الرحلة إلى مكة .. تراجيديا اللحظات الأخيرة للحجاج

الرحلة إلى مكة .. تراجيديا اللحظات الأخيرة للحجاج

الرحلة إلى مكة .. تراجيديا اللحظات الأخيرة للحجاج
الرحلة إلى مكة .. تراجيديا اللحظات الأخيرة للحجاج

كانت آخر لحظات الوداع الأخير كلمات التفت في ورق لترسم ملامح الوداع الأخير قبيل المغادرة إلى مكة المكرمة، تلك المدينة التي رسمت معالم الحب والالتصاق الروحاني بمدينة يشد لها الرحال.
مراسم الوداع الأخير تجلت حيثيا في أبجديات النفس الأخير، والنظرة التي استشرفت الوداع، لتلهج الألسن بعبق اللحظات الأخيرة، وملامح فصول النهاية في دراما شديدة الاحترام ومقدسة الفصول. من حبر الورق لعناق الأحبة إلى المطار ومن ثم إلى مكة، كانت الحكاية التي تستشرف الحياة من الموت والموت من الحياة، لتكون جمالية اللقاء حين تكتنز صنوف من الجمال والوداع.

#2#

اختزل الحاج عمران، ذو السبعين عاما، كلمات بسيطة في وصيته التي أودعها أحد أبنائه قبل مغادرته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، معتبرا أو ممنيا النفس في أن تكون محطته الأخيرة، في رحلة حج انتظر أعواما عديدة لكي يجمع تكاليفها، ويكتب له أن يؤدي هذه الشعيرة.
''الكفن'' من أهم الحاجيات التي حرص الحاج عمران على اقتنائها، وأوصى مرافقيه أن يكفنوه به، وشدد على مطالبته على ذلك، والسر في هذا الإلحاح هو أن هذا الكفن قد اشتراه منذ ما يقارب الـ20 عاما، واحتفظ به ليكون رفيقه إلى الحج.
قد لا يجزم هذا الحاج بأن رحلته إلى الحج قد تكون المحطة الأخيرة في حياته، ولكن ما تناقلته قوافل الحج التي يجالسها بعد قدومها إلى بلاده ومنهية أداء الحج في كل عام، وقصص الذين يلقون حتفهم خلال الازدحامات البشرية في المشاعر المقدسة، أو تلك التي كانت تحدث في جسر الجمرات، والذي أصبح فيما بعد منشأة متعددة الطوابق، انتهت معها معاناة الازدحامات والموت المحقق، جعله يوقن أن رحلته إلى العاصمة المقدسة قد تكون هي النهاية.
يقول الحاج عمران ''دهشت عندما رأيت منشأة الجمرات، وبدأت أتساءل كيف لهذه المنشأة العملاقة أن تزدحم ويحدث فيها اختناقات تفضي إلى الموت، ولكن مرافقي أكدوا لي أن جسر الجمرات ذا الطابق الواحد، والذي كانت تحدث فيه الازدحامات وقصص الموت، قد هدم وأنشئ مكانه هذا الصرح العملاق من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين وبمبالغ طائلة جدا''.
وأضاف الحاج عمران، وعلامة البسمة تعلو محياه ''لقد أعددت العدة لملاقاة ربي في هذا المكان الطاهر، بل لا أخفيك أنني قد كتبت وصيتي، وودعت أهلي وأحبابي في بلدي، لكي آتي إلى هنا وأموت وأدفن في أطهر بقاع الأرض، ولكن جميع البوادر تشير إلى أنني سأعود - بإذن الله - إلى بلدي، لكي أستقبل استقبال الطفل الذي يخرج إلى الدنيا وهو خالي الذنوب والخطايا؛ كون من يحج حجة يطهره الله من الذنوب كمن ولدته أمه، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم''. وفي نهاية المطاف، استأذن هذا الحاج ذو الـ70 خريفا محاوريه، وانطلق يسير الهوينا في مشعر منى ليبدأ أولى خطوات حجه التي ستكون مريحة وسلسلة؛ كون الخدمات التي تقدم له ولأقرانه كفيلة بأن يؤدوا مناسك حجهم بكل يسر وسهولة.

الأكثر قراءة