Author

بلادنا.. ومواجهة الحرب القذرة

|
شابٌ لم يبلغ الثامنة عشرة بعد، كان يتحدث عن المخدرات وأنواعها، وكيف تتم تجارتها، وكيف يُستهدف طلابُ المدارس، لجرهم إلى هذا الوباء القاتل، كان ذلك الشاب وهو يروي قصته لبرنامج في إذاعة الرياض يوم الثلاثاء الماضي، يتحدث حديث الخبير، ويشير كيف أن تجربة تعاطي المخدر قادته ليصبح مدمناً ثم مروجاً، لينتهي به المطاف بين يدي العدالة. ذلك الشاب وأمثاله كثيرون، أنموذج لما وصلت إليه حال من وقعوا في براثن هذا الداء القاتل، الذي لا يقتصر خطره على قتل صاحبه، بل ويدمر المجتمع في أهم مكوناته، وهم الشباب، ذلك الشاب وغيره ضحية تجارة قذرة، وضعت بلادنا هدفاً لها، بحثاً عن المال، وسعيا لتدمير المجتمع. بين تجارة المخدرات والإرهاب رابط قوي، فأموال المخدرات تمول الإرهاب، وهي جزء من الحرب القذرة على المجتمعات، وبلادنا مستهدفة بهذه الحرب، سواء عن طريق المخدرات، أو عن طريق الإرهاب، وقد نفاجأ يوماً من الأيام أن من يقف خلفهما عدوٌ واحد. ومن المؤسف أنه لا يكاد يمر شهرٌ دون أن يُعلن عن القبض على عصابة تقوم بتهريب المخدرات والمؤثرات العقلية بمختلف أنواعها، بل وتستخدم كل الوسائل في سبيل تهريبها، بما في ذلك الطائرات الشراعية، حتى أصبح ما يُضبط في بلادنا من مخدرات يمثل نسبة كبيرة مما يُضبط في العالم ككل. وما كشف عنه المتحدث الأمني في وزارة الداخلية اللواء منصور التركي يوم أمس الأول من أن الجهات الأمنية المختصة تمكنت خلال الأربعة أشهر الماضية من القبض على 475 متهماً من 26 جنسية لتورطهم في جرائم تهريب ونقل واستقبال وترويج مخدرات تقدر قيمتها السوقية بـما يزيد على مليار و710 ملايين ريال، ونتج عن مواجهة هذه العمليات استشهاد العريف ماجد من مبارك محفوظ الرحماني وإصابة ثمانية آخرين من رجال الأمن، دليلٌ على هذه الهجمة الشرسة على بلادنا، من دول ومنظمات وعصابات ترعى هذه التجارة. لقد أصبح من المؤكد أن هناك دولا أدخلت المخدرات سلاحاً في حربها ضد بلادنا، وأصبح هذا السلاح الفتاك يدار عبر أجهزة ومنظمات تبدو من الخارج بألا علاقة لها بتلك الدول، في حين هي جزء من منظومة تخدم مصالح تلك الدول، وتوجه نحو دول تقف حجر عثرة أمام مخططاتها، فيتم استخدام سلاح المخدرات لتحقيق أهداف سياسية وأمنية واقتصادية، عبر إنهاك البلد في أبنائه واقتصاده وأمنه. ومواجهة هذه الآفة الخطيرة تحتاج إلى الكشف عمن يقف خلفها، وبيان ما تقوم به بعض المنظمات والدول من أعمال لإغراق بلادنا بالمخدرات، كما تحتاج إلى إعادة النظر في أسلوب التحذير من المخدرات، وأن يكون هناك تكامل بين الحملات الإعلامية، بحيث يستفاد منها عبر كافة وسائل الإعلام، لا أن يكون كل قطاع مستقل بجهده، وأن يُعلن عن العقوبات وتعرض صورُ ضحايا المخدرات عبر وسائل الاتصال التي تصل إلى الشباب، ومنها خدمة البلاك بيري ومواقع الفيس بوك والتويتر، فهذه أسرع انتشاراً وأكثر تأثيراً.
إنشرها