بوادر أزمة شح في الأسفلت

بوادر أزمة شح في الأسفلت

حذر مقاولون سعوديون من بوادر أزمة نقص في الأسفلت، معتبرين أنها ستؤثر في تنفيذ عدد من مشاريع الطرق والبنى التحتية الأخرى، بسبب ارتفاع الطلب حاليا على مادة البيتومين التي تدخل في صناعة الأسمنت ويشتري المقاولون ممن لديهم عقود من جهات حكومية مادة البيتومين من ''أرامكو السعودية'' بواقع 300 ريال للطن الواحد، في وقت بلغ سعر الطن في السوق السوداء لأكثر من 700 ريال.
وتأتي تحذيرات المقاولين من حدوث أزمة نقص في الأسفلت، في وقت تواجه فيه السوق المحلية من أزمة نقص في الأسمنت في عدد من مناطق المملكة أدت إلى تعثر تنفيذ مشاريع إنشائية حسب إفادات عدد من المقاولين تحدثوا لـ ''الاقتصادية'' في وقت سابق.
وأكد فيه مسؤولان في الشرقية لـ ''الاقتصادية'' أن هنالك شحا في الأسفلت يواجه المقاولين في المنطقة. ويقول المهندس صالح الهبدان نائب رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض وعضو اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية: ''الآن قد لا تكون هنالك أزمة بمعنى الأزمة، ولكن في حال حدوث أي نقص من مادة البيتومين، نتيجة إغلاق ''أرامكو السعودية'' بعض مصافيها بغرض الصيانة قد تحدث الأزمة''.
وأضاف الهبدان لـ''الاقتصادية'' أنه في حال أغلقت ''أرامكو السعودية'' إحدى مصافيها للصيانة أو توافق تنفيذ جزء كبير من المشاريع التنموية في وقت واحد قد يؤدي ذلك إلى بروز أزمة نقص في الأسفلت.
من جهته، أكد لـ ''الاقتصادية'' سعد الوهيبي عضو لجنة المقاولين في غرفة الشرقية، أن المقاولين يواجهون الآن شحا في توافر كميات الأسفلت، مما قد يتسبب في توقف أعمالهم في المشاريع التي ينفذونها بالتالي يؤدي ذلك إلى تأخر تسليم هذه المشاريع للجهات التي تملكها، مشيرا إلى أن أغلب المقاولين حريصون على الانتهاء من المشاريع التي ينفذونها في الوقت المتفق عليه مع الجهات المتعاقد معها دون أي تأخير، إلا أنه وفي حال تفاقمت أزمة نقص الأسفلت فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تأخر تسليم هذه المشاريع. وأكد أن السوق حاليا قد لا تواجه أزمة، ولكن ومع زيادة الطلب في أي لحظة قد ينتج عنها أزمة في الأسفلت.
وقال الوهيبي إن أي شح في الأسفلت سيقود حتما إلى ظهور سوق سوداء للمواد والمكونات التي تدخل في صناعة الأسفلت، من بينها مادة البيتومين التي تنتجها وتوزعها ''أرامكو السعودية'' على المقاولين، لذا فإن ''أرامكو'' يجب عليها أن تحكم سيطرتها على البيتومين في السوق، بالتنسيق مع المقاولين المعتمدين لديها والذين يقومون بتنفيذ مشاريع عائدة لجهات حكومية. وأوضح أن ''أرامكو'' عادة لا تقدم حلولا دائمة لهذه المشكلة وإنما تقترح حلولا وقتية وسرعان ما تعود المشكلة للسطح مجددا.
وعاد الهبدان وهو يشغل أيضا منصب مدير عام شركة سيركون للمقاولات العامة، ليوضح أن هناك مكونات أساسية في صناعة الأسفلت، منها مادة البيتومين، يتم الحصول عليها من ''أرامكو'' يضاف إليها مواد طبيعية أخرى من بينها الرمل، وهي مواد تخضع لبعض المتغيرات، ولكنها متوافرة في السوق، رغم أنه في بعض الأحيان قد ترتفع أسعارها، ولكنها لا تنقطع عن السوق، مشيرا إلى أن إشكالية الأسفلت تتركز في تزويد خلاطات شركات المقاولات من البيتومين التي توزع على المقاولين وفق حصص محددة ومقننة، من خلال تقديم شركات المقاولات إثباتات ومستندات تبين حجم ونوعية المشاريع التي سيتم تنفيذها والكمية التي تحتاج إليها هذه الشركات من الأسفلت ليتم بعد ذلك صرف حصص معينة من البيتومين على المقاولين.
ويؤكد الهبدان أن الإشكالية الحقيقة أنه لا يوجد وضوح تام ومرونة من قبل ''أرامكو'' بخصوص البيتومين، مشيرا إلى أنه ومنذ ثلاث سنوات، حدثت أزمة نقص كبيرة في الأسفلت، أدت إلى تأخير مشاريع وزارة النقل وكثير من مشاريع البلديات.
ويرى الهبدان أن الحل يكمن في خلق توازن بين ما تصرفه ''أرامكو'' للمقاولين مع ما يتم توقيعه من عقود من الجهات الحكومية، أن يوضع في الاعتبار أيضا أن القطاع الخاص في حاجة إلى حصص معينة من الأسفلت، لذا لا بد من توافر البيتومين بشكل كبير، مما يعني تعزيز مصادر البيتومين، بحيث تكون متوافرة في السوق أكثر مما هي عليه الآن، مؤكدا أن خلاطات الأسفلت قادرة على زيادة إنتاجها في حال زادت ''أرامكو'' حصة المقاولين من البيتومين.
وأكد الهبدان أن بيع البيتومين في السوق السوداء أمر متعارف عليه ومستمر منذ فترة، حيث وصل سعر الطن إلى 1200 ريال خلال الأزمة السابقة، رغم أن ''أرامكو'' تبيعه للمقاولين بـ 300 ريال للطن. وقال ''وقد يكون سعره قد وصل إلى 700 ريال حسبما سمعت لكن نحن كمقاولين نتسلم حصتنا من ''أرامكو'' وفق التسعيرة المتفق عليها''.
غير أن الهبدان، يرى أن ''أرامكو'' تتبع أسلوبا ''مزعجا '' في توزيعها لحصص البيتومين على المقاولين، حيث تطلب من المقاول إثبات أن لديه عقدا من جهة حكومية حول طبيعة المشروع، كمية معينة يتم جدولتها على أشهر معينة، وفي حال عدم تنفيذ المقاول المشروع بسبب أي عائق يحرم المقاول من الكمية، وفي هذه الحالة يحتاج إلى مستندات ومخاطبات جديدة بين الجهة الحكومية و''أرامكو''، خاصة أن الأخيرة أصبحت تأخذ تأييدا من الجهة الحكومية مباشرة توضح حجم الأسفلت الذي يحتاج إليه المقاول لتنفيذ المشروع وهذا يعني عدم اعترافها بما يقوله المقاول، مشيرا إلى أن هذه تعتبر عملية مزعجة جدا للمقاولين الذين يطالبون ''أرامكو'' بالتركيز على زيادة إنتاجها من البيتومين، بشكل يغطي حاجة السوق، حتى تتلاشى السوق السوداء. وأن ''أرامكو'' ستكون هي الرابح الأول من هذه الخطوة، إلا إذا كانت لديها حسابات أخرى تتعلق بمسألة الربح والخسارة لمنتجاتها. ويرى الهبدان أهمية زيادة المعروض لخلق توازن مع الطلب، فإذا كان هنالك طلب متزايد فمن الضروري أن يزيد إنتاج ''أرامكو'' ليتوافق مع حجم هذا الطلب. أما إذا رأت ''أرامكو'' أن رفع الإنتاج يجب أن تصاحبه زيادة في السعر بالطبع، فإن ذلك ستكون له انعكاسات أخرى على المشاريع المنفذة، مشيرا إلى أن السعر المعتمد من ''أرامكو'' حاليا هو 300 ريال للطن الواحد، تضاف إليها تكاليف النقل سواء من مصفاة الرياض أو رأس تنورة أو ينبع.
من ناحيته، قال لـ ''الاقتصادية'' عمر العسيس عضو مجلس إدارة شركة العسيس القابضة إن هنالك نقصا في كمية الأسفلت في السوق يقدر هذا النقص بين 50 و60 في المائة. وأرجع هذا الشح إلى ارتفاع سعر مادة البيتومين في السوق السوداء، حيث بلغ سعر الطن نحو 600 ريال للطن الواحد. وحمل العسيس بعض المقاولين الذين يحصلون على حصتهم كاملة من البيتومين، مسؤولية بروز سوق سوداء، حيث يقوم البعض منهم ببيع الفائض عن حاجته من البيتومين لمتعاملين في السوق بسعر أعلى من السعر المعتمد من قبل ''أرامكو'' مما يخلق سوقا سوداء لمادة البيتومين والأسفلت معا.

الأكثر قراءة