Author

انكشاف العلاقة الإيرانية بـحركة طالبان بعد حضورها مؤتمرات طهران

|
لا جديد في مؤتمرات طهران الدولية هذا العام، التي تعقد في إيران وعلى رأسها المؤتمر الأول للصحوة الإسلامية، الذي عقد في أواسط أيلول (سبتمبر) الماضي، والثاني مؤتمر نصرة فلسطين، الذي عقد في أوائل تشرين الأول (أكتوبر)، حيث لا بكاء وعويل محمود الزهار وزير خارجية حماس المقالة وهو يعانق الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي أثار دهشة المتابعين، ولا كلمة الوفد المصري المشارك في المؤتمر، الذي وصفت كلمته بأنها الكلمة النارية على الإطلاق، ولا كلام مشعل الروتيني عن تمسك حماس بمبدأ المقاومة، تشكل مفاجأة طهران لهذا العام، ولا التوجّه الإيراني المعادي للسلطة الفلسطينية وتبنيها مشروع حماس والجهاد يشكلان المفاجأة، ولا حتى حضور ممثل عن شباب الثورة المصرية - ثورة يناير، فيه غرابة لأحد لما تربط الإخوان بنظام طهران من قرابة وصلة رحم. لكن ما يثير الدهشة والغرابة معاً حضور ممثلين عن طالبان في هذه المؤتمرات الإيرانية التي تحولت إلى القنبلة الإعلامية التي تفجرت في الصحف ووسائل الإعلام ولم تنته بعد شظاياها الخبرية، فبعدما شرّعت طهران أبوابها لقادة من طالبان اكتظت الصحف بالتحليلات حول توجه النظام الإيراني القادم والرسالة التي تنوي توجيهها للغرب ودول المنطقة وعلى رأسها دول الخليج، وعجت وسائل الإعلام الغربية عن فحوى رسالة طهران من خلال حضور طالبان فيتساءل البعض: هل حضور طالبان يعني أن قراءة الفاتحة بين الطرفين على تحالف جديد وخطير في الوقت نفسه بين السلفية الجهادية والنظام الحرسي الإيراني بات على الأبواب كي تشعل المنطقة برمتها بعدما باتت تنذر بإشعال فتيلها في مناطق شيعية في الخليج واليمن أم أنها مجرد رسائل تتبادلها الدول بصورة طبيعية؟ القول إن إيران تحاول إشعال المناطق الشيعية في المنطقة ليس ذلك محاولة منا لإلصاق تهمة العمالة لمن يحاولون من الشيعة في دول الخليج وغيرها ممارسة حقوقهم المشروعة، لكن بيت القصيد تحريك بعض العصابات من قبل طهران خدمة لأجندتها المشؤومة التي لا تمت بالحركة المطلبية العربية لا من قريب ولا من بعيد بصلة، مربط الفرس الذي يجب على الشيعة الذين تكشف لهم دور طهران المدمر في مناطقهم أن يعوه قبل غيرهم. يعتبر عدد من المتابعين الغربيين على رأسهم أرنسيتو لاندينو أن حضور طالبان في مؤتمر طهران بمنزلة اعتراف رسمي بهذه الحركة ومن ثم القاعدة من قبل ملالي إيران ريثما تخرج قوات النيتو بقيادة الولايات المتحدة من أفغانستان وتمهيداً للتعامل معهم بشكل موسّع. فيرى أرنيستو أن المسؤولين الإيرانيين كانوا على وشك عقد لقاء ثلاثي بينهم وبين مسؤولين من طالبان وبرهان الدين رباني خلال مؤتمر الصحوة الإسلامية، الذي عقد في أواسط أيلول (سبتمبر) الماضي وحضره برهان رباني الذي اغتيل أخيرا على يد مسلح يدعي أنه من طالبان، ومن بين الذين حضروا اللقاء التمهيدي للاجتماع الثلاثي بين رباني رئيس مجلس السلام الأفغاني الممثل للحكومة الأفغانية وطالبان وطهران، لكن ألغي هذا اللقاء لأسباب غير معروفة، وبعد فترة وجيزة لا تتجاوز الأيام اغتيل رباني، ويبدو أن هناك علاقة بين كل ما حدث في أيلول (سبتمبر) وما تبعه في تشرين الأول (أكتوبر) في طهران بين طالبان ونظام الملالي. لقاء طالبان في طهران أثار الكثير من دهشة الذين فوجئوا بمستوى العلاقة الوطيدة التي تربط كلاً من طالبان والنظام الإيراني، ولم يصدق أحد هذه العلاقات لولا حضورهم بهذا المستوى في مؤتمر نصرة فلسطين، الذي أرادت سلطات طهران أن تقطف منه ثماراً لم يتنبأ بها أحد، فقد كان يعتقد الكثيرون أن مستوى العلاقات بين طالبان ونظام الملالي تدهورت منذ التسعينيات من القرن الماضي، ولم تؤخذ بالتحذيرات الأمريكية المتواصلة من مدّ طهران طالبان بالسلاح وشبكة معقدة من العلاقات الثنائية على محمل الجد. فبعد ظهور طالبان للعلن في طهران بدا واضحاً حجم هذه العلاقات، وكذلك فإنّ الإيرانيين اتخذوا قرارهم بالمصالحة الرسمية مع هذه الحركة بعدما شعروا بالمستوى الكبير والدور القادم الذي لا يمكن لأحد أن يتجاهله لهذه الحركة في حدودهم الشرقية، حيث أوشكت هذه الحركة تعد العدة لخروج الأمريكيين من أفغانستان لتولي مهامها هناك. ترى صحيفة ''واشنطن بوست'' نقلاً عن أحد مرافقي برهان الدين رباني الرئيس الأفغاني السابق، الذي تعرض لعملية اغتيال قبل أيام عدة، والذي كان عائداً إلى بلاده من مؤتمر الصحوة في طهران، أن المسؤولين الإيرانيين كانوا يعقدون العزم والأمل في الوقت نفسه للتقريب بين طالبان ورباني، فدعوة طالبان من جهة والقضاء على منافس شرس مثل رباني من جهة أخرى يحددان معالم التخطيط الإيراني المستقبلي الخطير في بلد مثل أفغانستان، وخططهم القادمة لإشعال فتيل القتل والدمار عبر دعم الفصائل المتطرفة تنذر بالخطر القادم للمنطقة. يرى مايكل سمبل الخبير في الشأن الأفغاني أن إيران باتت تؤمن بأنها صاحبة الحل والعقد في منطقة الشرق الأوسط، فهذا الدور الإيراني يتوسع يوماً بعد يوم على حساب التراجع في الدور الأمريكي، وكان آخره فشل الأخيرة في تقريب وجهات النظر وعقد لقاء بين باكستان وأفغانستان في حين تنجح طهران في لم شمل من على شاكلتها في المؤتمرات التي تعقدها تحت أسماء عدة. لكن طهران وعلى لسان صحيفة المرشد ''كيهان'' لها رأي آخر، حيث تحمل اغتيال رباني إلى طرف آخر رغم أن طالبان اعترفت بعملية الاغتيال، وتقول إن كل المؤشرات تشير إلى أنها مؤامرة في وضح النهار (بعدما استشاط الغيظ واستحوذ القلق على أمريكا وحلفائها الغربيين في المنطقة) من النجاح اللافت الذي حالف مؤتمر الصحوة الإسلامية في طهران. ولا تذكر الصحيفة شيئا هذه المرة بخلاف سابقاتها عن مسؤولية طالبان شيئاً، بل تشرح مؤشرات الاغتيال مثل: 1- المحل الذي وقع فيه الحادث هو بيت الشهيد برهان الدين رباني، في شارع وزير محمد أكبر خان في إحدى المناطق المعروفة في كابل، وهو قرب السفارة الأمريكية المحصنة أمنيا إلى كيلو مترات عدة، ومضروبة بطوق من القوات الأمريكية. 2 - كان رباني من الشخصيات المهمة المدعوة إلى مؤتمر الصحوة الإسلامية في طهران، ولحضوره أهمية فائقة نظرا لتاريخه الجهادي ومكانته العلمية. 3 - بعد أن حضر ممثلا طالبان بيت الشهيد فإن رجال الحماية كانوا مطمئنين من أنهم قد مرا بنقطة تفتيش أمريكية محكمة، ورغم ذلك فهم أرادوا أن يفتشوهما مرة أخرى. إلا أن شخصين، وهما أعضاء في المجلس الأعلى للسلام برئاسة رباني، أقنعا رباني ورجال حمايته بأن هذين لا يمكنهما العبور دون أن يفتشهما الأمريكان، ومن جانب آخر فهما ممثلان لحركة طالبان، لذا فإن تفتيشهما بمنزلة إهانة للحركة. هذا الكلام جعل رباني وحمايته يتراجعون عن فكرة تفتيش هذين العنصرين. فهل يمكن أن يفسر لنا النظام الإيراني من هم الذين حضروا مؤتمر طهران عن حركة طالبان؟ وما علاقة الحركة باغتياله؟ وكيف وصلت معلومات دقيقة ومفصلة لصحيفة المرشد ''كيهان'' عن الاغتيال - يمكن للقارئ مراجعتها http://www.kayhanalarabi.ir/900703/f5.htm - بهذه الدقة؟ وكيف لها أن تجزم دون وثائق؟ وماذا يدبر النظام الإيراني للمنطقة برمتها في المرحلة القادمة من خطط خبيثة في الخليج العربي والعراق وفلسطين وأفغانستان وصولاً إلى مصر والسودان؟ أم أننا فعلاً أمام مرحلة خطيرة ودقيقة يمكن أن تفجر بها إيران المنطقة كلها إذا تجاهل العرب مخططات طهران مثلما يفعلون الآن.
إنشرها