البلا من باريس

ها نحن قد وصلنا إلى الأمتار الأخيرة من الموسم وانحصرت المنافسة على لقب دوري "زين" بين فريقي الشباب والأهلي، فيما اكتفى الهلال حامل اللقب بمراقبة المتنافسين من مقعده في المركز الثالث. وصيف الموسم الماضي الاتحاد ابتعد كذلك واختار لنفسه من جدول ترتيب المسابقة مقعداً أبعد من مقعد الهلال يقع في الصف السابع من جدول الترتيب. الموسم الحالي موسم استثنائي اختلف بشكلٍ كبير عن المواسم السابقة، حيث ارتفعت وتيرة الإثارة التي غابت في الموسم الفائت الذي فاز به الهلال بلقب الدوري بلا خسارة، وتأجل الحسم إلى الجولة الأخيرة من عمر الدوري، وهذا العامل تحديداً هو من أهم المكتسبات في الموسم الحالي؛ حيث إنه سيسهم في احتساب مزيدٍ من النقاط لدوري "زين" للمحترفين ضمن (المعايير الفنية) التي يتطلبها الاتحاد الآسيوي كواحدة من المعايير العشرة التي يتم من خلالها تقييم مستوى المسابقة، ويتحدد على أساسها عدد المقاعد الممنوحة لفرق كل دولة في دوري أبطال آسيا.
عند العودة إلى انطلاقة الموسم الحالي، أجد أن الهلال قد كان في صدارة الترشيحات لحسم سباق المنافسة على مسابقة الدوري لمصلحته، بحكم كونه حامل اللقب والأكثر تحقيقاً له والمنافس التقليدي عليه، إضافة إلى عامل آخر وهو البهرجة الإعلامية التي أثيرت تزامناً مع صفقات الهلال "الباريسية" صيف العام الماضي. حينها كان لي رأي آخر، اتضح لي مع الأيام صوابه.. المرحلة الإعدادية للموسم كانت مليئة بالحماس الزائد والطموح المفرط، إضافة إلى تخبطات إدارية وفنية، ومآل الأمور في الهلال هو نتيجة حتمية لأخطاء ارتكبتها الإدارة المشرفة على فريق كرة القدم، وهي كالآتي: 1- التعاقد مع أربعة أجانب جدد قبل التعاقد مع مدير فني للفريق. 2- عدم تلبية الحاجة الفنية للفريق في التعاقدات مع الأجانب، وخصوصاً الفشل في سد النقص الناتج عن رحيل الكوري لي والروماني رادوي. 3- عدم الموازنة في التعاقدات وتغليب الأهداف الاستثمارية على المواصفات والنواحي الفنية. 4- التعاقد مع مدير فني متواضع لا ينسجم مع الخطة الاستراتيجية الموضوعة للفريق.
اللافت للنظر هو خلق إدارة نادي الهلال لمنهجية إدارية جديدة هي «ما يطلبه المشجعون» على غرار برامج «ما يطلبه المشاهدون».. حيث أعلنت الإدارة الهلالية على لسان رئيس المركز الإعلامي الزميل عبدالكريم الجاسر المحترم أن الهلال يضع على رأس أولوياته تحقيق البطولة الآسيوية الغائبة عن خزائن "زعيم آسيا" منذ سنوات، والتي أصبحت مطلباً رئيسياً لجماهير "الزعيم" الذي تمّرس في حصد الألقاب المحلية وغاب عن "الآسيوية" لسنوات. وبناءً على الأولوية "الآسيوية" للإدارة الهلالية، أنشأت علامة استفهام.. : هل مستوى الهلال الحالي يؤهله إلى بلوغ الدور ربع النهائي - على الأقل - من دوري أبطال آسيا؟.. قطعاً لن يحصل هذا، قياساً على ظروف الفريق الحالية والإدارة الفنية للتشيكي "الأصلع" هاسيك الذي يبدو أنه معجب بشخصية المدير الفني ليوفنتوس الإيطالي السيد كونتي ويطمح إلى تحطيم رقمه القياسي في التعادلات!.. مع استراتيجية الهلال، استذكر لقاءً جمعني بالمدير الفني لنادي توتنهام هوتسبر الإنجليزي هاري ريدناب في لندن شهر سبتمبر الماضي قبيل انطلاقة الدوري الإنجليزي الممتاز، سألته عن تطلعاته للموسم وطموحاته للمنافسة على اللقب بعد تحقيقه المركز الرابع والخامس لموسمين على التوالي، حينها أجابني ريدناب بأنه على الرغم من تطور فريقه وتقديمه لمستويات رائعة في دوري أبطال أوروبا وفوزه على فرق عريقة مثل أي سي ميلان والإنتر، يطمح فقط إلى تحقيق المركز الرابع وضمان الحصول على مقعد في دوري أبطال أوروبا!. اليوم وبعد ما يتجاوز سبعة أشهر من حديثي مع ريدناب، يحتل فريقه المركز الرابع في الدوري الإنجليزي الممتاز كما خطط بالضبط المدرب الذي يطلق عليه "المجنون" في إنجلترا! وهنا يتضح الفرق الجلي بين الواقعية والأحلام الوردية!.
على الرغم من محاولات إدارة "ابن مساعد" المتكررة لامتصاص غضب الجماهير الهلالية الناتج عن فقدان لقب الدوري والترنح آسيوياً عن طريق التذكير بأن الفريق الأول قد حصل على بطولة كأس ولي العهد قبل مدة بسيطة، إلا أني أرى أن الموسم الحالي هو موسمٌ للنسيان بالنسبة للهلال، والإخفاق "الجزئي" هو نتيجة حتمية للأخطاء التي ارتكبتها الإدارة مع بداية الموسم، ولكل خطأ شخص مسؤول يجب أن يقف عند مسؤولياته ويتحمل نتيجة أخطائه. فكرت في تحميل المسؤولية لرئيس النادي، وبعد تقييمي لمسيرته الإدارية منذ تسلّمه رئاسة النادي، وجدت أن تحميله المسؤولية كاملة فيه شيء من الظلم والإجحاف. التفت إلى سامي الجابر، فضللت الطريق إلى محاسبته؛ لأنني لم أستطع تحديد وصفه الوظيفي وحصر مهامه! هل هو مدير إداري؟ مدير فني؟ أم مدرب طوارئ؟. بعد البحث والتحري، أيقنت بأن الرجلين براءة وأن البلاء ليس منهما، البلاء من باريس، «مدينة الجن والملائكة» مقر المعسكر الصيفي للإدارة الهلالية!.

آخر فنجان:

بعد أن طفت قضية "السحر" في النصر على سطح القضايا الرياضية، لا أستبعد ضلوع (الجن) الباريسي فيما يحدث للهلال في البطولة الآسيوية!.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي