جريمة خطف
في لقاء جمعني بمجموعة من الزملاء، بادرني أحدهم بالسؤال: لم لا تكتب عن الرياضة الكويتية وأنت أحد أبنائها؟ فأجبته: الرياضة الكويتية هي مدرستي ومعلمتي، همومها همومي وهاجسي الأول، أنتمي إليها بكل جوارحي، وأموت حرقاً وقهراً في اليوم ألف مرة على حالها ... ويا للحسرة ويا له من حال آلت إليه الرياضة في الكويت!
لا أدري ماذا أكتب ومن أين أبدأ؟ تردي الأوضاع الرياضية في الكويت هو نتيجة لمعركة «كسر العظم» التي تدور رحاها منذ ما يقارب خمس سنوات بين معسكرين متخاصمين ينافس كلٌ منهما الآخر ليصير له حق الصدارة في كل شيء دون الآخر في تنافسٍ غير حميد. أزمة الرياضة الكويتية ليست أزمة (نصوص) ولا أزمة (نفوس)، بل هي صراعٌ محتدم بين قطبين متضادين يطمح كلٌ منهما إلى السيطرة والهيمنة على الحركة الرياضية. اجتمعت في كلا القطبين شهوة الاستفراد والرغبة في احتكار الرياضة والسطو عليها. كلاهما أشهر سيف الخلاف في وجه الآخر، فصاروا يقتطعون من جسد رياضتنا وصرنا نحن الضحية! حتى تحول حلم (الاحتراف) الرياضي إلى مشروع (انحراف) رياضي على مختلف المستويات.
على الصعيد الأولمبي، ترزح ألعابنا الرياضية تحت وطأة قرار إيقاف النشاط الدولي، فيما تقف قياداتنا الرياضية عاجزة عن فعل أي شيء وتكتفي بالفرجة، غير آبهةٍ بمصير رياضتنا؛ فشغلهم الشاغل هو السعي لحصد المناصب الرياضية الدولية وتحقيق الأمجاد الشخصية! فأي عاقلٍ يصدق أن رياضيي الكويت شاركوا في "الآسياد" تحت راية العلم الأولمبي الدولي؟ مع العلم أن "ابن الكويت" الشيخ أحمد الفهد الصباح يجلس على كرسي رئاسة "المجلس الأولمبي الآسيوي" - أعلى سلطة رياضية في قارة آسيا - الذي يتخذ من الكويت مقراً دائماً له!
داخلياً، كيف للرياضة الكويتية أن تتطور في الوقت الذي تخضع فيه الهيئات والمؤسسات الرياضية الكويتية لصفقات وتسويات سياسية؟ .. حتى تم (تسييس) العمل الرياضي وأصبحت مجالس إدارات الأندية الرياضية "كوبري" للوصول إلى المقاعد النيابية.
المفسدون في رياضتنا يسرحون ويمرحون بلا حسيبٍ أو رقيب بعد أن وضعوا الجمعيات العمومية - أعلى سلطة في الأندية والاتحادات الرياضية - في جيوبهم باستخدام سلاح (النفوذ) في المعسكر أ، و(المال) في المعسكر ب. والإخفاق والفشل المستمر في رياضتنا تقف خلفه إدارات غير مؤهلة، وفئة دخيلة على الوسط الرياضي، نتجرع منها كأس المرارة والحسرة على ما أصاب الرياضة الكويتية من وراء تخبطاتها الإدارية.
أما الإعلام الرياضي، فحدّث ولا حرج! إعلام موجّه ومسيّر حاد عن جادة الحقيقة، انشقاق وانقسام، تحزّب وخصام، وحرب أقلام! أقلام تمجّد (فُلان)، وأقلام تشتم (علان)، ولا عزاء للحيادية والموضوعية، إلا من رحم ربي.
الرياضة الكويتية (مجني عليها) في "جريمة خطف" ارتكبها (الجُناة) وهم عصابة من"الدخلاء"، اختاروا أن يسيروا في جنح الليل حتى اغتنموا الفرصة للانقضاض على رياضتنا، فكمّموا فمها وكتموا أنفاسها وقيدوا حركتها. وكما خيّم الظلام وأتاح الفرصة للدخلاء لارتكاب جريمتهم، فلا بد لضوء النهار أن يسطع ويقشع الظلام، فينبثق النور من جديد حتى تعود الرياضة الكويتية كما كانت في عصر ازدهارها ونهضتها، قدوة ومثلاً للآخرين بإذن الله.
ماذا أقول بعد؟ ... أتعبني هذا المقال.
آخر فنجان:
جريمة الخطف (جناية) يعاقب عليها القانون بإحدى العقوبات الآتية: الإعدام - السجن المؤبد - السجن المؤقت.