الناموس
- حمداً لله، أخيراً وفر لي المنتخب الإماراتي الأولمبي فرصة لكتابة مقال يتطرق إلى حالة إيجابية، فقد كنت أحاول جاهداً في الأسابيع الماضية الكتابة عن موضوع يفتح النفس، ولم أوفق في ذلك بسبب الظروف المرحلية السيئة التي تمر بها مختلف الرياضات في المنطقة. قبل كل شيء، أسجل شكري لأبناء الإمارات، الذين أعادوا رسم البسمة على وجوهنا من جديد بعد أن أعيتنا الانتكاسات المتوالية لكرة القدم الخليجية. وتأهل "الأبيض" الأولمبي إلى أولمبياد لندن 2012 لم يأتِ كهبةٍ من السماء، بل بالاستعانة بالله- عز وجل- والتوكل عليه بعد بذل الأسباب لتحقيق الهدف، فما هي الأسباب التي بذلت؟ وكيف اقتنص الإماراتيون «الناموس»*؟
- هذا المنتخب هو ثمرة بذرةٍ زرعت في صحراء الإمارات قبل سنوات، فأنبتت ورودا بيضاء قطفها المسؤولون عن كرة الإمارات في طشقند ليعيدوا زرعها في بساتين لندن في يونيو القادم. يعود تاريخ ميلاد هذا الجيل الذي تمرّس في الإنجاز إلى عام 2004، الذي شهد التجمع الأول لمنتخب الناشئين مواليد 1989 ومواليد 1990/1991، وبعد مرور عامين على ميلاده، اتضحت ملامح هذا الجيل الرائع بعد أن حقق أول الألقاب بفوزه ببطولة منتخبات الناشئين الخليجية 2006 في أبها، تحت إشراف المدرب الوطني جمعة ربيع. ومع الإماراتي "ربيع"، انتقل منتخب الناشئين إلى فئة "الشباب" ونجح في عام 2007 في التأهل إلى نهائيات أمم آسيا للشباب، وتوج شباب الإمارات بلقب البطولة الآسيوية التي أقيمت في الدمام عام 2008 تحت قيادة المدرب الوطني (الحالي) مهدي علي. ولم تقف إنجازات هذا الجيل عند حدود آسيا، وتأهل أبناء الإمارات إلى الدور ربع النهائي من مونديال الشباب 2009 في مصر، وقدموا مستويات مشرفة للكرة الإماراتية والخليجية، وفي عام 2010 عاد ذات الجيل إلى تحقيق بطولة الخليج للمنتخبات الأولمبية في الدوحة، وحقق في نفس العام إنجازاً غير مسبوق بحصوله على الميدالية الفضية في دورة الألعاب الآسيوية التي أقيمت في مدينة غوانزو الصينية.
- عقيدة البناء من القاعدة التي انتهجها مهندس جسر العبور إلى لندن محمد خلفان الرميثي رئيس اتحاد الإمارات لكرة القدم سابقا، هي التي أدت إلى حصد كل هذه البطولات، وإلى التأهل أخيراً إلى نهائيات كرة القدم في دورة الألعاب الأولمبية لندن 2012 لأول مرة في تاريخ الكرة الإماراتية، ولست ممن يختزلون الإنجازات في شخص رجل، لكن لو سألت طفلاً من أطفال الإمارات عن اسم الشخص، الذي يقف خلف إنجاز "الأولمبي"، لقالوا لك دون تردد: هو الرميثي، والأطفال لا يعرفون المجاملة والكذب، وهناك عوامل أخرى أسهمت في الوصول إلى لندن أهمها، إعطاء الثقة للكوادر الفنية الوطنية وتسخير الأندية لخدمة المنتخبات، وليس العكس، كما هو حاصل في بعض الدول الخليجية!.
- أدعو كل اتحادات كرة القدم في الخليج إلى ترك سياسة "خبط - لزق" والاستفادة من النموذج الإماراتي في بناء منتخبات الفئات السنية، من أجل صناعة مستقبلٍ أفضل لكرة القدم الخليجية. وللعلم، تقدم "مهندس الإنجاز" محمد خلفان الرميثي باستقالته من منصبه مؤخراً، فيما يستمر "عُبّاد الكراسي" بالجلوس على كراسيهم. وختاماً، تبقى لدي بعض التساؤلات.. بعد تأهل "أولمبي" الإمارات إلى الأولمبياد، هل سمعتم تصريحات رنّانة؟ هل شاهدتم حب خشوم و"خويا" يوزعون الابتسامات للكاميرات؟.. كيف ننجز؟ بالعمل والتخطيط؟، أم بالترزز والتشخيص؟.. أترك الإجابة لكم.
آخر فنجان:
إذا أردتم الوصول، فليس عليكم سوى تشغيل العقول.
* الناموس هو لفظ دارج عند أهل البادية وخصوصاً مربّي وملّاك الهجن، يرمز إلى العز والفخر والظفر.