Author

مبدأ «اعرف عميلك».. حماية للأموال من الجرائم

|
حددت القواعد العامة لفتح الحسابات البنكية وتشغيلها في البنوك التجارية في المملكة العربية السعودية، التي أصدرتها مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما''، في تحديثها الثالث في عام 2008، التعريف الدقيق للحساب البنكي، والضوابط الخاصة بفتح الحسابات الجارية، والقواعد الخاصة بمعيار مبدأ ''اعرف عميلك''. التعريف القانوني للحساب البنكي، وفق ما حددته القواعد العامة لفتح وتشغيل الحسابات البنكية، على أنه سجل محاسبي لدى بنك مقيم مرخص له بالعمل في السعودية، يُنشأ بموجب عقد يُسمي ''اتفاقية فتح حساب'' موقعة من طرف البنك وصاحب الحساب (العميل). ويحدد هذا العقد حقوق والتزامات كل طرف من أطراف العلاقة، بما في ذلك القيود المحاسبية، التي يقوم بها البنك طبقاً للأنظمة السارية المفعول والأعراف المصرفية المتبعة والإجراءات التي يتم الاتفاق عليها في نص اتفاقية فتح الحساب والاتفاقيات الأخرى، التي يتم توقيعها بين العمل والبنك وغير ذلك من الأوامر، التي يصدرها صاحب الحساب إلى البنك بهدف حماية حسابات عملاء البنوك، من أن تكون عرضة لعمليات الجرائم الاقتصادية والمالية المختلفة، التي من بينها على سبيل المثال، جريمة غسل أو تبيض الأموالMoney Laundering ML، أو ربط الأموال المودعة بالحسابات بعمليات تمويل الإرهاب Financing terrorism، ألزمت البنوك المركزية وهيئات الأسواق المالية على مستوى العالم، البنوك التجارية والاستثمارية والمؤسسات المالية، بالتقيد بتطبيق معايير مبدأ ''اعرف عميلك''KYC Know your Customer. تطبيق مبدأ ''اعرف عميلك'' بدأ في التوسع الشامل خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة وسط القطاعات المصرفية والمالية، نظراً لانتشار الجرائم الاقتصادية والإلكترونية، وبالذات عمليات غسل الأموال، التي تتم في معظم الأحيان عبر منافذ البنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية. ولقفل الباب أمام علميات غسل الأموال والعمليات المرتبطة بتمويل الإرهاب، بما في ذلك العمليات، التي تنطوي على مالية ومصرفية مشبوهة، ألزمت مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' جميع البنوك العاملة في المملكة، بأن تطبق بحزم وصرامة عبر جميع منافذها وشبكة فروعها، معايير مبدأ ''اعرف عميلك''، التي تتطلب الالتزام بالتعامل مع العملاء بموجب الأسماء الواردة في الهويات والوثائق الصادرة عن الجهات الرسمية في البلاد، ومنع التعامل أو فتح أو تشغيل أو الاحتفاظ بأي حساب مصرفي مجهول الاسم أو الذي يتم تشغيله تحت اسم وهمي وزائف أو غير صحيح. كما تمنع معايير مبدأ ''اعرف عميلك''، التعامل أو فتح أو تشغيل أو الاحتفاظ بأي حساب رقمي، كما يتعين على البنوك، ليس فقط الاكتفاء بمعرفة عملائها، ولكن ينبغي عليها معرفة الغرض من فتح أي حساب بنكي والعلاقة المصرفية وطبيعتها، إضافة إلى مراقبة نشاط الحسابات المصرفية لتحديد نمط العمليات غير الطبيعية، وفي حالة الشك أو الاشتباه، فإنه يتطلب من البنك القيام بإبلاغ الجهات الأمنية المختصة عما يلاحظ، وإشعار مؤسسة النقد العربي السعودي بذلك، وبالذات بالنسبة للحسابات التي تتعدى حدود معينة، والصفقات التي ليس لها معنى اقتصادي أو تجاري، أو عند إجراء عمليات إيداعات كبيرة أو عديدة ومن ثم تحويلها إلى جهات وحسابات أخرى. كما ألزم النظام البنوك بعدم تكليف أي موظف بالعمل في مجال الصرافة أو خدمات العملاء إلا بعد إلحاقه بدورات عن مبدأ ومعايير ''اعرف عميلك''، ومكافحة عمليات غسل الأموال. إن تطبيق مبدأ ''اعرف عميلك'' في جميع المصارف العاملة في المملكة، أدى إلى منع حدوث جرائم غسل الأموال أو حتى الشروع فيها، رغم الحرية المالية والاقتصادية، التي تتمتع بها البيئة الاقتصادية والمالية في المملكة، ولا سيما أن الوضع التحوطي والاحترازي قد تطور في البنوك السعودية، ليشمل نطاقا أكبر في مجال مكافحة ومحاربة الجرائم المالية والاقتصادية، بما في ذلك عمليات غسل الأموال، حيث أصبحت التعليمات الحالية الآمرة لا تتطلب فقط معرفة العميل، ولكن امتدت وتوسعت لتشمل اعرف عميل عميلك، واعرف الجهات التي تتعامل مع عميلك، وأيضاً أعرف الجهات المرتبطة مع عميلك، ومصادر أموال الجهات التي يعمل أو يرتبط بها عميلك.. وهكذا. إن تضييق الخناق على غاسلي الأموال وعلى المحتالين والنصابين الماليين، كفل للبيئة المصرفية المحلية والمالية، أن تكون بيئة نظيفة من عمليات غسل الأموال، بما في ذلك الجرائم المالية والاقتصادية الأخرى، مما حقق للمملكة المركز الأول عربياً في قدرتها على مكافحة عمليات غسل الأموال بشهادة فريق المينا فاتف. خلاصة القول، إن ضوابط فتح الحسابات المصرفية، التي أصدرتها مؤسسة النقد العربي السعودي، وألزمت جميع البنوك العاملة في المملكة، بتطبيقها، بما في ذلك معايير مبدأ ''اعرف عميلك''، كفلت للمملكة وحققت لها بيئة مصرفية ومالية خالية من عمليات غسل الأموال والعمليات المرتبطة بتمويل الإرهاب، مما حقق للمملكة مركزاً متقدماً للغاية على مستوى المنطقة والعالم في قدرتها على التعامل مع عمليات غسل الأموال ومكافحتها رغم الحرية المالية والاقتصادية التي تتمتع بها المملكة، مما جعل المملكة وجهة وبيئة جاذبة للاستثمارات والأموال النظيفة على المستوى الدولي، الأمر الذي يؤكده تبوء السعودية مرتبة متقدمة على مستوى العالم في قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الاستثمارات المحلية، والله من وراء القصد.
إنشرها