أجمع المشاركون في البرنامج المخصص لتوجيه أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الميدانيين، على أهمية تحلي رجال ''الحسبة'' العاملين في الميدان بـ''الصبر'' و''التروي'' عند النصح والإنكار، وعدم الاستعجال في إصدار الأحكام.
وأكد العلماء والمشايخ خلال حديثهم لأعضاء الهيئة على أهمية ''الرحمة'' و''الستر'' عند مزاولتهم لأعمالهم الميدانية، وعدم دخولهم في نزاعات مع الناس سواء في الأسواق، أو الأماكن العامة، وأن يتم نصح المخالفين بالتي هي أحسن وبالقول اللين، مشددين إلى عدم الاستجابة إلى الاستفزازات، وأن يتعاملوا مع المتجاوزين بحسب النظام.
ولعل التنبيه للاستماع لأعضاء الميدانيين لتعليمات الرؤساء وعدم الاجتهاد في النظام، من الأشياء المهمة التي شدد عليها المحاضرون من المشايخ خلال الأيام الثلاثة الماضية، مطالبين رجال الحسبة ألا يستقلوا برأيهم، وأن ينصاعوا لرأي الجماعة، والاستماع لتعليمات قيادات الهيئة، حتى لو أخطأوا في تقدير بعض الأمور، لأن إدراك المصالح أولى، وأن تقديم مصلحة الجهاز على مصلحة الفرد أولى. ورصدت ''الاقتصادية'' خلال الأيام الثلاثة الماضية عملا جادا من قبل قيادات رئاسة الهيئة لتطوير أداء رجالهم العاملين في الميدان، بل أكدوا على أنهم وضعوا خططا مدروسة لتأهيل الميدانيين وتدريبهم للارتقاء بمستوى الأداء, وأن هناك خطة استراتيجية يتم تنفيذها حاليا في التدريب والتأهيل والتوظيف, وأن ذلك سيكون ملاحظاً للجميع.
وتأتي توصية الشيخ الدكتور عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء، بتأليف كتاب للقواعد الفقهية التي يحتاج إليها المحتسب وتساعده، وتوزيعه على أعضاء الهيئة العاملين في الميدان، من أهم التوصيات الذي تبناها البرنامج.
وشهد أمس، وهو اليوم الأخير للبرنامج التوجيهي محاضرة للدكتور زيد عبد الكريم الزيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بعنوان ''صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر''، حيث أكد على أهمية أن يكون هدف المحتسب هداية الناس ودلالتهم إلى الخير، وأنه من يخلص عمله لله عز وجل سيجني ثمرة مدافعة الله سبحانه عنه، مشيراً إلى أن من أهم صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون ذا علم بما يعمل، فيكون عالماً بالمعروف والمنكر وبالطريق الصحيح للنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، والعلم بحال المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر، والعلم بالأنظمة الرسمية الخاصة بالعمل الميداني.
وقال الدكتور الزيد إن ''الرفق'' مع المخالفين من أهم صفات الآمرين بالمعروف، وذلك أنه يخالف أهواء الناس، فلا بد له من رفق في التعامل معهم في أغلب المواقف، بل هو الأسلوب الأساس والمنطلق الأول، منوهاً بأهمية التحلي بصفة ''الحلم'' وكتم الغضب وسعة البال والتأني في بعض الأمور، قال صلى الله عليه وسلم: ''إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم''، وأن من نعمة الله سبحانه أن جعل هذه الصفة قابلة للاكتساب.
وأضاف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن أعمال المحتسبين في الهيئة ملاحظ للجميع، وأنهم يسدون ثغراً عظيماً، وأنه كم جلب الخير بهم وكم دفع الشر.
وفي الشأن ذاته، تحدث الدكتور حمد العمار عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عن قيمة العمل الاحتسابي، وأنه موروث الأنبياء فقامت الدعوة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد جاء القرآن الكريم بإحدى عشرة آية، ومن السنة الصحيحة تسعين حديثاً يدل على أهمية هذه الشعيرة.
وتناول العمار في محاضرته ''هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر'' مواقف النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة فيما يخالفون فيه أمر الله تعالى وكيف تعامل معها، واحتسابه في التوجيه والنصح، وتقديره للأحوال والظروف، فهو يتعامل مع من يجهل الحكم بخلاف من يعلمه.
يشار إلى أن البرنامج استهدف قرابة 500 عضو ميداني، طرح فيه عدد من المواضيع التي تهم رجال ''الحسبة'' الميدانيين، للارتقاء بالعمل الميداني، حيث شمل البرنامج عددا من اللقاءات مع عدد من المشايخ والمختصين، كالمفتي ووزير العدل.
