«خريص» الرياض .. معاناة يومية يخففها الجوال
على طريق «خريص»، أحد أهم وأكبر الطرق الرئيسة في مدينة الرياض، تتنوع المفارقات والطرائف ونتائج الأحداث الآنية التي ترد إلى سالكي الطريق، إما عبر الهاتف "الجوال" وهم لم يغادروا الطريق بعد، أو يعلم بها أصحابها حين الوصول إلى الموقع المنشود بعد التخلص من زحمة الطريق.
ومع كل صباح جديد تشرق فيه شمس الرياض، لا يجد كثيرون خياراً للوصول إلى أعمالهم ومراجعاتهم ومواعيدهم، إلا عبر طريق "خريص" الذي يعج بالازدحام المروري نظراً لكثافة المركبات التي تسلكه أغلب الأوقات خلال اليوم الواحد، ما يتسبب في استهلاك الوقت ويفوت كثيرا من الأعمال والارتباطات على مرتاديه، ولا يخلو الأمر من معاناة يومية لسالكي الطريق، مصحوبة بمشاعر مختلفة أبرزها التذمر والملل والأسى على ضياع هدف منشود أو فوات فرصة "جميلة" كان ينتظرها شخص ما.
وتشكل "الزحمة" الصفة الأبرز للطريق الذي عرفه أهالي العاصمة وتعاملوا معه طويلاً، حتى اعتاد بعضهم عليه وأيقن أنه لا "خلاص" له من "خريص" إلا بتحمل "خريص" كما يقول أحدهم. ومن يسير في ذلك الطريق، كما قال لـ"الاقتصادية" أحد المواطنين يدعى "صالح العبد الله"، سيلاحظ أن أغلبية قائدي المركبات يستغلون "جوالاتهم" في حالة توقف السير تماماً للتخلص من شعور الضجر أحياناً، وقضاء وقت الفراغ أحياناً أخرى، فمنهم من يتسلى بالألعاب أو الرسائل أو الـ"واتس أب" أو "تويتر". وعن أبرز مواقفهم مع الطريق يروي لـ"الاقتصادية" عدد من المواطنين أبرز الأحداث والمفارقات والطرائف، ويقول مواطن يدعى علي خليفة الشمري، موظف في شركة في حي العليا ومن سكان شرق الرياض، "إن لي معاناة يومية مع طريق خريص، وغالباً ما يتسبب في تأخيري عن الوقت المحدد لبدء العمل في المكان الذي أعمل فيه، وقد حصلت على إنذار من إدارتي من جراء تكرر تأخيري، ولكن مديري المباشر أصبح يتفهم معاناتي بعد أن تسبب طريق خريص في ضياع أحد المواعيد المهمة بالنسبة إليه، وأنا أفضل حالاً من صديق لي حصل على أكثر من إنذار من جراء التأخر الصباحي، حتى تسببت 20 دقيقة في حصوله على الإنذار الأخير وفصله من العمل، بعد ترصد مديره له".
مواطن آخر يدعى "جزاع فايز" من أهالي حي النهضة، قال إنه تعب كثيراً في الحصول على موعد طبي خاص بزوجته المريضة لإجراء عملية جراحية لدى أحد المستشفيات الكبيرة التي ليس من السهولة والسرعة تسجيل موعد جديد قريب لديها، نظراً لكثرة المرضى طالبي المواعيد، والطريف والمحزن أن الموعد كان بعد ثلاثة أشهر، ظل خلالها يترقب بين فترة وأخرى ويدون ملاحظات التذكير لكيلا ينسى ذلك التوقيت، وفي اليوم المرتقب، استيقظ باكراً وسلك طريق خريص في الساعة السادسة صباحاً مصطحباً زوجته، إلا أنه أضاع انتظار الأشهر الثلاثة دون جدوى، بعد أن تعطل في "خريص" ووصل متأخراً بنصف ساعة، وتأجل إجراء العملية إلى موعد جديد وبمعاناة جديدة. وشاب آخر يقول إن البعض أصبح لا "يحترم" مواعيده التي أخلفها معهم أكثر من مرة نظراً لارتياده طريق خريص ودخوله في "الزحمة" وعدم قدرته على التخلص منها. ولم يكن الأمر مختلفاً بالنسبة إلى زوار العاصمة من أهالي مدن ومحافظات المناطق الأخرى، فبعضهم عند وصولهم الرياض لإنجاز معاملة أو لمراجعة إحدى الدوائر الحكومية أصبحوا يخشون التوجه صباحاً إلى الجهة المقصودة عبر "خريص"، لأن الأحاديث "الطريفة" عن معاناة الطريق لم تعد مقصورة على سكان المدينة فقط، وسمع بها من لم يعرف الطريق بعد ومن لم يذق "معاناته"، وذلك حين امتدت الأحاديث إلى خارج المدينة وخصوصاً لدى أهالي القرى والهجر والمراكز في المناطق البعيدة وأصبحت مجالاً للتندر والطرافة لمن زار العاصمة أول مرة وعلق في زحمة "خريص" واضطر إلى المكوث ليوم آخر دون أن يستعد لذلك، مرددين أحياناً كلمات أحد الشعراء "الشعبيين" قال فيها: "صباح خريص والإزعاج والزحمة .. صباح الهم والتأخير والضيقة".