اقتصاديون: الاهتمام بالموارد البشرية سيرفع الناتج المحلي غير النفطي

اقتصاديون: الاهتمام بالموارد البشرية سيرفع الناتج المحلي غير النفطي

رجح محللون اقتصاديون ارتفاع عائدات الدولة غير البترولية في الميزانيات المقبلة وزيادة الناتج الوطني غير البترولي بفضل السياسات التي اتخذتها الدولة نحو دعم قطاعات التعليم والتدريب والصناعة بمبالغ ضخمة، وهو ما سينتج منه صناعات ذات قيمة مضافة تصدر حول العالم.
واعتبر الخبراء نسبة الناتج الوطني البترولي مشجعة في الوقت الراهن؛ نظرا لحداثة عهد التحول نحو ابتعاث الطلاب للخارج ودعم الصناعات الوطنية وسينخفض تدريجيا مع عودة من يتعلمون في تخصصات مطلوبة ونادرة من الخارج واستيعابهم في الشركات الصناعية الكبرى، مؤكدين أن الحاجة تدعو إلى التركيز على الصناعة التي تحمل قيمة مضافة للاقتصاد السعودي وتكون مواردها وصانعوها سعوديين 100 في المائة حتى نتمكن من تحقيق أعلى نسب الاستفادة منها، وأهمية إيجاد فكر إداري اقتصادي مرن للتعامل مع أي أزمات قد تحدث والتغيير من الوضع الراهن في القيادات التي تصر على كل سياساتها القديمة في الإدارة، حتى أنها تسببت في هروب رساميل سعودية ضخمة للخارج.
وأشار الخبراء إلى أن الـ60 في المائة من الناتج المحلي المتبقية تتوزع على رسوم جمركية تحققها الدولة من الواردات وأخرى من رسوم الخدمات المتنوعة إضافة للصادرات البتروكيماوية.
وأكد الدكتور محمد شمس أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، أن القيمة الحقيقية للصادرات والتي تحسب ضمن الناتج الوطني تتوقف على القيمة المضافة محليا، فعندما نستورد المادة الخام ونستقدم أشخاصا يقومون بالتصنيع فلا قيمة لصناعتها في المملكة.
واعتبر شمس رصد الميزانية الجديدة للدولة 168 مليار للتعليم إسهاما في زيادة الناتج الوطني من الصناعات عبر الاستفادة من الموارد البشرية. وقال أن توطين العمالة هي الاستثمار على المدى الطويل وزيادة إنتاجية العامل السعودي في الساعة بجهود قطاع التعليم والتدريب الذي تم دعمه بسخاء في الميزانية.
وتابع "لا بد من التركيز على الأجيال التي ما زالت في المراحل الجامعية والثانوية ودفعهم للانخراط في تخصصات تحتاج إليها البلاد".
وعن اعتماد الدولة على العوائد النفطية في ظل سعي دول العالم للاستغناء عنها قال شمس: "لا نخفي التخوف من التحول لطاقة بديلة مع سعي دول متقدمة إليها، ولكن الحل في إيجاد مصادر غير ناضبة والاستفادة منها في دعم الاقتصاد الوطني وتسويقها للخارج، فالكهرباء والطاقة الشمسية والصناعات الحرفية كلها مصادر مستديمة".
وأشار إلى أن دول تتجه للهيدروجين والغاز الطبيعي في استخدامها السيارات، إضافة إلى عزل الطاقة في المنازل وتسببه في تخفيف استهلاك الطاقة والحرص على ضرورة خلق طرق جديدة جذريا في الخطة التاسعة للدولة مع وزير الاقتصاد والتخطيط الجديد.
أما الدكتور طارق كوشك المحلل الاقتصادي، فيرى أن الاستثمار المالي وفتح مصانع وتوجيه الشباب إليها وعدم الاعتماد على العمالة الأجنبية، كما يحصل حاليا هي الحل في الفترة المقبلة قبل أن نصل لمرحلة ما بعد النفط.
وناقض كوشك فكرة أن الشاب السعودي لا يقبل على الأعمال المهنية، وقال: إن الشاب متى ما وجد البيئة المناسبة للعمل وعائدا ماليا جيدا فلن يمانع في تقبل أي عمل شريف؛ فهناك فئات لهم اهتمامات وهوايات محددة في الأعمال المهنية فمع تشجيعهم وزيادة تعليمهم فيها لدى المعاهد المختصة التي لقيت دعما كبيرا في ميزانية الدولة سنتمكن من الاستفادة منهم والاعتماد عليهم في المشاريع الكبرى التي تنفذها الوزارات المختلفة. ودعا لتغيير الفكر الإداري الحالي في المملكة الذي يعيق كثيرا من المشاريع الاستثمارية المحلية والأجنبية.
وقال: إن الاستثمارات السعودية في البورصات العالمية تجاوز 100 مليار ريال بعد الخسائر التي لحقت بهم في سوقهم المحلية، عدا استثمارات سعودية كبرى في مجالات صناعية مختلفة هربت للخارج بفعل البيروقراطية التي تعانيها وتحجر الفكر الإداري لدينا الذي لا يسعى دائما نحو أي تسهيل للمعاملات الحكومية التجارية.
واعتبر كوشك أن الوقت قد حان للتفكير الجدي بالاعتماد على مصادر دخل جديدة غير البترولية؛ فكارثة قد تحدث في أي وقت بغير بيعنا النفط، فهناك دول متقدمة أصبحت السيارات لديها تعمل بالغاز ومستقبلا ستبتكر موارد أخرى تعتمد عليها لا تكلفها الكثير من الأموال فلا مجال أمامنا سوا العمل نحو الصناعة وتنمية قدرات الشباب في هذا الجانب، حتى أن المملكة نفسها تسعى لتخفيف استخدام النفط في مشاريع الكهرباء والتحلية واتجهت للطاقة الشمسية البديلة كبقية دول العالم.

الأكثر قراءة