الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الخميس, 18 ديسمبر 2025 | 27 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.27
(-0.84%) -0.07
مجموعة تداول السعودية القابضة151.8
(-1.56%) -2.40
الشركة التعاونية للتأمين115
(-1.71%) -2.00
شركة الخدمات التجارية العربية120.3
(-0.66%) -0.80
شركة دراية المالية5.41
(2.08%) 0.11
شركة اليمامة للحديد والصلب31.3
(-1.26%) -0.40
البنك العربي الوطني21.18
(-0.24%) -0.05
شركة موبي الصناعية11.2
(0.00%) 0.00
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.4
(-1.23%) -0.38
شركة إتحاد مصانع الأسلاك19.84
(-0.55%) -0.11
بنك البلاد24.77
(-0.72%) -0.18
شركة أملاك العالمية للتمويل11.33
(0.18%) 0.02
شركة المنجم للأغذية53.85
(0.19%) 0.10
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.58
(0.87%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية52.75
(0.67%) 0.35
شركة سابك للمغذيات الزراعية112.7
(1.62%) 1.80
شركة الحمادي القابضة27.58
(-2.75%) -0.78
شركة الوطنية للتأمين12.98
(-0.61%) -0.08
أرامكو السعودية23.65
(0.21%) 0.05
شركة الأميانت العربية السعودية16.37
(-0.12%) -0.02
البنك الأهلي السعودي37
(1.09%) 0.40
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات28.16
(-0.78%) -0.22

ربما يثير العنوان أعلاه نوعاً من الامتعاض.. حين يتم النظر إلى الأعراف والتقاليد بموقعها الدافئ الحميم في النفوس على أنها سلع.. تتم معايرتها اقتصادياً.. أو يتم ''تتجيرها'' بمعنى تحولها إلى النطاق التجاري.. غير أن الأعراف والتقاليد والعادات، بكل ما لها من علاقات وجدانية ورائحة تاريخية عند جميع الشعوب.. كانت لها أيضاً جاذبيتها السياحية أيضاً.

لعل ''ابن بطوطة'' و''كولومبس''.. حيث يمثل الأول الشرق، بينهما يمثل الآخر الغرب، هما أقدم دليلين سياحيين أغريا الآخرين بالذهاب إلى حيث ذهبا، وجاء بعدهما رحالة ومستكشفون جابوا مجاهل إفريقيا وآسيا وأستراليا كانوا هم أيضاً توطئة سياحية لمن قدموا بعدهم لكي يزوروا تلك البلدان..

حتماً نحن لا نغفل الباعث الاستعماري للمستكشفين والرحالة الغربيين.. فتلك قصة أخرى.. إلا أنه من المؤكد في حالة ابن بطوطة وفي حالة كولومبس أو غيرهما ممن جاؤوا بعدهما أن انتباههم انصرف لطرائق العيش وأنماط الحياة والتعامل التي شاهدوها في تلك الأصقاع.. وهم طبعاً لم يهملوا هذا الجانب وإنما دونوه، كل مستكشف حسبما قرأ وفهم وأعجب أو استهجن ما رآه.. وقد كان هذا الميراث الثقافي للمستكشفين والرحالة مشحونا بطاقة جذب للفضول الإنساني لرؤية ما تحدث عنه أولئك.. وفي صدارتها عادات وتقاليد تلك الشعوب.

في البدء لم يكن للسياحة بمعناها الاقتصادي دور بقدر ما هو الرغبة في الاطلاع وتوسيع المدارك بالمختلف والغريب، من باب المعرفة والمتعة معاً.. بيد أن التطور الحضاري والنمو الاقتصادي سلطا الضوء على دور التقاليد والأعراف في المكون السياحي.. وبالتالي ساد توجه عالمي إلى الحفاظ على هذه التقاليد والأعراف بمظاهرها المباشرة في اللباس والمأكل والمشرب والسكن وصنع الأواني والأدوات والحلي كما في الأغاني والرقصات وطقوس المناسبات من أعياد أو حفلات زفاف ومآتم ونحوها.. وسنت الدول قوانين متشددة لعدم العبث بالطابع التقليدي والأثري للبلد في المواد وفي السلوك والأداء باعتبارها كلها تجليات لعادات الشعوب وتقاليدها.. أخذت شيئاً فشيئاً تكتسب إلى جانب الاعتزاز بالهوية الوطنية قيمتها المضافة اقتصادياً.

المملكة تجمع بين السهل والجبل وبين الصحراء والبحر، وتترامى مساحتها الشاسعة في جوار تفاعل معها على مر الأزمنة مثلما استوطنتها وعبرتها حضارات منذ آلاف السنين.. وهذا السياق بزخمه وتنوعه وعمره السحيق صاغ في صراع الإنسان في هذه الأرض مع المتغيرات التاريخية أنماطاً من العادات والأعراف والتقاليد، تجتمع في قواسم مشتركة في بعض الجوانب، كما تختلف في جوانب أخرى حسب كل منطقة وكل قبيلة وفئة من السكان.

مهمة الهيئة العامة للسياحة والآثار في الاستحواذ على هذا الكم الثري من تنوع الأعراف والتقاليد المحلية مهمة شاقة وجسيمة، فهي من ناحية تشق طريقها في خضم ضغط العصر وسطوة حداثته، وفي وقت رحل فيه أجداد لنا كانت مهمتها ستكون أيسر في وجودهم لكون تلك العادات والأعراف شديدة الحضور والصراحة في أذهانهم من حضورها في أبنائهم الذين أصابتهم رياح التغيير العصرية وأضعفت شيئاً ما تلك الصورة الأصيلة لو تم القبض عليها تماماً على النحو الذي كانت عليه دون شوائب.. إلا أن ما لا يدرك جله لا يترك كله، كما يقول المثل، وهيئة السياحة تستنفر جهودها في هذا الاتجاه في سباق مع الزمن لكيلا نفقد المزيد.. ولكي تبرز عاداتنا وأعراقنا وتقاليدنا بعيداً عن اعتماد الجاهز وما يرتجل من نشاط على أنه هو المعبر عنها.. لأن الخلل في ترجمة العرف والعادة والتقليد وفي اعتساف أو تغيير طابعه بالتزويق أو التوفيق سيجعل منه نشازاً مفارقاً لما يفترض أن يوحي به أو يشيعه من متعة أو أمثولة داخلة فيه سواء عن أحاسيس الرضا أو السخط، الفرح أو الحزن.. الموقف من المجهول والعدو وكذا الموقف من الوجود والعلاقة به.. فكل ذلك مكنوز في العادات والتقاليد وتجلياتها، ولا يمكن إلا لدارس للمأثورات الشعبية والأنثروبولوجيا أن يتعامل معها لكي يزفها على صورتها ومضمونها المؤثرين الكفيلين بالإمساك بالسائح من ناصية شعوره مندمجاً معها حيث جاء إليها.. وهذا الاندماج وحده ضمان استثمار ميزتها النسبية ثقافياً والذي يؤدي بدوره إلى تحولها لمورد اقتصادي.. أو سلع اقتصادية لا يمكن الحصول عليها إلا بالمجيء إليها حيث هي في هذه الرفعة من بلادنا أو تلك.. ولنعيد القول في أن المهمة صعبة أمام هيئة السياحة لكنها أحد تحدياتها لجعل السياحة الوطنية مكوناً له اعتباره في الاقتصاد الوطني.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية