الضوضاء .. تلوث العمران السمعي

قال لي أحد الزملاء: كنت في ردهة مطار أوسلو الدولي في النرويج أنتظر موعد الطائرة وأتحين سماع النداء عن إقلاع هذه الطائرة لكني لم أسمع أي شيء وكان المطار هادئا جدا، وعندها ذهبت إلى الاستقبال في الردهة أستفسر عن الإعلان عن هذه الرحلة وإن كان قد تغير موعد إقلاعها، لكن الموظفة قالت لي إن هذا المطار silent airport مطار صامت.
إن التلوث السمعي الذي يحدث في المكان هو أحد أسباب التوترات العصبية وردود الأفعال غير المتزنة وشرود الذهن وقلة التركيز، وربما يصل في النهاية إلى الصمم إذا ما كان التلوث قد وصل إلى منتهاه وبصورة مستمرة، وهو ما تعانيه المجتمعات الحضرية اليوم التي لم تع أضرار هذا التلوث، الذي كثر فيها بدرجة كبيرة في جميع أماكن الأعمال والسكن.
فنصادف اليوم في المدن والأرياف مصادر عدة للتلوث المكاني السمعي في صور شتى مع ما نعانيه من تلوث بيئي للهواء الذي نستنشقه، عدا الغبار الذي يهب بين الفينة والأخرى ليفسد الأجواء.
فمثلا الوضع في المطارات مغاير تماما لما في أوسلو، فإذا ما كنت في مطار الملك عبد العزيز في ردهة الفرسان الداخلية ستسمع الرحلات الدولة والداخلية حتى رحلات الشركات الأخرى غير ''الخطوط السعودية''، التي لا يمكن أن يكون أحد من مسافريها في هذه الصالة مطلقا، بمكبرات صوتية مزعجة للغاية وكأن الهدف إزعاج الجميع من أجل تنبيه أحد المسافرين!
وإذا ما كنت في حي قريب من معارض السيارات في أي مدينة وأنت في بيتك وبعد عناء عمل يوم شاق وتستعد لأن ترتشف الشاي بعد العصر سيصلك التلوث السمعي من بعد أكثر من كيلو متر، من خلال أصوات مكبرات الصوت التي يمسك بها الدلالون الذين يصرخون ليس لك لتشتري السيارة بل للذين بجانبهم.
ونحن اليوم نستعد للدخول في فصل الصيف حيث يبدأ عمل المكيفات التي تلطف الجو لكن مع تلوث سمعي كبير، خصوصا المكيفات الشباكية للمنازل التي لا تهدأ أبدا، خصوصا فترة الراحة والنوم.
أما ما يحدث من ضجيج من المركبات في الطرق فهو أيضا تلوث سمعي يتطلب وضع حلول لهذه المصادر.
إننا نحتاج اليوم إلى وضع معايير للمكان فيما يسمح به لهذا المكان ووضع تلك الحدود قيد التنفيذ، وهي مدونة في الكتب والمراجع، فمن ذلك:
- من 25 إلى 40 ديسبل مقبول في المناطق السكنية.
- من 30 إلى 60 ديسبل مقبول في المناطق التجارية.
- من 40 إلى 60 ديسبل مقبول في المناطق الصناعية
- من 30 إلى 40 ديسبل مقبول في المناطق التعليمية.
- من 20 إلى 35 ديسبل مقبول في مناطق المستشفيات.
حتى يتضح لنا المعنى بالصوت فإن الهمس 20 ديسبل وصوت الشاحنة 95 ديسبل وما بينهما أصوات شتى عندما تزيد على المعدل تصبح تلوثا سمعيا يلزم أن يعالج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي