Author

تجاهل النظام الإيراني يدمر البيئة في منطقة الخليج العربي

|
دعت منظمة الصحة العالمية في بيان لها في 26 أيلول (سبتمبر) 2011 إلى تحسين نوعية الهواء في المدن للحفاظ على الصحة بعدما تبين ''أنّ تلوّث الهواء بلغ في كثير من المدن مستويات تهدّد صحة الناس. تقول المنظمة الدولية في مجموعة بيانات أصدرتها بهذا الخصوص أخيرا، مستقاة من نحو 1100 مدينة تقع في 91 بلداً، حسبما تشير المنظمة، إنّ تقديراتها تؤكد وجود أكثر من مليوني شخص يقضون نحبهم كل عام نتيجة استنشاق جسيمات صغيرة موجودة في الهواء الداخلي والخارجي. والجدير بالذكر أنّ الجسيمات PM10، وهي الجسيمات التي يبلغ قطرها 10 ميكرومتر أو أقلّ من ذلك، ويمكنها النفاذ إلى الرئتين ودخول مجرى الدم، قادرة على إحداث أمراض القلب وسرطان الرئة والربو وأنواع العدوى الحادة التي تصيب الجهاز التنفسي السفلي. وحدّدت مبادئ منظمة الصحة العالمية التوجيهية الخاصة بنوعية الهواء المتوسط السنوي الذي لا ينبغي تجاوزه فيما يخص تلك الجسيمات وهو يبلغ 20 ميكروجراماً في المتر المكعّب، لكنّ البيانات الصادرة اليوم تبيّن أنّ ذلك المتوسط بلغ في بعض المدن 300 ميكروجرام/م3. والمدهش أنّ إقليم الأحواز الواقع على الضفة الشمالية للخليج العربي والمحاذي مائياً للبحرين والكويت والسعودية والإمارات وقطر يأتي ضمن مواصفات التلوث الخطير وأكثر بقاع العالم تلوثاً - حسبما تشير المنظمة - نتيجة الانبعاثات الخطيرة الصادرة من الإقليم، ولعدة أسباب يتعمّد فيها النظام الإيراني تدمير البيئة في منطقة الخليج العربي، وفيما يلي مصادر التلوث حسبما تشير المنظمة: - كثيراً من ينشأ التلوّث بالجسيمات الدقيقة من مصادر حرق الوقود، مثل محطات توليد الطاقة والمركبات المزوّدة بمحركات. - ومن أهمّ العوامل التي تسهم في تلوّث الهواء الخارجي في المناطق الحضرية، في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء، وسائل النقل المزوّدة بمحرّكات والمصانع الصغيرة وغيرها من دوائر الصناعة، وحرق الكتلة الحيوية والفحم من أجل الطهي والتدفئة، فضلاً عن محطات توليد الطاقة باستخدام الفحم. ومن العوامل المهمة الأخرى التي تسهم في تلوّث الهواء، ولا سيما في المناطق الريفية أثناء الأشهر الباردة، حرق الحطب والفحم لأغراض التدفئة. - إن تركيز الجسيمات الدقيقة العالقة في الأحواز بلغت 372 ميكروجراما في المتر المكعب بينما في'' أولان باتور ''عاصمة منغوليا وصل إلى 279 ميكروجراما في المتر المربع وهذا يشير إلى الفارق الكبير والخطير في الوقت نفسه، الذي وصل إليه التلوث في الأحواز. - تسبب تلوث الهواء الناجم عن ملوثات شركات كيماوية وبتروكيماوية ونووية في الأحواز بدخول آلاف الأشخاص من الأحوازيين إلى المستشفيات - وفقما تأكده الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية هناك. لم تبد السلطات الإيرانية كالعادة أية ردود أفعال حيال تقرير هذه المنظمة الدولية المعروفة بنزاهتها ومصداقية تقاريرها رغم الصدى الواسع الذي لقيه الخبر في وسائل الإعلام الإيرانية، سوى تصريح غريب من قبل مسؤول رفيع في وزارة الصحة الإيرانية يعكس مدى استهتار الوزارة المعنية بصحة الإنسان بمتابعة تقارير خطيرة كهذه، حيث يقول مساعد وزير الصحة علي رضا مصداقي نيا، لوكالة فارس للأنباء التابعة للحرس الثوري: ''من نشر خبرا كهذا؟ أنا أسمع للمرة الأولى بمثل هذا الخبر! كنت في إجازة ولم أطّلع أصلاً على مثل هكذا تقرير ولا علم لدي بمثل تقارير كهذه!''. لكن الطريف أنّ تقرير الصحة العالمية الذي يتزامن مع فشل وزارة الصحة الإيرانية في تبرير الانتكاسات الخطيرة والإهمال المدمر للبيئة في المناطق التي تقطنها شعوب غير فارسية مع تصريحات خطيرة للرئيس للحفاظ على البيئة الذي اعتبر قضايا البيئة من أهم الأزمات التي تواجهها بلاده، فقبل أيام وليس أشهرا شهدت مدن ذات أغلبية تركية أذرية مظاهرات احتجاجية واسعة تندد بجفاف ثاني أكبر بحيرة في البلاد (أرومية) كادت تشعل فتيل أزمة الاحتجاجات في إيران من جديد لولا قمع السلطات لها بسرعة فائقة. إضافة إلى التلوثات البيئية التي تشهدها المنطقة، والأحواز على وجه الخصوص تعاني حالة الغبار الكثيف أثناء الصيف مصطحباً معه ذرات في غاية الخطورة على صحة الإنسان أغفلها تقرير منظمة الصحة، لكن الكثير من الخبراء في البيئة يعتقد أن أهم أسباب تصاعد ظاهرة الغبار في منطقة الخليج في السنوات الماضية، إضافة إلى التصحر نتيجة الحروب التي شهدتها المنطقة وعلى رأسها حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران، وكذلك الجفاف هو تواطؤ النظام العراقي الجديد مع نظام الملالي لتدمير البيئة الخليجية والقضاء على الضرع والحرث في المناطق العربية في الأحواز ودول الخليج العربي، ويتساءل هؤلاء: إذن لماذا كان النظام الإيراني يتعاون مع حكومة صدام حسين في رش الصحاري بالزفت عبر طائرات زراعية ولم يقم بهذا منذ سقوط النظام العراقي السابق رغم العديد من المطالبات والتحذيرات وتقديم الصحة العالمية القروض لإيران للقضاء على التلوث؟! لم يخط النظام الإيراني خطوة واحدة من أجل تحسين وضع البيئة، بل حرص على تدميرها عاماً بعد عام رغم أنّ الدول الإقليمية الأخرى مثل ''تركيا ، السعودية و...'' خطت خطوات في إطار الحفاظ على البيئة ووقعت اتفاقيات عدة للعمل البيئي المشترك، فعلى سبيل المثال بادرت تركيا والسعودية برئاسة الصحة العالمية بمبادرة اشتركت فيها سورية والعراق من أجل القضاء على التصحر في السنوات الماضية، وكذلك بذل الكثير من الجهود من قبل بعض الدول في الشرق الأوسط للحفاظ على المياه وزيادة ميزانياتها للحفاظ على البيئة، لكن رغم ذلك ظلت إيران تتفرج وتقضي على ما تبقى من نخيل في الأحواز عبر تلويث المياه والسماء والأرض بملوثات عدة مثل (البتروكيماويات، مشروع قصب السكر الملوث للمياه، المفاعلات النووية الكارثية على البيئة و...)، وليس فقط أنها لم تشترك في مثل هذه المبادرات الرامية لإنقاذ البيئة من مخاطر جسيمة وحسب، بل إنّ الحكومة الإيرانية التي هي معنية أساسا بسبب دورها السلبي في القضاء على البيئة قامت بالقضاء على ما تبقى من مصادر تنقية البيئة. من هنا بات لزاماً على جميع المؤسسات في دول الخليج العربي وحرصاً منها على بيئتها وشعوبها التقدم إلى ''الصحة العالمية'' والمحكمة الدولية للنظر فيما يقوم به النظام الإيراني من جرائم ضد البيئة والمخلوقات الحية في الخليج العربي بسبب الملوثات التي تنهال في الخليج من الساحل الإيراني، وعدم التسامح مع هذا النظام الذي لا يكترث بمقدرات الأجيال القادمة عبر العبث بالبيئة، فالكل مسؤول أمام هذا التطور الخطير، أعني بالكل الأفراد والمؤسسات البيئية في المنطقة والعالم والنشطاء للعمل من أجل إنقاذ ما تبقى من مقدرات الأجيال، وألا يعتبر هذا التقرير الصادر من قبل أكبر مؤسسة معنية بالصحة؛ منظمة الصحة العالمية، أنّ ناقوس الخطر فات أوان دقه بالنسبة للصحة وللبيئة معاً؟! فمتى إذن، نحن سننقذ أنفسنا وشعوبنا ومنطقتنا من مجرم خطير كهذا وجميع الأدوات اللازمة لمقاضاته أمام أيدينا متاحة ولا نحتاج سوى تضافر الجهود والعمل المخلص خدمة لمنطقتنا وحباً لبيئتنا وأرضنا ورفقاً بأنفسنا قبل كل شيء، والتقدم بها كمعيار للمؤسسات الدولية المعنية بالبيئة وبالإنسان معاً.
إنشرها