أمن الحج .. مسؤولية المملكة ورسالتها
المملكة في كل عام حريصة على تجديد رسالتها إلى الحجاج بأن مسؤولية الدولة تجاه أمنهم ليست محلاً للمساومة، وأن خدمتهم تاج لهذا الوطن وواجب يتشرّف به، وقد ثابرت المملكة على القيام بواجبها هذا على نحو شهد له العالم بالجدارة سواء في حماية المشاعر والحجيج والمناسك أو حفظ جانب المصالح الدنيوية من منافع مشروعة للناس كافة، ومن هذا المنطلق ترفض السعودية رفضاً قاطعاً استغلال موسم الحج، بأي صورة كانت، فالحج الصحيح لا رفث فيه ولا فسوق.
ومع أن المملكة لم تنتظر من أحد جزاء ولا شكورا على قيامها بواجبها، مستعينة على أداء هذه المهمة الجليلة بالله - سبحانه وتعالى - ثم بسواعد أبنائها من رجال الأمن والقائمين على الخدمات في الوزارات المعنية في تسخير كل ما لديها من إمكانات لأداء هذا الواجب، إلا أنها في الوقت نفسه تؤكد الالتزام بالأحكام الشرعية وأنظمة الدولة والتعليمات الإدارية، لا تفرق في ذلك بين مواطن أو حاج وافد.
ورغم التنسيق مع دول العالم الإسلامي، في ضوء الزيادة المطردة في أعداد الحجاج إلا أن ثمة بعض الإشكاليات التي تصاحب الحج مثل تخلف الحجيج وبقاء بعض المعتمرين إلى ما بعد موسم الحج، ما ينجم عنها صعوبات لمعالجة الوضع المترتب عليها، تنصب أعباؤها على الأجهزة الأمنية السعودية دون أن يكون ذلك في حساب البعض ممن دأبوا على التقليل من مستوى خدمات الحج في بعض وسائل الإعلام، التي عهدناها تختلق وتترصد أقل حادث مهما صغر حجمه أو انعدمت أهميته، لتحويله إلى تشهير يتلاشى بمجرد معرفة حجم العناية والاهتمام ممن شهدوا المناسك أو خبروها.
لقد اكتسب رجال الأمن السعودي تجربة وخبرة عالية في التعامل مع الاحتمالات الطارئة وغيرها في موسم الحج، يؤدونها بممارسة احترافية جاءت نتيجة التخطيط والتنظيم والتأهيل المدروس من قبل القيادة الحكيمة التي تعطي توجيهاتها بأن الوقاية خير من العلاج، وأن التوعية والتحذير والحيلولة دون حدوث عمل ضار هي أفضل الطرق لبث الاطمئنان والسكينة والشعور بالأمن وعدم التأثير في روحانية العبادة والنسك في المشاعر المقدسة.
وإذا كان النظام الإيراني لم يكف عن استهداف المملكة والخليج العربي وبلدان أخرى في المنظومة العربية، بل الآسيوية، وبرهن على سلوك عدائي لم يراع فيه معتقداً ولا جواراً ولا أسس العلاقات الدبلوماسية الدولية حتى بلغ به حد الرعونة التخطيط لاغتيال سفير المملكة في واشنطن، في مؤامرة أثارت عاصفة عالمية من الإدانة والاستنكار، مثلما كان قد استهدف مواسم الحج بمواد متفجرة وبأعمال شغب شاذة عن روحانية هذا الدين القويم، فإنها لحماقة أن تسوّل له نفسه أن يسعى إلى الشر من خلال استغلاله مناسبة دينية مقدسة كالحج، الذي نحن على مسافة أيام معدودة منه.
إن مهمة التغلب على المصاعب وتذليل العقبات وتوفير الراحة والأمن والاطمئنان هدف تكرّس له الدولة كل الجهد ميدانياً ومادياً ومعنوياً وتسعى معه إلى الارتقاء بكل خدمات الحج الصحية والأمنية والتعامل مع الحوادث والأخطار بما تستحقه من مواجهة وحزم دون أن يخل ذلك بإنسانية التعامل ومراعاة ظروف الحجاج ومتطلبات النسك. وحتماً فإن هذا الجهد المكرّس لسلامة الحجاج وأمنهم، هو في الوقت ذاته مكرّسٌ لسلامة الوطن وأمنه من عبث العابثين أو دسائس الكائدين .. ولا تهاون في الحالين معاً.