ميزانية 2012.. تفاءلوا بالخير تجدوه

القدرة على التنبؤ بالدخل والالتزام بالمصاريف معضلة عادة ما تواجه الشركات على المستوى الجزئي والدول على المستوى الكلي.

نظرا لأن الدقة في تحقيق الإيراد تعتبر أكبر معضلة من الإنفاق، حيث يكون الأول في متناول متغيرات خارجية ليس للشركة أو للدولة سيطرة عليها، في حين نجد أن السيطرة على الإنفاق في متناول اليد. ويعتبر الدخل من النفط (مصدر الدخل الرئيسي للدولة في المملكة العربية السعودية) رئيسي ويمثل نحو 86 إلى 93 في المائة من الدخل للدولة.

#2#

وبالتالي يعد سعر برميل البترول مدخلا رئيسيا للسعودية لتحديد حجم الإيرادات مستقبلا، وفي ظل حقيقة مهمة وهي الالتزام بالطاقة الإنتاجية كما هو محدد من منظمة أوبك وعدم النظر لزيادة الإنتاج والضخ.

واختلفت الآراء حول السعر الذي يتم من خلاله تحديد حجم الإيراد خاصة أن الإيرادات الأخرى لا تمثل حجما كبيرا وتراوحت خلال الفترة من 2008 إلى 2011 وحسب الجدول رقم (2) بين 66.15 و110 مليارات ريال وبالتالي حجم الخطأ في قياسها غير مؤثر مقارنة بالخطأ في سعر برميل النفط. ومن المهم عند قياس الدخل يجب معرفة حجم المباع من النفط الخام وحجم المباع كمنتجات نهائية (أرامكو تبيع منتجات مكررة). ولكن من المتعارف عليه أن الوصول لسعر تقريبي قد يرضي رغبتنا في بناء توقعاتنا ومعرفة حجم الإيراد المتوقع لنا. والملاحظ من الجدول رقم (1) ورقم (2) أن هناك مرة واحدة خلال الفترة 2008 إلى2011 كان عجز في الموازنة ولكن دوما كانت التوقعات حول الإيرادات أقل من المتحقق. ولكن أيضا كان الإنفاق أعلى من المخطط له حسب الجدولين وللفترات نفسها.

الوضع الذي يعكس رغبة الدولة واهتمامها في التوسع في الإنفاق لتسريع المشاريع والقضاء على بعض المشاكل من خلال إعادة برمجة الإنفاق وزيادته.

الدولة استطاعت أن تبني توقعاتها على متغيرات متحفظة تجاه سعر النفط ونجد أن التوقعات ركزت في الفترة من 2009 إلى 2011 على سعر للبرميل منخفض (تراوحت الإيرادات بين 410 و540 مليار ريال، ورفعت توقعاتها وسعر البرميل المتوقع أعلى من السنوات السابقة بنحو 30 في المائة على افتراض استمرار مساهمة القطاعات الأخرى عند أقل من 10 في المائة من الإيرادات.

والسؤال الذي يفرض نفسه خاصة في ظل الهمسات الأخيرة حول ترشيد الاستهلاك من الوقود من طرف المواطن والوافد وحول رفع سعر اللقيم على الشركات المحلية من السوق المحلية أو اعتمادا على ارتفاع أسعار برميل النفط ومحافظتها على المستوى المرتفع فوق المائة دولار. الإجابة سنتعرف عليها خلال العام المقبل ومع بدء تطبيق الميزانية. والقضية مفتوحة للنقاش حول أهمية تسعير الموارد بقيمتها الحقيقية وحجم الدعم الممكن تقديمه وإلى أي حد يمكن التضحية به.

مسك الختام:

لماذا نهتم بالموازنة وتحقق الإيرادات وزيادتها؟ يرجع السبب الرئيسي لذلك هو اهتمام المواطن ورجال الأعمال بالبرامج التي تنوي الدولة القيام بها لدفع الاقتصاد خطوة إلى الأمام وحل المشاكل الرئيسية التي نواجهها.

وبالتالي تراجع الإيرادات قد يقلق البعض في استمرارية المشاريع وقيامها وبالتالي قد تكون له انعكاسات سلبية ولكن في ظل حقيقة توفر الفوائض خلال السنوات السابقة وتناميها ربما يخفف من التخوف حول هذه النقطة. وعودة لعنواننا هو مثل قديم يعكس واقعنا فالدولة ومع توسع الدخل لم تبخل على المواطن من خلال الإنفاق ودعم الاقتصاد المحلي.

وأخيرا لو قلنا 100 دولار أو عشرة دولارات سعر برميل النفط، ما يهمنا هو عدم الإفراط في التوقع ونفضل أن نتوقع أقل من الحقيقة حتى نجد دوما مفاجآت سارة مقارنة لو أفرطنا في التوقع لنلمس نتائج مخيبة وهو ما لم يحدث في الماضي، ونتمنى عدم حدوثه مستقبلا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي