هل من الممكن أن تكون طاقة المسكن = صفرًا؟

كتبت الأسبوع الماضي مقالاً عن الطاقة وربما أجدني مضطرًّا إلى إعادة الكتابة مرة أخرى حول هذا الموضوع الحيوي المهم، الذي يقلق الدول المتقدمة في الوقت الحاضر، وتسعى جاهدة إلى سياسات التقشف في كل مناحي الحياة كنتيجة لارتفاع فاتورة الطاقة.. وإننا اليوم في غمرة البناء والتشييد أغفلنا ذلك الجانب المهم من أن يوضع في حسابات الحاضر لتدارك خطر المستقبل حين نحتاج إلى ذلك الترشيد.
إن التصميم والتنفيذ للترشيد وقت الرخاء يختلف عن فرض التقشف وقت الشدة، لذلك أجد أن هذا الموضوع يفترض أن يكون الأساس في التصميم للمساكن التي يتم اليوم إنشاؤها من خلال مشاريع الإسكان في كل أرجاء المملكة، لا أن نعالج جروح هموم السكن اليوم ونغفل مشكلة الطاقة في الغد القريب.
إن المسكن ليس فقط مجلسًا للضيوف وصالة للعائلة وغرف نوم ومطبخًا، إنه اليوم يحتاج إلى طاقة هي قوام أعماله اليوم، وهي بما تمثله من كهرباء وماء وغاز تشكل عصب الحياة لكل مسكن، فما الذي تم من خلال المشروعات التي تنشأ اليوم لمعالجة ذلك؟ وما الحلول لجعل المسكن لا يحتاج إلا إلى أقل القليل منها بطرق إبداعية؟
ندرك أن هناك مشكلة في السكن كان المخططون قد انتبهوا لوقوعها وعرفوا حجمها بحسابات هندسية لحجم الطلب، والنتيجة التي توصلنا إليها اليوم أن نسبة كبيرة من سكان المملكة لا يمتلكون مساكن، وأن السكن أصبح أمرًا في غاية التعقيد بعد أن تضخم حجم المشكلة خلال السنوات الماضية، فنحن اليوم نعالج مشكلة نشأت قبل سنوات، وإذا كنا نعالج هذه المشكلة بمعزل عما يمكن أن تنتج عنها ولا ننتبه للمشكلة الأخرى، وهي الطاقة، فإن معالجة المشكلة الحالية سيترتب عليها من استهلاك للطاقة قد يصعب مستقبلاً الوفاء بها، وتصبح المساكن التي بذلنا الأموال الطائلة لإنشائها خالية.. إذ كيف لنا أن نشغلها دون طاقة!
في الوقت الحاضر تتعاون جهات شتى لحل مشكلة الإسكان، فسعت الدولة بكل جهد وعبر تخصيص ميزانية هائلة تهدف إلى ردم هوة ذلك العجز الذي تولد خلال السنوات الماضية، وهي اليوم في طريقها إلى الحل مع عقبات تواجه تلك المشروعات من شح الأراضي! والصندوق العقاري يقرض المواطنين مبالغ لإنشاء السكن، وكذلك الصناديق العقارية وغيرها، لكن ربما تستطيع وزارة الإسكان بعد فترة أن تتغلب على العقبات اليوم بشكل أو آخر. غير أن المشكلة التي ربما تواجه تلك المشروعات في المستقبل، وهي مشكلة أكبر من شح الأراضي وارتفاع أسعارها.. إنها مشكلة شح الطاقة وارتفاع أسعارها. وأجد أن الأفق يخلو من أي حل ألبتة لتلك المشكلة، بل لم ترصد أي ميزانية لذلك، بل لم نسمع حتى بدراسات وحلول لهذه المشكلة.
إننا نحن اليوم نستطيع بما نمتلك من موارد وفائض ميزانية حل المشكلتين، أما إذا ما تم حل المشكلة الأولى (السكن) وتجاهل الأخرى (الطاقة) فإن النتيجة ربما تكون كارثية، إذ بعد انتهاء المساكن سنواجه أنها تستهلك طاقة هائلة لا يمكن استيعابها.. وكيف يسكن مسكن من دون طاقة؟
أما تساؤل المقال: فهل من الممكن أن تكون طاقة المسكن = صفرًا؟
فلن أجيب عنه، وأدع الإجابة عنه لوزارة الإسكان، حيث يمكن أن يعقد مؤتمر يناقش هذا المفهوم لوضع أطر تأسيسية لمفهوم المبنى الصفر في تلك المشاريع لا أن تترك ليواجه السكان هذه المشكلة بعد انتهاء تلك المشاريع، أو أننا بعد ظهور مشكلات في الطاقة في تلك المشاريع ننشئ وزارة لترشيد الطاقة أو للمباني الصفرية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي