جدل حول تصاميم المدارس الحكومية وعدم ملاءمتها للعملية التعليمية
أكد مختصون في الهندسة المعمارية، أن تصاميم المدارس الحكومية القديمة منها أو الحالية، لا تتواكب مع التطور الكبير الذي يشهده المجال التعليمي على المستوى العالمي، وذلك لافتقارها أساسيات عدة من ناحية التصاميم، أو مطابقتها لمواصفات المباني المدرسية، وأعمار الطلاب. وتؤكد وزارة التربية والتعليم أنها تضع المعايير التصميمية اللازمة لإنشاء المباني حسب طبيعة ومتطلبات كل موقع، بحيث تضمن تأمين سلامة الطلاب من الحوادث المرورية، إلى جانب تهيئة المباني مناخياً، فضلا عن أن تصميم المباني المدرسية مناسب لمواجهة الحرائق وعمليات الإخلاء السريع في الحالات الطارئة.
وأوضح المختصون، أن جميع الدراسات العلمية العالمية تتفق على أن تطور المنشآت التعليمية ومواكبتها متطلبات العصر، تسهم بشكل مؤثر في تقدم المسيرة العلمية لدى جيل الناشئة من البنين والبنات، مطالبين وزارة التربية والتعليم بدراسة هذا الجانب خصوصا في المدارس الحكومية التي يتم إنشاؤها.
وفي هذا الصدد، بين لـ "الاقتصادية" الدكتور علي القرني عميد كلية العمارة والتخطيط سابقا في جامعة الدمام، أن التصاميم الموجودة قاتلة للتعليم كونها عبارة عن صناديق يدخلها الطلاب صباحا ويخرجون منها ظهرا، دون التحدث عن التعليم بالترفيه، الذي يعد خطوة متقدمة جدا للإسهام في استيعاب الطالب. وأكد أن عددا من المدارس تعاني فقد الأساسيات كالتكييف، حيث ما زالت بعضها تستخدم الوحدات القديمة، كذلك المواد المستخدمة في البنيان لا تطابق المواصفات المتفق عليها ليس فقط في بناء المدارس وإنما في كثير من المباني الحكومية، وأنه في حال وجدت المواصفات فالتنفيذ غير مطبق على هذه المباني، وذلك اعتمادا على من ينفذ المشاريع ويقوم على مراقبتها.
وقال القرني، إنه في حال تمت المقارنة بين المدارس الحكومية الجديدة ومدارس أرامكو السعودية التي توقفت عن البناء منذ ما يناهز 15 عاما لوجدت المفارقات في المتطلبات القديمة السائرة على المدارس الجديدة. وأشار إلى أن المشكلة في قضية المشاريع المدرسية ليست في الميزانيات، وإنما تتمثل في كيفية تصريف تلك الميزانيات وفق المعايير المتقدمة المتكاملة كالتي تطبق في دول الغرب وأيضا بعض دول الشرق.
وأضاف "المشكلة أننا نتعامل في كل جزئية على حدة، وبمعيار مختلف، بينما الغرب يتعامل مع المدرسة كجزء من المجتمع حتى لا يشعر الطلاب بالملل. وأكد أن وزارة التربية والتعليم لم تستشر في أي مشروع مدرسي أو تعليمي أو ما إلى ذلك، خبيرا من كلية العمارة والتخطيط على رغم استعداد الخبراء في الكليات لتقديم الاستشارة والإدلاء بالرأي دون مقابل مادي للدوائر الحكومية. ورجّح أن الإشكالية في ذلك ترجع إلى البيروقراطية في عملية طرح المناقصة، التي تخضع لأنظمة وقوانين قديمة، تقع حجرة عثر في عملية الاستشارات.
من جهته، كشف لـ "الاقتصادية" المهندس نواف عقيل الشمري مدير عام الدراسات والتصاميم في وزارة التربية والتعليم، عن أن تحديد مواقع المدارس يتوقف على المخططات المعتمدة للأحياء والمناطق، وفق ما تعتمده وزارة الشؤون البلدية والقروية حسب المعايير العالمية المحددة، وأن الوزارة تضع المعايير التصميمية اللازمة لإنشاء المباني حسب طبيعة ومتطلبات كل موقع، بحيث تضمن تأمين سلامة الطلاب من الحوادث المرورية، إلى جانب تهيئة المباني مناخياً من خلال تصميم يحدد الاتجاهات المناسبة لمداخل ومخارج المبنى، ويعالج مشكلات المناخ بتحقق أقل اكتساب حراري ممكن، باستخدام مواد ومواصفات تحقق ذلك، من حوائط معزولة وأسقف مزدوجة وكاسرات للشمس.
وقال المهندس الشمري، إن تصميم المباني المدرسية مناسب لمواجهة الحرائق وعمليات الإخلاء السريع في الحالات الطارئة، حيث يراعى في التصميم اتساع الممرات وتزويدها بأعداد كافية من خراطيم وطفايات الحريق، مع احتوائها على عدة مخارج، إضافة إلى سلالم الإخلاء في حالات الطوارئ، إلى جانب تجهيز المعامل والمقاصف بكاشفات للدخان والحريق، والتي عرضت على الدفاع المدني قبل التنفيذ. وأكد أن الوزارة تحرص على تجهيز المدارس بأحدث الأدوات والأجهزة والوسائل من مقاعد وطاولات، حاسبات آلية، وسبورات ذكية، إلى جانب تجهيزها بمعامل، مختبرات، صالات، ومصادر للتعلم، إضافة إلى جميع ما يحتاج إليه الطلاب والمعلمون بمواصفات ومعايير تناسب البيئة والعصر والجيل الحالي، لتحقق أقصى درجات الراحة الصحية والنفسية والسلامة للطلاب والطالبات.
وفيما يتعلق بلجوء الوزارة للشركات الأجنبية، أبان الشمري، أن التعامل مع الشركات الأجنبية محدود للغاية ولم تلجأ الوزارة لتنفيذ مشاريعها عن طريق أي شركة، كما أن التنفيذ الذي تم في الآونة الأخيرة لعدد محدد من المشاريع عن طريق شركة صينية كان فقط للإسراع في إنجاز عدة مشاريع مدرسية في فترة زمنية قصيرة بمستوى عال من التنفيذ والجودة النوعية، أما بقية المشاريع المطلوب إنجازها، وتمثل العدد الأكبر، فتطرح على مقاولين محليين لتنفيذ الخطة الوطنية المعتمدة لاستبدال المباني المستأجرة بمبانٍ حكومية.ولفت الشمري، إلى أن الوزارة كانت وما زالت تعتمد على المقاول السعودي لتنفيذ مشاريعها وتتعامل معه، وما نراه الآن من مبان قائمة ومشاريع مدرسية يجري تنفيذها عن طريقهم. وأضاف أن المدرسة ليست مبنى فقط، بل هي مجموعة عناصر متكاملة ومرتبطة ببعضها البعض بداية من الطالب والمعلم والمجتمع والبيئة والمنهج العلمي والتقنيات الحديثة، لذا تعمل الوزارة على تصميم مبنى عصري يلاءم ويجمع هذه العناصر كافة، وتتوافر فيه أحدث تقنيات التعليم من سبورات ذكية وحاسبات آلية و"بروجكتورات" و"إنترنت".
وقال مدير عام الدراسات والتصاميم في وزارة التربية والتعليم "لا شك أنه كلما كان تصميم المنشأة التعليمية مطوراً وجاذباً للطلاب والطالبات، كان ذلك دافعاً قوياً لزيادة رغبتهم في الاطلاع والمعرفة وتنمية المهارات لديهم في مختلف المجالات العلمية والفكرية، مما سيساعد على تقدم المسيرة العلمية في بلادنا الحبيبة، ولهذا أولت الوزارة اهتماما بالغا بتصميم المبنى المدرسي، من خلال الاستعانة بمكاتب استشارية متخصصة، إيمانا منها بمدى تأثيره في العملية التعليمية والتربوية".