Author

الاستقطاب الوظيفي بين الواقع والمأمول

|
تعد دائرة التوظيف من أهم الدوائر المؤثرة في الخطط الاستراتيجية للمنظمة الإدارية، سواء في العمل الحكومي أو القطاع الخاص، وبعد أن تقوم المنظمات بتحديد توجهاتها الاستراتيجية، ووضع خطط الاستخدام التي تلبي هذه التوجهات، فإنها تقوم بتحديد الوظائف والمهارات اللازمة لأدائها، ومن ثم توجه الجهود نحو الحصول على العاملين الذين تتوافر فيهم المؤهلات المطلوبة، إذ ليس من المتوقع دائما أن يأتي العاملون إلى المنظمة بشكل عفوي طلبا للاستخدام، إنما يتطلب ذلك قيام المنظمة ببذل جهود من شأنها أن تساعد على استقطاب وتعيين العاملين المؤهلين للعمل في الوظائف الشاغرة. إن هذه الجهود تبدأ بإشعار الجمهور بالوظائف الشاغرة، وتتسلم ردود أفعال الراغبين بالعمل فيها، فالخطوة الأولى في عملية التوظيف هي معرفة الاحتياجات، والخطوة الثانية هي معرفة كيفية تلبية هذه الاحتياجات، خصوصا عندما يكون الطلب على المهارات أكبر من المعروض عليها، وبذلك تكمن عملية الاستقطاب الوظيفي الذي ينتهجه غالبية المسؤولين، خاصة في بدايات تقلدهم العمل القيادي، ويقوم المسؤول باكتشاف المرشحين المؤهلين، الذين غالباً ما يكونون أصحاب عمل وخبرات سابقة، أو شخصيات عملية مؤثرة، أو أصحاب تخصصات. وعلى الرغم من أن جميع المنظمات تمارس بين الحين والآخر عمليات ذات علاقة بالاستقطاب، إلا أن معدل تكرار هذه العملية يتباين من منظمة إلى أخرى، فمنها من تقوم بعملية الاستقطاب بشكل شبه مستمر عندما تكون المنظمة كبيرة بحجمها، ويكثر عدد العاملين فيها، زد على ذلك عدم استقرار كادرها وارتفاع معدلات الغياب، ودوران العمل فيها بسبب عدم ملاءمة ظروف العمل أو الأجور والمكافآت أو وجود منظمات أخرى منافسة، إلى غير ذلك، بينما تكون حاجة البعض الآخر من المنظمات إلى عملية الاستقطاب محددة لا تكرر إلا في فترات متباعدة نسبيا، وذلك لصغر حجم هذه المنظمات واستقرار كوادرها الوظيفية، وقلة نسب الغياب ومعدلات الدوران فيها، إضافة إلى استقرار حجمها وأوضاعها الاقتصادية، وتعد عملية الاستقطاب إحدى المهام الرئيسة لإدارة الموارد البشرية في حالة النمو المستمر للمنظمة، وعلى العكس من ذلك يكون دور إدارة الموارد البشرية هامشيا عندما تواجه المنظمة حالة من الانكماش المستمر عندما لا يتحقق معه أي نوع من أنواع التوسع أو النمو، ومن أهم الأسباب المؤثرة في محددات وظيفة الاستقطاب الوظيفي ما يلي: 1- سمعة المنظمة من خلال سياستها فيما يتعلق بالأجور والمكافآت وشروط أو ظروف العمل المناسبة وبرامج التدريب والتطوير. 2- جاذبية الوظيفة، فبعض الوظائف تتمتع بقدرتها على جذب المؤهلين لشغلها أكثر من غيرها، وذلك لما تضيفه إلى شاغلها من تقدير واحترام لدى المجتمع والعاملين من جهة، وما تحتويه من مسؤولية وإضافة شعور بالإنجاز والتحدي. 3- سياسة المنظمة الداخلية، فبعض المنظمات تعتمد في الاستقطاب على الوظائف الدنيا، وتترك الوظائف العليا لموظفي المنظمة حال الترقية، والبعض يعكس العمل أو يمزج في الاستقطاب بين الوظائف الدنيا أو العليا. 4- تكاليف الاستقطاب الوظيفي، فمحدودية المقدرات المالية لها أثر كبير في عملية الاستقطاب. 5- خطة الموارد البشرية، وتختلف الخطط حسب نمط القطاع الحكومي أو الخاص، فوزارة الخدمة المدنية لها أسلوب في تخطيط عملية الاستقطاب، ولكل شركة أسلوبها الخاص، إلا أن القطاع الخاص أكثر مرونة وجاذبية في عملية الاستقطاب. إن تطوير أدوات العمل والاستقطاب الوظيفي يجب أن يكون وفق معايير موضوعية، بعيداً عن المحسوبية والمجاملات الوظيفية، خاصة فيما يرتبط بالشأن العام والارتباط بالمرافق العامة التي هي ملك للمصلحة العامة، ولذلك تتوافر فيها أدق معاني الموضوعية، وكثيرا ما يكون هناك تضخم عددي في المنظمات التي تغلب عليها المحسوبية؛ لأن الاستقطاب والتعيين لم يكونا بالمواءمة بين الشواغر الوظيفية والعاملين، وهنا يكون العدد الزائد أشبه ما يكون بالغثاء الزائد، لعدم انتفاع المنظمة الإدارية منها، ويقابل ذلك دفع رواتب ومستلزمات وظيفية دون مقابل حقيقي يظهر من خلال الإنجاز الوظيفي. ومن خلال ما سبق نأمل من وزارة الخدمة المدنية تطوير أساليب الاستقطاب الوظيفي، ووضع محفزات للمبدعين والكفاءات والمؤهلين للعمل، وفي الجانب الآخر إعمال الرقابة الإدارية على التضخم العددي غير المنتفع منه ووضع التدابير الوقائية لذلك. ونختم هذا المقال بالتذكير ببشاعة عملية اختطاف نائب قنصل سفارة خادم الحرمين الشريفين في عدن عبد الله الخالدي، وأن هذا العمل ليس من أعمال المسلمين، بل هو من الأعمال البغيضة، ويمثل خروجا على جماعة المسلمين. وهي امتداد لفكر منحرف يخرج بين الحين والآخر، يصيب الأمة بطعون مؤلمة، لأنها ليست من الأعداء، بل من أناس ينتمون إلينا، لكن الله يرد كيد الظالمين في نحورهم، ويوقعهم في شرور أعمالهم، وتكون عاقبتهم السوء في هذه الدنيا وما عند الله في يوم الفصل أشد وأعظم.
إنشرها