تملك العقار.. عقوبات لمكافحة التستر والاستثمار

جاء نظام الاستثمار الأجنبي ليفتح المجال أمام المستثمرين غير السعوديين في الأنشطة المسموح بها وبالشروط والقيود التي تحقق مصلحة الاقتصاد الوطني ومصلحة المستثمر الأجنبي، وكان يفترض أن يسهم هذا النظام المنفتح جدا للمستثمرين غير السعوديين في القضاء على التستر بشتى أشكاله وصوره وأنواعه ومجالاته، خصوصا في تملك العقار، وهو الأكثر خطورة، فالنظام يسمح بذلك في حدود الغرض والنشاط التجاري أو الزراعي أو الصناعي الذي يخدمه تملك العقار للمستثمر الأجنبي في المملكة مع وضع خاص للخليجيين لاعتبارات تبادل المزايا والحقوق بالنسبة للخليجيين من أفراد ومؤسسات وشركات، وهي خاضعة لنظام تملك مواطني دول مجلس التعاون للعقار في الدول الأعضاء الصادر عام 1422هـ.
ولأن لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة، وهي إحدى اللجان المتخصصة في مجلس الشورى، تدرس مشكلة التجاوزات والمخالفات لما تضمنه نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره في مادته الخامسة، فإن ذلك يعني أن هناك ظاهرة تتطلب المواجهة القانونية والتصدي لها بحلول تتضمن عقوبات ضد من يثبت تملكه عقارا في المملكة بالمخالفة للنظام، وكذلك من يثبت عليه التستر أو المشاركة في إخفاء هذه الملكية غير المشروعة للعقار، فالمادة الخامسة من نظام تملك غير السعوديين للعقار تنص على عدم جواز تملك غير السعوديين العقار في حدود مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.
إن دراسة مثل هذه المخالفات وبحث وضع حلول لها يؤكدان أن هناك من يسعى لمخالفة النظام واستخدام أسماء صورية للتحايل، وهو يتجاوز مجرد المخالفة النظامية، فالمدينتان المقدستان لهما خصوصية تتطلب تنظيما خاصا يراعي التركيبة السكانية والاجتماعية بهاتين المنطقتين ويمنع حدوث أي اختراق أو تسلل تقوم به جهات معادية أو ذات أهداف مشبوهة، وهو أمر يفرض وعي المواطن بالدرجة الأولى، حيث لا يصح شرعا ونظاما أن يقبل المواطن السعودي استخدام اسمه في تملك عقار بصور غير نظامية لشخص غير سعودي سواء كان شركة أو مؤسسة أو فردا ولأي غرض كان.
إن النظام يسمح لغير السعودي من المسلمين باستئجار العقار داخل حدود مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة لمدة يحددها النظام قابلة للتجديد، كما أن النظام يعترف بحق التملك لغير السعوديين في المدينتين المقدستين متى كان مصدر التملك الميراث، وفي هذا حفظ لحقوق الملكية والانتفاع والارتفاق والاستغلال للعقار الموروث لغير السعودي من المسلمين، لذا فإن البحث عن وسائل وحلول للتصدي لتلك التجاوزات وحالات التستر يعتبر تحديثا لنظام تملك غير السعوديين للعقار، خصوصا نص المادة الخامسة منه التي تتم مخالفتها وترتيب نتائج خطيرة على مخالفتها.
إن مشروعا مقترحا لعقوبات بحق المخالفين للحكم الذي نصت عليه المادة الخامسة من نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره الصادر عام 1421هـ سيضيف نظاما جديدا ذا صبغة جنائية، ومن الممكن تفادي إصدار نظام جديد بإضافة مادة خاصة بالعقوبات في صلب نظام تملك غير السعوديين للعقار وأن تنص هذه الإضافة على المصادرة القضائية لأي عقارات مهما كان نوعها يثبت للجهات الحكومية أنها مملوكة فعلا لأشخاص غير سعوديين مع إتاحة الفرصة كاملة للطرف المتضرر الطعن في حكم المصادرة القضائي وذلك بالاستئناف ضده أمام القضاء الإداري، ولا شك أن هذه العقوبة هي أقصى ما يمكن الحكم به وفيها تحذير كاف لغير السعوديين من تملك عقارات في المدينتين المقدستين، لأن العقوبات تتضمن مصادرة العقار منه، كما أنه يمكن وضع مكافأة مالية لمن يكشف عن عقارات في المدينتين المقدستين مملوكة لغير سعوديين مع إتاحة الفرصة لكل سعودي متستر أن يتقدم بالحقائق كاملة مع إعفائه من العقاب وتحديد مكافأة لكل من يكشف عن مثل هذه المخالفات وإن كان طرفا فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي