مطالع القمر فقهيًا

مطالع القمر فقهيًا

تعد مسألة اعتبار اختلاف المطالع أو اتفاقها من أكثر المسائل إثارة للنزاع في موضوعات الأهلة، ويترتب عليها آثار عظيمة في إثبات دخول الشهور القمرية، وبما أن طبيعة المقال لا تتناسب مع عرض المسألة ومناقشتها من ناحية فقهية تفصيلية، فيمكن تسجيل النقاط التالية : ## النقطة الأولى : المطالع بين فقه اليوم والأمس اختلف الفقهاء في اعتبار اختلاف المطالع في إثبات دخول شهر رمضان على أقوال، ولعل من أشهرها : 1 - لا اعتبار باختلاف المطالع، فإذا ثبت دخول شهر رمضان في بلدٍ من البلدان وجب على جميع البلدان الصيام، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم قديمًا، وقالت به العديد من المجامع الفقهية الحديثة. 2 - أنَّه يُعتبرُ باختلاف المطالع، ويكون لكل أهل بلد رؤيتهم الخاصة بهم، فإذا ثبت دخول الشهر في بلد فلا يلزم منه أن يصوم أهل بلدٍ آخر بصيامهم، وإلى هذا ذهب: بعض الفقهاء قديمًا، ومجمع الفقه الإسلامي بمكة، وعليه العمل في العصر الحاضر في معظم بلدان العالم الإسلامي. 3 - التفصيل بين البُلدان : وبه قال بعض الفقهاء، فلا يُعتبر اختلاف المطالع في المسافات القريبة بين البُلدان، فإذا ثبت دخول شهر رمضان في أحد هذه البلدان: فيجب على البلدان القريبة منها أن يصوموا، ويُعتبر اختلافها في المسافات البعيدة: إذا ثبت دخول شهر رمضان في بلدٍ بعيدٍ عنهم، فلا يصوموا بصيامه، بل يكون لهم صيامهم المستقل. وبهذا يتبيَّن أنَّ القول المعتمد عند الفقهاء قديمًا هو القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع لشهر رمضان، مع تباعد البلدان وصعوبة الاتصالات. أما غالبية الفقهاء المعاصرين: فقد اختاروا استقلال كل بلد بإثبات شهر رمضان عن البلدان الأخرى، مع أن وسائل الاتصالات والمواصلات قد قرَّبت بين البلدان حتى أصبحت وكأنها بلد واحد، والتطور الهائل في العلوم والأدوات المتصلة بالفلك ورصد الكواكب. كما أنَّ كثيرًا من الفقهاء المعاصرين قد اعتبروا الحدود السياسية فرقًا بين البلدان، بحيث يجب على من يعيش داخل هذه الدول من المدن والقرى أن تعمل بإثبات دخول الشهر مهما اتسعت تلك الدولة، ولا يجب على البلدات المتقاربة أن تتحد في صومها أو فطرها إذا كان يفصل بينها خط سياسي، مع أنَّ هذه الحدود حادثة ولم تكن معروفة طوال القرون الماضية، وليس لها اعتبار في التوقيت أو العبادات ولا دليل عليها، وبخاصةٍ إذا كانت البلدان صغيرة ومتقاربة في التوقيت بحيث يستحيل طلوع الهلال في أحدها دون طلوعه في الأخرى. ## النقطة الثانية : مطالع القمر في الأدلة الشرعية يمكن تلخيص الأدلة الشرعية التي اعتمد عليها كلا الفريقين في التالي: أولاً: أدلة من لم يعتبر اختلاف المطالع : 1 - عموم قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: 185]. 2 - عموم قول الرسول : (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) متفق عليه. ففي الآية والحديث خطابٌ عامٌ لجميع المسلمين بالصوم، فمتى ثبت دخول الشهرِ فيلزم جميع المسلمين الصوم، وهذا يشمل جميع البلدان، فتخصيص بلدٍ دون آخر لا دليل عليه، كما أنَّ التفريقُ بين البلدان القريبة والبعيدة تحكمٌ في النصِّ لا دليلَ عليه. 3 - أنَّ القول باعتبار اختلاف المطالع لا دليلَ عليهِ من كتابٍ ولا سنة، بل ورد الأمر بعكسه : أ - فلم يَرِد عن الرسول استفسارٌ ولا استفصالٌ ممن رأى القمر عن مكان رؤيته، وبعدِ ذلك أو قُربه من المدينة، بل إنَّه أوجبَ الصيامَ بمجرد ثبوت رؤيته، وكانت البلاد الإسلامية شاسعة بعيدة تشمل معظم أجزاء الجزيرة العربية. ب - عندما أوجب النبي صيام رمضان أوجبه على جميع المسلمين عند ثبوت الشهر، فدلَّ هذا أنَّ خطابه العام جعلَ ثبوتَ دخوِل الشهر لجميع المسلمين، وهو يعرف أنَّ الإسلامَ سينتشرُ في بُلدانٍ متباعدة، فلمَّا لم يُشِر إلى ذلك، ولم يُفرِّق بين البُلدان، دلَّ على أنَّ اختلاف المطالع غيرُ معتبرٍ في الشرع. ج - أنَّ القائلين باعتبار اختلاف المطالع لم يضعوا ضابطًا مُحدَّدًا في الفرق بين البُلدان، والضوابط التي وضعوها لا دليل عليها. د - أنَّ من فرَّق في الوقت الحالي بين البُلدان في وقت الصيام قد اعتبرَ ما لم يعتبره الشارع في تحديد ابتداء الصوم ألا وهو الحدود السياسية، كما سبقت الإشارة إليه. 4 - ويُمكن أن يُستَدلَّ: أنَّ إثباتَ دخولِ الأشهر لا يتوقَّف عليه مُجرَّد الصيام أو الفِطر، بل يمتدُّ ذلك ليشمل أمورًا في غاية الأهمية، وعلى رأسها: التقويم، فلو قلنا إنَّ لكلِّ بلدٍ إثباتهم الخاص للأشهر : لتعدَّدت التقاويم والأشهر في الأرض، وهذا مُخالفٌ شرعيًا وعمليًا : فأمَّا في الشرع: فإنَّ القمر واحد، والهلال واحد، والشهر واحد، فلا يصح أن يتعدَّد الشهر. وأما من ناحية عملية : فإنَّه لا تستقيم حياة الناس وأعمالهم ومعاملاتهم إلا بتقويمٍ واحدٍ مُنضَبط، وإلا لداخلها الخلل والتضارب والتنازع، وبخاصةٍ مع تقارب البلدان، وسهولة الاتصال والتواصل. القول الثاني : أدلة من اعتبر اختلاف المطالع وألزم أهل كل بلد بإثبات الشهر باستقلال عن البلدان الأخرى : 1 - حديث كُريب أنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِالشَّامِ، قَالَ : فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا_ ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ : مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ؟ فَقُلْتُ رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ : لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ) رواه مسلم. فقد دلَّ هذا الحديث على أنَّ ابن عباس _رضي الله عنهما_ لم يأخذ برؤية أهل الشام، وأخبر أنَّه يصوم ويُفطر حسب رؤية أهل بلده، وأخبر أنَّ ذلك هو أمر الرسول لهم، فيُستدلُّ به على أنَّه لا يلزم أهل بلد ما أن يعملوا برؤية أهل بلدٍ آخر. ويُمكن الإجابة عليه بما يلي : أ - ليس في قولِ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - كلامٌ عن موضوع اختلاف المطالع، بل لم تكن هذه المسألةُ معروفةً في عهد الصحابةِ رضي الله عنهم، وهذا المصطلح حادثٌ بعد هذه الواقعة بزمنٍ طويل، ولم يكن موقف ابن عباس بناءً على هذا المُصطلح الحادث. بل غايةُ ما في هذا الحديث: أنَّه لم يثبت عند ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - رؤية الهلال في المدينة بشهادة رجلين، ولم يقبل قول كريب لانفراده بهذا الخبر، والدليلُ قوله: (هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ)، والرسول قد أمر في أحاديثه ببدء الصوم أو الانتهاء منه عند رؤية الهلال، أو إكمال العِدَّة ثلاثين يومًا، ولم يرد في حديثه كلامٌ عن الاختلاف بين البلدان في الصوم واختلاف المطالع. ب - لا يثبت بهذا الحديث مسألة اختلاف المطالع؛ فإحداثيات دمشق هي: خط الطول 36ْ شرقًا و18 دقيقة، وخط العرض (33) درجة شمالاً و31 دقيقة، وارتفاعها عن سطح البحر 730 مترًا. بينما إحداثيات المدينة النبوية هي: خط الطول (39) درجةْ شرقًا و36 دقيقة، وخط العرض (24) درجةْ شمالاً و29 دقيقة، وارتفاعها عن سطح البحر 625 مترًا. وبالتالي : فإنَّ الفارق الطولي بينهما هو: (3.18) درجة، والفارق العرضي هو: (9.02) درجة، وحيث إنَّ المدينة النبوية شرق دمشق بما يزيد قليلاً على (3) درجات، أو 13 دقيقة زمنيًا: فإنَّ هذا الفارق القليل لا يصلح لأنَّ يكون فارقًا لاختلاف المطالع. فإن قيل: إذًا لماذا لم يُر الهلال في المدينة إذا كانت المطالع متقاربة؟ فالجواب: أنَّ ذلك يرجع لأحد سببين: 1 - أنَّ الهلال لم يكن موجودًا في دمشق في تلك الليلة، وأُخبِرَ بوجوده توهمًا. 2 - أو أنَّ الهلال لم يُرَ في المدينة لعدم القدرة على رؤيته. ج - كما أنَّه يمكن الردُّ على الاستدلال بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ رأي ابن عباسٍ اجتهادٌ منه، والحجة إنما هي في قول الرسول. 2 - كما استدلوا بحديث: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ). فالرسول علَّق وجوب الصيام بالرؤية، والمقصودُ بالرؤية هنا رؤية بعض أهل البلد، وبما أنَّ المطالع تختلف من بلدٍ لآخر، فالخطاب بالرؤيةِ لكلِّ قومٍ بمطلعهم، فلا يجب على أهل بلدٍ أن يُتابعوا أهل بلدٍ آخر، بل تكون لهم رؤيتهم المُستقلَّة. ويُمكن الإجابة عليه بما يلي : أنَّه لا دليل على هذا التفريق، بل الأصل أن يبقى الخطاب عامًا ولا يُخصَّص إلا بدليلٍ. 3 - كما استدلوا بالقياس : فكما أنَّ البلدان تختلف في ابتداء الصوم وانتهائه تبعًا لاختلاف أوقات الفجر والمغرب، وكما أنَّ أوقات الصلاة تختلف من بلدٍ لآخر فما يكون ظهرًا في بلد يكون فجرًا في بلدٍ آخر: فكذلك يجب أن تختلف بدايات شهر رمضان وانتهاؤه. ويُمكن الإجابة عن هذا الاستدلال : بأنَّه اختلاف التوقيت هذا ناتجٌ عن (التدرُّج) في طلوع وغروب الشمس وهو يحدث في اليوم نفسه، وتم تفصيل الحديث عنه في مقال (مطالع الشمس). 4 - كما استدلوا بالمعقول : أنَّ الأوقات ومطالع ومغارب القمر تختلف من بلدٍ لآخر، وقد خاطب الله تعالى كل قومٍ بما يتحقَّقُ في قُطرِهم لا في قُطرِ غيرهم، فلا يُخاطبُ أحدٌ في شأنِ الصلاةِ بـزوال غيره ولا بفجرِه، وكذا الهلال، فمطالعه مُختلفة، فيختلف ابتداء الشهر وبدء الصومِ تبعًا لاختلاف هذه المطالع. وقد تم بيان حقيقة اختلاف المطالع في مقال سابق: وهو أنَّه ينبغي توحيد بدايات الشهور ونهاياتها بين جميع البلدان. النقطة الثالثة : الفرق في اعتبار المطالع بين الشهور القمرية : عَرَضَ بعضُ الفقهاء لمسألة: هل يُثبَت دخول شهر ذي الحجة بناءً على إثباته في كل بلد؟ أم يُؤخذ بإثبات مكة له؟ وفي ذلك قولان : ## القول الأول أنَّ الناسَ تَبَعٌ لمكَّةَ في إثبات شهر ذي الحجة، وبناءً على ذلك: فإذا ثبتَ في مكةَ دخولُ شهرِ ذي الحجة فيثبت في جميع أنحاء العالم، وما يترتَّب عليه من صيام يوم عرفة، وعيد الأضحى، والحج. وقد قال بذلك جمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا. واستدلوا على ذلك بما يلي : 1 - عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. 2 - وعَنْ عَائِشَةَ _رضي الله عنها_ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ) رواه الترمذي. فقد دلَّ الحديثان على أنَّ الصوم والفطر وأعمال الحج إنما يكون مع أهل مكة؛ لذا يجب على جميع الناس أن يكونوا تبعًا لأهل مكة في ذلك، فلا يُعقل أن يقف الناس في عرفة وغيرهم يعتبرون أنَّ هذا هو اليوم الثامن، أو أن يُضحِّي أهل مكة وغيرهم يصومونه على أنَّه التاسع، فإنَّ ذلك لا يستقيم. ## القول الثاني أنَّه يُعتَبر باختلاف المطالع في شهر ذي الحجة. وقال به بعض الفقهاء، قالوا: لأنَّ الصوم مُتعلِّقٌ بمُطلق الرؤية. الرَّاجح : بالنَّظر في الأدلة الشرعية الواردة في ثبوت الأشهر القمرية يتَّضح: أنَّه لا فرق في عدم الاعتبار باختلاف المطالع بين ثبوت شهر رمضان وبقية الأشهر، وبين ثبوت شهر ذي الحجة كما قال الجمهور لما يلي : 1 - أنَّ جميع الشهور القمرية مُتشابهةٌ فيما بينها من حيث: وجوب ضبط دخولها وخروجها، وتحريم العبث بها، وترتُّب عبادات على دخولها، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل. فلا يصحُّ التفريقُ بينها، خاصةً أنَّ شهري رمضان وذي الحجة يتعلَّق بهما ركنان من أركان الإسلام: الصيام والحج، فكلاهما ركن، وكلاهما واجبٌ على المكلفين. 2 - أنَّ طريقة إثبات جميع الشهور القمرية واحدةٌ كما جاءت بها الأدلة الشرعية. 3 - وبذلك يتبيَّن تناسق أقوال الفقهاء قديمًا في عدم اعتبار اختلاف المطالع سواءً كان ذلك في شهر رمضان، ومعه بقية الأشهر، أو كان ذلك في شهر ذي الحجة. أما الاتجاه المعاصر للكثير من الفقهاء فهو التفريق بين شهري رمضان وذي الحجة : فاعتبروا اختلاف المطالع في الصيام، وبناء عليه: أوجبوا على كل أهل بلد إثبات دخول شهر رمضان وخروجه بشكل مستقل، ولو أدى ذلك إلى اختلاف البلدان في مواعيد الصيام والعيد، ولم يعتبروا أنَّ الخطاب في قول الرسول : (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ)، عامٌ لجميع المسلمين، بل هو خاصٌ لكل أهل بلد. ولم يعتبروا اختلاف المطالع في شهر ذي الحجة: فأوجبوا على جميع المسلمين التوحُّد في إثبات شهر ذي الحِجَّة، بناءً على الأحاديث العديدة ومنها: حديث: (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ)، وحديث: (الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ). ومن الملاحظ: أنَّ جزءًا من هذه الأحاديث السابقة تُبيِّن أنَّ الصوم كذلك هو يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، وكان مقتضى الاستدلال أن يتساوى جميع الناس في الصيام، والإفطار، والحج، والأضحى الواردة في هذه الأحاديث، لا أن يؤخذ بعضها ويُترك بعضها الآخر. ## الخلاصة يمكن تلخيص ما سبق في النقاط التالية : 1 - اتساق أقوال الفقهاء قديمًا في عدم اعتبار اختلاف المطالع: سواء كانت البلدان قريبة من بعضها أو بعيدة، وسواء كان ذلك في شهر رمضان أو غيره من الشهور. 2 - تفريق غالبية الفقهاء المعاصرين بين العديد من الأمور المتشابهة : أ_ فقد اعتبروا اختلاف المطالع بين البلدان في شهر رمضان، ولم يعتبروها في شهر ذي الحجة. ب - وعملوا بجزء من حديث (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ) فلم يعتبروا اختلاف المطالع في شهر ذي الحجة، ولم يعملوا بالجزء الخاص بالصوم والإفطار مع أنهما واردان في الحديث نفسه. ج - فرَّقوا بين البلدان المتحدة المطالع بسبب الحدود السياسية. 3 - ليس هناك نصٌ صريحٌ في التفريق بين البلدان في إثبات الشهور القمرية، بل الأدلة عامة في مخاطبة جميع المسلمين بالصوم والفطر، فتبقى على عمومها دون تخصيص. 4_ - كما أن أحاديث (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ..) تقوي جانب عدم اعتبار اختلاف المطالع. 5 - إذا أُضيف إلى ذلك حقيقة اختلاف المطالع فلكيًا كما سبق بيانها: يترجَّح وجوب اتحاد البلدان في دخول الشهور القمرية وخروجها، وأنَّه إذا ثبت في أحدها فيثبت في بقيتها.
إنشرها

أضف تعليق