منوعات

الهجرة نحو الخليج.. تفرغ جنوب آسيا من العمالة الماهرة وتعطل تجارتها الدولية

الهجرة نحو الخليج.. تفرغ جنوب آسيا من العمالة الماهرة وتعطل تجارتها الدولية

في مفارقة قد تكون الأغرب من نوعها كشفت تقارير وثائقية أن هجرة العمالة من دول جنوب وشرق آسيا خلال السنوات الـ 20 الماضية، بدأت تؤثر في اقتصاديات تلك الدول على عكس المتوقع، بعد أن تسببت وبصورة حادة في إفراغ تلك الدول من العمالة الماهرة القادرة على إدارة الصناعات الحرفية والتجارة التي اشتهروا بها عبر الأجداد. تقرير وثائقي عرضته قناة "الجزيرة"، كشف أن صناعات السفن في مدينة كيرلا في سيرلانكا، التي تشتهر بها منذ الآلاف السنين تضررت كثيرا بسبب هجرة أبناء القرى نحو دول الخليج وتحديدا دبي والبحرين، بحثا عن الأجور العالية والحياة الممتعة، ففقدت كثيرا من بريقها. يقول السكان وفق التقرير: "لم تعد صناعة السفن التي كان يعيش من دخلها نحو نصف سكان المدينة، صناعة جذابة، ويرجع ذلك إلى سببين رئيسيين، هما: عدم توفر اليد العاملة الماهرة، وضعف الطلب". تجارتا جوز الهند والشاي التي تقدر صناعتها بمليارات الدولارات سنويا والتي كانت تمتد على طول الساحل الجنوب الآسيوي مارة بالمدن دامبيولا، بولوناروا، سيجيريا، أنورادابرا، ونوارا أيليا فقدت الكثير من أبنائها خلال السنوات الماضية، بسبب إصرارهم وتنافسهم على السفر إلى دول الخليج والعمل هناك. ورغم أن تحويلات العمال الأجانب من منطقة الخليج التي تزيد عن 250 مليار سنويا إلى دول مثل سريلانكا، بنجلاديش، سيلان، والهند، وكذلك أفغانستان وباكستان، والفلبين وإندونيسيا، تعد ضمن أهم المداخيل القومية لتلك الدول، إلا أن المتخصصين أكدوا أن ذلك لا يعوض فقدان تلك الدول للعديد من الصناعات والأنشطة التجارية التي كانت تنافس فيها على مدى عقود من الزمن. ووفق تقارير دولية ومنها منظمة العمل الدولية، فإن عددا من الدول في جنوب وشرق آسيا تحولت تدريجيا إلى الاستفادة من التحويلات النقدية للعمالة كواحدة من صور تمويل التنمية. وتشكل الحوالات التي يرسلها المهاجرون مكونا مهما في تمويل التنمية، أحيانا ما يتجاوز حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمساعدة الرسمية على التنمية، حيث وصل حجمها من 167 مليار دولار في عام 2005 إلى 236 مليار دولار عام 2008، بخلاف الأموال النقدية والمواد الغذائية والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر التي يجلبها المهاجرون معهم لدى عودتهم. وبحسب اقتصاديين، ازدادت أعداد العمالة المهاجرة في المنطقة بدرجة كبيرة في العقد الماضي، بعد أن كان عددهم 8.5 مليون شخص عام 1995، يوجد نحو 15 مليون مهاجر، من 39 مليون مقيم في الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، السعودية والكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين. ووصل عدد المهاجرين في كل من الإمارات والكويت إلى نسبة كبيرة من تعدادهما السكاني تقدر بأكثر من 70 في المائة. ونظرا لأن معظم ه ؤلاء المهاجرين يأتون إلى المنطقة من أجل العمل، ترتفع هذه النسبة عندما تتم مقارنة أعداد المهاجرين بالقوى العاملة في تلك الدول. على سبيل المثال، يأتي 77 في المائة من العمال في البحرين والبالغ عددهم 594 ألف عامل، من دول أخرى. ودون شك، تعد شبه الجزيرة العربية من أهم وجهات الهجرة في العالم. ومما لا شك فيه إن العمالة الأجنبية الوافدة من جنوب شرق آسيا إلى دول الخليج العربي ساهمت في تطوير اقتصاديات تلك الدول وتنميتها، رغم أن هذه القوى العاملة تستنزف من أموال بلدان الخليج العربي المليارات بتحويلها إلى بلدانها ليستفاد منها في مشاريع اقتصادية محلية، غير أن المتغيرات الدولية والتطورات الاقتصادية المتسارعة هيأت العديد من الطاقات الفنية الوطنية المؤهلة التي امتلكت خبرات ومؤهلات، ما أدى إلى إحلال الأيدي العاملة الوطنية وبشكل تدريجي، ونجحت بعض البلدان الخليجية في توطين العمالة الوطنية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات