Author

الواسطة.. عمل من أعمال الفساد

|
اعتبر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن (الواسطة) جزء من أعمال الفساد وتدخل في نطاق المساءلة، والواسطة أسلوب وامتياز متعلق بمنظومة سلوكية وتربوية بعيدة في مجتمعاتنا، ناهيك عن الوساطات القبلية ووساطات المناطق التي تلوي عنق القانون لكي ينطبق على أبناء بعض المناطق دون غيرها، بينما (يصرح) بعض المسؤولين أن أبوابهم مفتوحة للجميع وأن جميع الوظائف والتعيينات والخدمات تتم بشفافية عالية جداً. ما دعاني لكتابة هذا المقال (الهاكرز) الذي اخترق موقع الأرصاد متسائلا (عن الوظائف وضرورة الاستعانة بالواسطة للحصول على وظيفة، حيث إن له أربعة أشهر ينتظر "حافز" ولم يحصل عليه)، وعلى الرغم من أن دخوله يعد مخالفة لقانون جرائم المعلومات، إلا أننا علينا أن ننظر إلى حالة السخرية التي يرمي إليها هذا الشاب من خلال تقصده نشر تعليقه على صفحة الأرصاد، فهو يرمي للقول إن "حافز" أصبح يحتاج إلى خبراء في الأرصاد لمعرفة متى يأتي هطوله على المحتاجين من المواطنين. هذه سخرية عالية الشدة، لكنه في المقابل يؤكد أن المواطن يحتاج إلى (واسطة) للحصول على "حافز"، بينما هيئة مكافحة الفساد تعتبرها جريمة والسؤال: ما الحل؟ لو أن هناك شفافية وصدقا وأمانة في أي مؤسسة عامة لها علاقة مباشرة ومهمة مع المواطنين، لما بحث هذا المواطن عن جهة محددة ليطلق عليها سخريته بما يجري في "حافز"، و"حافز" هنا مثال للعديد من المؤسسات. هنا نشير إلى نقطة مهمة وهي أن التصريحات والتعهدات في الصحف والفضائيات لم تعد تجدي نفعا للرد على المواطنين والاستجابة لمطالبهم، لذا يفترض في كل مسؤول أن يتحلى بالصدق والأمانة، ولا يطلق التصريحات الزائفة والتدخل في شؤون غيره، لأنه إذا تداخلت المهام ضاعت الأهداف، على سبيل المثال عندما يتحدث مسؤول عن مهام جهة أخرى غير جهته، فاعلم أن أهداف جهة عمله لن تتحقق، خاصة أن رقابة المواطنين أصبحت أكثر فاعلية وتأثيرا من الماضي. التصريحات الكبيرة عن الأرقام والمعلومات والتقارير المالية المزركشة والملونة التي يسمعنا إياها بعض المسؤولين، وأن من أولوياتهم التوظيف وما أدراك ما التوظيف، هذه التصريحات فيها نوع من الاستهلاك وعفا عليها الزمن وأصبحت مكشوفة للملأ، وعلى الجهات الرسمية مسؤولية المتابعة والضرب بيد من حديد على من يسترسل ويطلق لنفسه العنان بالتصريحات الواهية، فالمواطن أصبح يفهم لغتهم التي تنم عن المصلحة الشخصية. أما المناسبات التي تقدم فيها الدروع والصور ويتم خلالها إطلاق التصريحات والتعهدات، فالمواطن يتابعها بشغف، ويأمل أن جميع مشاكله ستحل بهذه التصريحات، لكنه في النهاية يكتشف أن هذا كله كلام جرائد، وهو يعلم جيداً حرص خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، ومتابعتهما شؤون المواطنين واحتياجاتهم، وتبقى مسؤولية المسؤولين أمام الله أولاً، وأمام القيادة والمواطن لتنفيذ وعودهم بكل أمانة ودقة.
إنشرها