يسجل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى نفسه كأحد أبرز المنظرين في المحافل الدولية عن صلاحية الشريعة الإسلامية لتكون مرجعية قضائية في بلد كالسعودية، إلا أن ذلك لم يمنعه - بحسب المحيطين به - من استقطاب التقنيات الحديثة في إدارة العمل القضائي وتقنيات الإدارة الحديثة بشكل عام في وزارة العدل التي يحتل هرم إدارتها منذ التغييرات الوزارية الشهيرة في المملكة في شباط (فبراير) 2009.
يمثل العيسى الذي قارب المؤسسات القضائية من الإعلام في الأعوام الثلاثة الماضية أحد من يناط بهم إصلاح مرفق القضاء السعودي ليتوافق مع تطلعات الناس في تسريع إجراءاتهم القضائية، لذا جاء الأمر الملكي بإسناد رئاسة مجلس القضاء الأعلى له متسقا في الاتجاه ذاته، غير أن الدكتور العيسى الذي اشتغل في جل المؤسسات الشرعية السعودية لم يستطع وحده إنفاذ ما وعد به الصحافة منذ أعوام بالترخيص للمرأة في مزاولة مهنة المحاماة بعد استشارات فقهية دعمت اشتغال المرأة بقضايا محددة عبر وكالة شرعية لا بترخيص مهني.
وفي ظل اختلافات فقهية تفصيلية راقبها العيسى من كثب في المؤسسات القضائية التي عمل فيها، رسخ وزير العدل الحالي والرئيس المكلف لمجلس القضاء الأعلى لفكرة الملتقيات الحوارية العلمية من خلال ما أسمته وزارته الملتقيات التخصصية في الشؤون القضائية، ويحظى الرجل الذي ارتبط بجامعة الإمام محمد بن سعود خريجا وأستاذا، بغزارة إنتاجية في مجال المؤلفات البحثية من بينها الرقابة الدستورية في المملكة العربية السعودية: دراسة تطبيقية لتقرير مفهوم الرقابة الدستورية في المملكة بشقيها السياسي والقضائي، إضافة إلى اهتمامه بالأساليب العملية التطبيقية في مواجهة ظاهرة تأخير الحكم والقضاء في المحاكم السعودية.
وكان الوزير العيسى قد حاضر في جامعة طيبة في المدينة المنورة قبل أكثر من عام متحدثا: مشكلة أن الأحكام تصدر أحيانا في أوقات متأخرة قياسا باستعجال الناس. وفي تعليق لافت له حول رؤيته لدور الإعلام أشار الوزير العيسى إلى مخاوف الجهات المختلفة من الإعلام باعتباره ''محرقة''، وقال: ''الإعلام فعلاً محرقة ولكنه محرقة للطلاء الزائف''.
محمد بن عبد الكريم العيسى هو حاصل على دكتوراه في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الرسالة وتداولها بين الجامعات وهو الأمر الذي غرس لديه حب التعلم والتعليم، فتحول الأستاذ إلى وزير في 2009 وأضيف إلى الأعباء عبء الرئيس لمجلس ينتظر التفعيل - مجلس القضاء الأعلى - ليقوم بدوره في المرحلة المقبلة بأفضل مما كان.
