلاثة ملايين باحث عن العمل. هذه التجارب الناجحة التي أصبحت من الضرورة والحاجة تعميمها على جميع الجهات لدينا والاستفادة منها وعدم قصرها على الجهة التي حققت النجاح، الذي تعدى إلى مجالات أخرى كبرنامج حافز الحاصل مع نظيره (نور) على الجائزة ذاتها، ويُعَدُّ مبادرة حسنة، فتحت باب الأمل لكثير من الباحثين عن العمل، كذلك لدينا آلية متابعة المعاملات في الديوان الملكي وما تتبعه من أساليب متطورة تحاكي الواقع في تقديم الخدمات للجمهور والحرص على عدم تأخير معاملاتهم وإنجازها بأسرع وقت ممكن، أيضا هناك آلية إصدار التراخيص الصناعية والإعفاءات الجمركية في وزارة التجارة والصناعة واستخدامها الأمثل للتقنيات الحديثة التي توفر الجهد والوقت على المستفيدين، كذلك آلية العمل في الجمارك لكل الواردات التي تتبع الأسلوب ذاته في حرصها على إنهاء المعاملات وعدم تأخيرها، وغيرها من التجارب الناجحة لدينا التي تدعو من خلال نجاحاتها المتواصلة، جميع الجهات التي تعيش بمنأى عن ذلك إلى مواكبة التقدم ومحاكاة الواقع والاستفادة من هذه التجارب.

جميع ما سبق ذكره وغيره من التجارب الناجحة في الوطن في استخدام شبكات أنظمة وتقنيات الحاسب الآلي في كثير من المجالات، تحتم علينا أهمية الاستفادة من خبرات تلك الجهات المتراكمة لبناء منظومة تقنية تواكب أحدث التقنيات العالمية، التي من خلالها سنحقق فوائد لا يمكن حصرها، ولعل من أبرزها تقليل التكاليف المادية، وسهولة الرقابة من قبل المرجعيات والإدارات، وسهولة قياس الأداء، والأهم بالنسبة للمواطن عدم مكابدة عناء السفر وتكاليفه، وفي الوقت نفسه حصولهم على المعلومة المتعلقة بمعاملاتهم وآليات إجراءاتها، كما أن تطبيق ذلك سيغلق الأبواب على كثير من المستفيدين بطرق غير مباشرة (تسهيلات)..

إن جميع ما ذكرته أعتبره من مميزات يعتبر جانبا واحدا، يواكبه في الأهمية جانب آخر يتمثل فيما يحققه هذا المجال من فوائد أمنية كثيرة ومتعددة.. لذا لم لا نستفيد من هذه التجارب الناجحة لدينا وننقلها إلى جهات حكومية أخرى، من خلال تكوين فريق عمل يقوم بدراسة هذه التجارب وآليات تنفيذها، وطريقة متابعتها، ومن ثم إعطاؤه الصلاحية لوضع خريطة طريق حول هذا الجانب، لتنتهجه بدورها جميع الجهات الحكومية على تنوعها ومختلف تخصصاتها؟